فايننشال تايمز″: لهذا تدخل ملك السعودية لإلغاء خطة نجله لطرح أسهم “أرامكو”
علق الكاتب ديفيد غاردنر في صحيفة “فايننشال تايمز″ على تعليق أو وقف خطط وضع أسهم من شركة النفط السعودية العملاقة (أرامكو) في البورصة. ويعتقد غاردنر إنها تعد ضربة لولي العهد. وقال إن قرار وضع الخطة على الرف هو “صدمة أكثر من كونها مفاجأة”.
ورغم الاحتجاج من الحكومة إنها أجلت الخطة بدلاً من التخلي عن العرض الأولي في البورصة إلا أن الملك سلمان على ما يظهر تجاوز ولي عهده الأمير محمد العنيد. فقد تم تقديم بيع نسبة 5% من أسهم الشركة باعتباره أكبر طرح للأسهم من نوعه. وكان الطرح مركزًا للمشروع الذي طرحه ولي العهد “رؤية 2030″ لتحويل السعودية من دولة نفطية إلى دولة قطاع خاص واقتصاد استثماري لا يعتمد على النفط.
و “لا شك ان انهيار خطة الطرح تعد ضربة لمكانته، فقد كان ولي العهد هو الذي تسبب بما حصل. وهو الذي أصر على تقييم الشركة بقيمة تريلوني دولار وهو ما رأه الكثير من المحللين تقييماً غريباً” بالإضافة للعديد من المعوقات مثل زيادة التدقيق ومتطلبات الكشف والتي عادة ما ترافق الطرح العام وتدقيق صارم لاحتياطي النفط والغاز الطبيعي والذي عادة ما يزيد من قيمة الشركة بل ومخاطر دعاوى قضائية ضد السعودية لتواطؤها في هجمات نيويورك وواشنطن الإرهابية في أيلول (سبتمبر) 2001. لكن فريق محمد بن سلمان مضى في الخطة دونما اهتمام بهذه العراقيل. ولم يتوقف نقاد الطرح العام عن نقدهم خاصة داخل العائلة المالكة. فأرامكو ليست فقط شركة نفط فقط بل لها دور في التعليم والصحة والبناء.
فمركز مكافحة التطرف الذي افتتحه الملك سلمان في الرياض العام الماضي مع الرئيس دونالد ترامب، بنته بسرعة الشركة. ومن هنا يتساءل النقاد عن سبب التخلي عن مؤسسة لا تقدر بثمن ومركز قوة من أجل حفنة من المال يمكن تحصيلها في الأسواق. لكن ليس هذا هو ما يحدث فهيئة الاستثمار العام تستقرض ويجب على شركة أرامكو الاقتراض لشراء الأسهم التي تملكها في شركة البتروكيماويات “سابك”. ويناقش بعض المثقفين السعوديين أن دفعة الإصلاح التي يقف وراءها محمد بن سلمان وتركيز المثير للجدل السلطة بيده تعمل على إضعاف أعمدة السلطة التقليدية في المملكة ولهذا تحتاج العائلة إلى رصيد حقيقي وبقدرات واسعة مثل “أرامكو”. وبالنسبة للملك سلمان البالغ من العمر 82 عاماً فالمضي في إجراءات الطرح ربما كان خطوة بعيدة له حيث سيتذكر بأنه الرجل الذي باع “جوهرة التاج” الذي تملكه العائلة.
واتخذ الملك سلمان موقفاً قوياً ضد قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها، بشكل أنهى آمال الفلسطينيين بدولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية المحتلة. وأعطى بن سلمان الأمريكيين والإسرائيليين انطباعاً بأنه يدعم الخطة كجزء من “صفقة القرن” لحل الأزمة والضغط على الفلسطينيين لقبولها. وكشف موقفه عن فهم قليل لمصادر الشرعية السعودية حيث تعتمد العائلة المالكة على حراستها للأماكن المقدسة في مكة والمدينة. ومن البديهي أن يكون منح إسرائيل حق السيطرة الكاملة على القدس التي تعتبر مهمة للمسلمين والمسيحيين واليهود أيضاً- بمثابة اللعب بالنار.
وعقد الملك سلمان في شهر نيسان (إبريل) مؤتمراً للجامعة العربية تحت عنوان “قمة القدس″ وتبرع بـ 200 مليون دولار للأوقاف الإسلامية في المدينة المقدسة ووصف فلسطين بالقضية المنقوشة في ضمير الشعوب العربية. وربما أراد الأمير بن سلمان أن ينتهي الموضوع حتى يركز على المستقبل لكن آل سعود لا يمكنهم تجاهل الماضي. وقد يكون تخلى عن بناء الإجماع بين أجنحة وإقطاعيات العائلة المتنافسة لكن والده الذي تعتمد كل السلطات التي جمعها بيده عليه يظل مركز التوازن الآن. وما قام به الملك هو عمل من الدرجة الأولى ليظهر صدارة السياسة للعائلة وليس الفرد.