تمكين الشباب على رأس اهتمامات العاهل المغربي
رؤية سياسية ثابتة
أعطى العاهل المغربي الملك محمد السادس أهمية كبيرة للشباب في ذكرى ثورة الملك والشعب، الاثنين، إذ حث الحكومة على الإسراع في إيجاد حلول لمشكلة البطالة وتمكين هذه الفئة. كما أكد الخطاب على أن الرباط ثابتة بشأن رؤيتها للعملية السياسية التي تهدف إلى حل النزاع المفتعل حول إقليم الصحراء المغربية.
تصدر الاهتمام بالشباب أبرز المواضيع التي تناولها العاهل المغربي الملك محمد السادس في الخطاب الذي ألقاه في عيد ثورة الملك والشعب. وحث الملك محمد السادس الحكومة على التحرك بسرعة وكفاءة لتطويق مشكلة البطالة في صفوف الشباب.
وأكد على ضرورة تمكين الشباب من الفرص والمؤهلات اللازمة للقيام بدوره في المجتمع، ومن بينها الحق في التعليم والصحة والحصول على وظيفة. وقال العاهل المغربي “لكن قبل كل شيء يجب أن نفتح أمامه (الشباب) باب الثقة والأمل في المستقبل”.
وأعرب الملك محمد السادس، في الخطاب الذي ألقاه الاثنين، عن قلقه بسبب تواصل ارتفاع نسبة البطالة في أوساط الشباب مشددا على أنه “من غير المعقول أن تمس البطالة شابا من بين أربعة رغم مستوى النمو الاقتصادي الذي يحققه المغرب”.
وأشار إلى أنه رغم الجهود المبذولة والإجراءات الاقتصادية والاجتماعية “فإن النتائج المحققة تبقى دون طموحنا” في مجال توفير فرص عمل للشباب.
وشكلت مسألة الشباب محورا مركزيا في خطاب الملك محمد السادس بحسب خالد الشرقاوي السموني مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية. وأكد السموني، أن الخطاب حمل رسائل ذات دلالات استراتيجية موجهة إلى الحكومة والمؤسسات العمومية والسلطات المحلية والقطاع الخاص.
وكان من المنتظر أن يخوض خطاب الذكرى الـ65 لثورة الملك والشعب في قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية راهنة، لكن الشرقاوي يرى أن ذكاء الملك محمد السادس واستراتيجيته يتجاوزان تلك القضايا ويركزان على ما يجب تحقيقه لفائدة الشباب في الفترة القادمة. وشدد الملك محمد السادس على ضرورة إعطاء الأمل للشباب في المستقبل كي لا تكون الهجرة البديل الوحيد المتوفر أمامه في ظل عدم توفر فرص مناسبة له في المغرب. كما أكد العاهل المغربي على أهمية أن يكون النظام التعليمي منسجما مع متطلبات سوق العمل.
ولفت السموني إلى أن الخطاب الملكي ركز على مشكلة البطالة في أوساط الشباب وربطها بقصر منظومتي التعليم والتدريب على تحقيق نتائج طموحة، في ما يتعلق بتوفير المؤهلات والفرص التي تمكن الشباب من دخول سوق العمل والانخراط في الحياة العامة. وفي ذات السياق، صادق اجتماع وزاري ترأسه الملك، الاثنين، على قانون الخدمة العسكرية الذي كان قد توقف العمل به في العام 2007. ويأتي ذلك في وقت طالبت فيه الكثير من الفعاليات بتأهيل الشباب المغربي عسكريا لمحاصرة ظاهرة الانحراف وغرس قيم المواطنة والحقوق والواجبات لديه.
وأفاد السموني بأن “خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب شكل بالدرجة الأولى مرجعا استراتيجيا للحكومة والبرلمان والسلطات المحلية لوضع سياسات عامة واضحة المعالم في الميادين المرتبطة بالشباب”.
وكان ملف الصحراء المغربية حاضرا في خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب، باعتبار المستجدات الأخيرة المتعلقة بالإحاطة التي قدمها المبعوث الأممي إلى الصحراء هورست كولر ودعوته لبدء مفاوضات في الأشهر المقبلة.
وأكد الملك محمد السادس على أن المغرب يواصل بكل ثقة والتزام “انخراطه في الديناميكية التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة، بالتعاون مع مبعوثه الشخصي، بخصوص قضية الصحراء، وذلك على أساس نفس المرجعيات التي حددناها في خطاب المسيرة الخضراء الأخير”. وأشار إلى أن “القرارات الأخيرة لمجلس الأمن الدولي، ولقمة الاتحاد الأفريقي، تؤكد، بما لا يدع مجالا للشك، الاختصاص الحصري للأمم المتحدة في رعاية المسار السياسي”. وأوضح نوفل بوعمري، الخبير في قضية الصحراء، أن الخطاب أكد بشكل حاسم أن المغرب له رؤية واضحة في العملية السياسية وكيفية إدارتها ومتطلباتها.
وشدد على أن الخطاب شكل رسالة واضحة إلى المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، مفادها أنه إذا كان يريد تقديم مقترح حول إجراء مفاوضات مباشرة فيجب أن تكون في إطار رؤية الرباط.
وشدد الملك محمد السادس على أن “المغرب مرتاح للانسجام بين مبادئه والمواقف الدولية”، كما شكر القادة الأفارقة الذين تفاعلوا بإيجاب مع المواقف المبدئية للمغرب، وتجاوبوا مع نداء مجلس الأمن الدولي الذي دعا أعضاء المنتظم الدولي إلى دعم جهوده. ويرى السموني أن الرسالة المتعلقة بالصحراء، في خطاب الملك، ذات دلالات تاريخية وسياسية ورمزية إذ ذكّر الملك محمد السادس بالتزامه بالمشروعية الدولية.
وأكد العاهل المغربي على انخراط بلاده في الديناميكية التي أطلقها هورست كولر، والهادفة إلى إيجاد حل سياسي واقعي وعملي للنزاع المفتعل حول إقليم الصحراء المغربية.