المغرب متمسك بمقترح الحكم الذاتي لقضية الصحراء
وأوضح عمر هلال، الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، أن الاجتماع الذي عقد في بداية غشت الجاري بالأمم المتحدة لم يسجل أي تقدم في الملف، حيث اقتصر على الاستماع لإحاطة كوهلر، حول جولته الإقليمية في المنطقة نهاية يونيو الماضي، في الوقت الذي كشف فيه خلال الاجتماع ذاته عن أن عودة الأطراف المعنية إلى طاولة المفاوضات ممكنة نهاية العام الحالي.
ويريد المغرب مفاوضات مباشرة حول إقليم الصحراء بمشاركة الجزائر انطلاقا من إيمانه بأن المفاوضات مع الجبهة الانفصالية ليست إلا مضيعة للوقت لن تأتي بأي جديد.
وشدد المغرب على أن سقف ما يمكن أن يقدمه كحل سياسي لن يخرج عن مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه في العام 2007، وهو محل إجماع دولي بسبب مصداقيته، كما يعد بمثابة منظومة متكاملة تحمل مخططا تنمويا شاملا، وليس مجرد مشروع على الورق.
وسبق للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ومبعوثه الخاص الألماني هورست كولر، أن اقترحا تشكيل لجنة مصغرة من الخبراء القانونيين والسياسيين من الولايات المتحدة وبريطانيا إلى جانب دول أخرى، تبحث الجمع بين مقترح المملكة المغربية ومطالب جبهة البوليساريو بما تسميه تقرير المصير من خلال مشروع الكنفيدرالية، حيث يكون الإشراف على الأقاليم الصحراوية من اختصاص البوليساريو، بينما ستبقى الأقاليم الجنوبية تحت سيادة المغرب.
ونفت جبهة البوليساريو علمها بأي مقترح جديد لحل نزاع الصحراء، وأكد امحمد خداد، منسق التنظيم الانفصالي مع البعثة الأممية في تصريحات صحافية، أن جبهة البوليساريو لم تتلقّ أي اتصال لا من طرف المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية ولا من غيره حول أي اتفاق جديد، مشيرا بقوله إلى أن “هناك مجهودات حثيثة للبحث عن حل، خاصة من طرف الولايات المتحدة، وكذلك من طرف المبعوث الشخصي نفسه”.
ويعتقد متابعون أن الأمم المتحدة تحاول أن تهيّئ لأطراف النزاع أرضية مشتركة من أجل دفعهم نحو الجلوس على طاولة المفاوضات.
ويلفت رضا الفلاح، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ابن زهر إلى أنه إذا كان المقترح المتداول في هذا الشأن يتمثل في صيغة فيدرالية، فإنه يجدر التنبيه أولا إلى “مسألة جوهرية تتعلق بكون مسألة التقسيم الترابي وتغيير شكل الدولة هي شأن سيادي يخضع لإكراهات مرتبطة ببنية الدولة وتشكلها التاريخي، ومن هذا المنطلق فقط يمكننا تقييم وجاهة الطرح الفيدرالي وليس باعتباره ورقة لحل النزاع المفتعل”.
ورأى الفلاح أن الطرح الأممي رؤية قصيرة المدى. وشرح ذلك بقوله “هاجس دفع الأطراف إلى التفاوض لا يجب أن ينسي المجتمع الدولي والقوى الكبرى أن الأهم في ملف الصحراء هو إيجاد حل دائم يحقق شروط استقرار المنطقة ويجنبها التوترات”.
ومنذ توقف المفاوضات في العام 2012 تخرج قيادات البوليساريو في مناسبات عديدة بتصريحات تتوعد المغرب وتوحي للمنتظم الدولي بإمكانية إدخال المنطقة في دوامة من العنف واللااستقرار.
وتراهن جبهة البوليساريو على بعض المتنفذين داخل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب كجون بولتون، مستشار الأمن القومي اليميني المتشدد، المعروف بتعاطفه مع الأطروحة الانفصالية، بهدف الضغط لصياغة مبادرة أممية تمسّ السيادة المغربية.
ويرى الفلاح أن استغلال البوليساريو لنفوذ اليمين الأميركي المتشدد يخلق المزيد من التوتر ويدفع بالمنطقة نحو التقسيم وخلق أوضاع جديدة قابلة للاشتعال تكون ضحيتها دولتا المغرب والجزائر على حد سواء.
ويستبعد الباحث في شؤون الصحراء، نوفل بوعمري، أن تغير الولايات المتحدة موقفها السياسي. وقال بوعمري ليس هناك أي مستجد سياسي يستدعي تغيير واشنطن لموقفها، فهي من أعدت مسودة القرار الذي عرض للمناقشة ولم تحمل تحولا في الرؤية الأميركية لهذا النزاع المفتعل، وأشار إلى أن “النقاش الدائر حاليا يتعلق بكيفية تقريب الرؤى بين المغرب والأمم المتحدة حول إطلاق العملية السياسية وحول مقترح هورست بالدخول في مفاوضات جديدة”.
ويتحرك هورست كولر على كافة المستويات منذ تنصيبه لجمع الأطراف على طاولة الحوار، وأرسلَ دعوات رسمية إلى كل من المغرب وجبهة البوليساريو، باعتبارهما طرفين مباشرين في النزاع وإلى الجزائر وموريتانيا كدولتين مراقبتين في الملف، للعمل على استئناف المفاوضات في شهر سبتمبر المقبل.
وتم عقد آخر جولة من المفاوضات المباشرة بين المغرب والبوليساريو عام 2012، لكن الرباط تُطالب الهيئة الأممية بمباحثات مباشرة مع الجزائر باعتبارها طرفا رئيسيا في النزاع، وهي التي تدعم الجبهة ماديا وعسكريا ودبلوماسيا، ولم يستجب مجلس الأمن بعد إلى هذه الدعوة بشكل جدي ورسمي، في الوقت الذي سمحت فيه للمفوضية الأممية للاجئين بإجراء إحصاء لسكان مخيمات تندوف والوقوف على العدد الحقيقي للصحراويين هناك.
وموقف المغرب من قضية الصحراء المغربية “محسوم”، كما أوضح عمر هلال، الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، لافتا إلى أن إجراء أي جولة من المفاوضات حول هذا النزاع الإقليمي لا يمكن أن يتم من دون مشاركة الجزائر، باعتبارها طرفا رئيسيا، وأن أي حوار جدي يهدف إلى تحريك الملف لا يمكن أن يحدث إلا بحضور هذا البلد.