أضحية العيد تثير حملة بين وزارة الفلاحة في المغرب وحزب معارض اتهمها بـ«اختلالات مالية»
لم تكد قضية فساد الأضاحي في المغرب السنة الماضية تخمد بما أثارته حول تدبير وزراة الفلاحة والصيد البحري لأضاحي العيد، حتى أثار عيد الأضحى المقبل قضية أخرى تدبرها الوزراة، وهذه المرة حول عملية شراء أقراط يتم تثبيتها على آذان قطعان الماشية كلفت 24 مليون درهم (2 مليون و500 ألف دولار) إلى جانب 10 ملايين درهم لتشخيص الضيعات الفلاحية وقطيع الأغنام، وهو ما قال تقرير مثير للحزب اللبرالي يتحدث فيه عن شبهة «اختلالات مالية» تعرفها عملية الإعداد لعيد الأضحى: «العملية برمتها لا يمكن أن تتجاوز 10 ملايين درهم» .
وأثار التقرير جملة من الردود بين وزارة الفلاحة والصيد البحري من جهة والحزب اللبرالي في شخص أمينه العام المحامي المثير للجدل في المغرب، محمد زيان، من جهة أخرى. وكشف زيان في ندوة صحافية، يوم أمس الإثنين، في الرباط، نظمها الحزب عن «اختلاسات مالية « و»فساد» يشوب تدبير الوزارة لأضاحي العيد عارضًا وثائق عن تحويلات مالية لجمعية تشتغل في مجال اللحوم في مدينة بنسليمان الواقعة جنوب الرباط والغرفة الفلاحية، وأيضًا عن أرقام حول تكلفة أقراط بلاستيكية تضعها الوزراة بآذان المواشي علامة على جودتها الصحية.
وقال زيان في الندوة التي عرض فيها تقريرًا تحت عنوان «اختلاسات مرتبطة بعيد الأضحى»: «لقد وضعنا ملفًا كاملاً بين أيدي رئاسة الحكومة والنيابة العامة للمملكة ومفتشي وزراة الداخلية ووزارة العدل والحريات، وإن الأمر يقتضي فتح تحقيق وعدم إخفاء الجريمة « .
وكشفت الندوة عن بيانات فيما يخص ترقيم الماشية، وهي العملية التي اعتبرها زيان أنها تنم عن «إهدار للمال العام» تحت ذريعة حماية صحة المستهلك، نظرًا لما تكلفه الأقراط البلاستيكية التي توضع في آذان المواشي كدليل على المراقبة الصحية والجودة لخزينة الدولة من مبالغ مالية تفوق ما هو معقول، حسب ما أكدته الندوة من خلال استعراض أرقام محلية لتكلفة الأقراط ومقارنة ذلك مع كيفية تدبير العملية في دول أخرى كتركيا مثلًا .
وأكد بلاغ صادر عن الحزب اللبرالي أن «الأقراط البلاستيكة تكلف الدولة مبالغ مالية باهظة، إذ يبلغ ثمن القرط الواحد منها أربعة دراهم، في حين أنها تستورد بأقل من عشر دولارات للألف قرط من الصين، وهي أقراط لا تحتاج إلى صناعة أو عبقرية فيزيائية أو كيميائية، حتى توصف بالمتميزة والرائدة والفريدة في العالم الإسلامي»، وقال إن المسؤولين في وزارة الفلاحة رفضوا «التقيد بما يلزمهم القانون والنزاهة»، ما دفع بالحزب باللبرالي إلى الدعوة للندوة.
وانتقد زيان بحدة النيابة العامة، متهمًا إياها بالاهتمام بـ»الملفات الفارغة «عوض الملفات الصحيحة» التي يهدر فيها المال العام، قائلاً: «النيابة العامة أرسلت الشرطة القضائية لعفاف برناني (مصرحة رفضت الشهادة ضد توفيق بوعشرين) ولم تستطع إرسالها لمختلسي المال العام»، مضيفًا :« لماذا لا يفتح النائب العام تحقيقًا في القضية التي أثرناها للرأي العام حول الجمعية المشبوهة وتورط وزراة أخنوش ؟» ومخاطبًا النائب العام يقول زيان: «إذا لم تفتح تحقيقًا فأنت تشارك في التستر على هذه الجريمة».
وسارعت وزارة الفلاحة والصيد البحري في الرد على المعطيات التي كشف عنها الحزب اللبرالي ونفت «وجود أية تعاملات مالية متاحة بين الغرفة الفلاحية والفدرالية المهنية للحوم الحمراء، كما لا توجد أي علاقات مالية بين الغرفة الفلاحية والجمعيات المنضوية تحت لواء الفيدرالية، ما يجعل الحديث عن وجود أي تحويلات مالية بين الطرفين التي وردت في «التقرير» المذكور مغالطة كبيرة ولا يمكن أن يكون لها أي أساس». وأضاف بيان الوزارة أنه من السهل ضبط عدم ضبط الأرقام المقدمة في تقرير زيان من خلال ما قال البيان إن هناك «تناقضات صارخة على مستوى الأرقام التي تزعم الاتهامات أنه يتم تحويل أكثر من مليون درهم شهريًا إلى حساب إحدى الجمعيات، مما يصل لحجم تحويل سنوي يبلغ 12 مليونًا و40 ألف درهم سنويًا، وهو رقم من المستحيل التوصل إليه حسابيًا». يقول بيان وزارة الفلاحة معتبرًا مضمون تقرير زيان أنه «غير مدقق وغير موثوق وعبثي من حيث توزيعه لأرقام وهمية لا يمكن حتى تصور المنطق وراء اعتمادها» .
وحول ما أثاره تقرير الحزب اللبرالي بشأن تكلفة الأقراط، قال بيان وزارة الفلاحة إن التقدير الذي ذهب إليه التقرير حول ثمن اقتناء الأقراط والذي حدده في نصف درهم «لا وجود له في السوق»، معتبرًا أنه تقدير بدون «أي مبرر وأي ضوابط تقنية «، موضحًا أن «الأقراط المستعملة في عملية الترقيم يجب أن تمتثل لمجموعة من الضوابط والمواصفات المضمونة بشهادات جودة وتراخيص بيطرية ومواصفات مسجلة لدى الجمارك، لضمان السلامة الصحية للمستهلكين وللقطيع، وتفاديًا لأي تزوير وتقليد يمكن أن يفشل العملية».
وردًا على ما ورد في بيان الوزارة، تشبث زيان بما ورد في تقرير حزبه قائلًا في الندوة الصحافية: «إذا قدمت معلومات غير صحيحة فعلى الوزارة أن تتقدم بشكاية ضدي بتهمة التبليغ عن جناية أعلم بعدم حدوثها، وقد اعتاد الوزير عزيز أخنوش أن يقوم بذلك ضدي» مضيفًا: «نحن نبحث عن الحقيقة ومن حقنا أن نخطئ، وحينما نعتقد خطأ ربما بوجود شبهة اختلاسات في مال عام نعرض ذلك للرأي العام»، مشددًا على ضرورة أن تفتح النيابة العامة تحقيقًا في القضية المثارة.
وحذرت وزارة الفلاحة بأنها لن تسمح بـ»التبخيس من المجهودات التي بذلتها في عملية ترقيم الأضاحي»، معتبرة أن ما قام به الحزب اللبرالي هو «محاولة للتشويش عليها من خلال إطلاق ادعاءات مزيفة تخلو من أي سنـد أو دليل».