مافيات استولت على أراضي الدولة بالقنيطرة وحولتها لمقالع أمام أعين السلطات
خلال الأسابيع القليلة الماضية تداولت وسائل الإعلام على نطاق واسع خبر محاولة أحد النافذين تحويل قطعة أرضية كبيرة تابعة للدولة بجهة الغرب من ضيعة فلاحية إلى مقلع رملي عشوائي ضدا على القانون.
وتبين من خلال التحريات أن الضيعة المذكورة توجد على بعد 30 كلم شمال مدينة القنيطرة بالمنطقة المسماة “قاباة” مساحتها تتعدى 277 هكتار وتحمل الرسم العقاري رقم 25820/ر.
هذه الضيعة تم كراؤها من طرف مستشار جماعي سابق ببلدية القنيطرة وذلك في إطار الشطر الأول من عملية تفويت استغلال أراضي الدولة.
ومنذ الوهلة الأولى شرع المستغل في القيام بمحاولة أولى لإقناع السلطات الجهوية على صعيد جهة الغرب بضرورة إزالة الرمال من جزء من الضيعة ليتمكن من إنجاز مشروعه الفلاحي.
إلا أن جواب هذه السلطة كان هو الرفض على اعتبار أنها كانت تدرك أن المعني بالأمر يسعى إلى فتح مقلع رملي عوض إنجاز المشروع الفلاحي الذي كان موضوع تعاقده مع الدولة.
وقد بنت هذه السلطة رفضها هذا على اعتبارات موضوعية أهمها أن المستغل كان بإمكانه الشروع في إنجاز المشروع الفلاحي على الجزء الأكبر من الضيعة الذي لا تكسوه الرمال زيادة على أنه كان على علم بطبيعة تربة الضيعة قبل كرائها.
وأمام رفض السلطة الجهوية لطلب إزاحة الرمال من جزء من الضيعة ربط المعني بالأمر اتصالات بشخصيات نافدة واقترح عليها إشراكها في المشروع في حالة ما إذا تمكنت هذه الأخيرة من “إقناع” السلطات الجهوية بالسماح له بفتح مقلع عشوائي بالضيعة.
وبما أن العرض كان مغريا فقد أثار اهتمام شخصية نافدة قريبة من دوائر القرار والتي قامت بمساعي أولى لدى الوالي السابق على جهة الغرب عبد اللطيف بنشريفة.
ونظرا للمركز الاعتباري لهذه الشخصية فإن جواب الوالي كان ذكيا ولبقا حيث اقترح على ضيفه الدفع بالرمال الزائدة في اتجاه البحر على اعتبار أن الضيعة توجد على مرمى حجر من الملك العام البحري.
بعد ذلك بسنتين أي سنة 2008، تقدمت هذه الشخصية إلى المركز الجهوي للاستثمار بالقنيطرة بملف كامل يهم بصراحة هذه المرة طلب فتح واستغلال مقلع رملي بالضيعة المذكورة.
إلا أن هذا الطلب قوبل هو أيضا بالرفض لتتوالى بعد ذلك التدخلات كلما وقع تغيير على رأس هرم السلطة بالإقليم وترتفع حدة الضغوطات بعد أن أصبحت هذه الشخصية النافذة شريكا بحصة الأسد في المشروع.
ويبدو أن هذه التدخلات قد أعطت أكلها هذه السنة حيث أكدت مصادر موثوقة أن هذه الشخصية قد تمكنت بفضل نفوذها القوي من الحصول من عزيز أخنوش وزير الفلاحة والتنمية البشرية والصيد البحري والمياه والغابات على موافقة مبدئية لإزالة الرمال من جزء من هذه الضيعة التابعة لأملاك الدولة دون إطلاع الوزير على نية تحويل الضيعة إلى مقلع رملي عشوائي.
كما أكدت نفس المصادر أن هذه الشخصية النافدة قد ربطت الاتصال بوالي جهة الرباط سلا القنيطرة لإقناعه بمباركة عملية استغلال مقلع عشوائي بالضيعة التابعة للدولة وأن هذا الأخير بصدد البحث عن “تخريجة” لتلبية طلب هذه الشخصية دون السقوط في المحظور.
هذه المعلومات، التي يتداولها الشارع القنيطري بقوة، إن صحت ستضع المسؤولين الذين باركوا هذه العملية في وضعية جد حرجة على اعتبار أن الأمر يتعلق باحتيال واضح على القانون وبنوع مستفز من اقتصاد الريع يعتمد على استغلال النفوذ لتسهيل نهب ثروة عمومية.
كما أنه من المؤكد أن هذا الملف – الفضيحة سيعرف قريبا تطورات كبيرة على الصعيد المحلي وكذا على الصعيد الوطني وذلك نظرا للظرفية الحالية التي تعيشها البلاد والتي لا تحتمل أية خطوة غير محسوبة وليست في حاجة لفضائح جديدة أبطالها شخصيات نافدة تعتبر نفسها فوق القانون.
فمحليا قد يتسبب فتح مقلع عشوائي بالمنطقة في عودة الاحتقان إلى منطقة “قاباة” التي عاشت في الماضي القريب مواجهات عنيفة بين أبناء المنطقة وبين صاحب المشروع تطلبت تدخل كبير للقوة العمومية لإخلاء الضيعة التي احتلها أبناء القبائل المجاورة مطالبين بأحقيتهم في استغلال الضيعة فلاحيا.
أما وطنيا فإن هناك مؤشرات لخروج لجنة برلمانية لتقصي الحقائق حول عملية تفويت استغلال أراضي الدولة وما شابها من خروقات وحول بعض الحالات الشاذة التي تماطل فيها المستغلون في إنجاز المشاريع الفلاحية التي تعهدوا بها كحالة هذه الضيعة بجهة الغرب.
وأفادت مصادر برلمانية أن برلمانيون يمثلون أحزاب وازنة سبق وأن تقدموا بأسئلة إلى القطاعات الحكومية المكلفة بتدبير ملفات تفويت استغلال أراضي الدولة وذلك للحصول على أجوبة واضحة تمهيدا لخروج اللجنة البرلمانية التي قد تكشف حقائق محرجة بخصوص استعمال النفود من طرف شخصيات وازنة للحصول على امتيازات يحرمها القانون.
زنقة 20