المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية يسعى لاستئناف المفاوضات
يعتزم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء هورست كولر تقديم دعوات رسمية من أجل بدء المفاوضات في شهر سبتمبر القادم، إلى كل من المغرب وجبهة البوليساريو باعتبارهما الطرفين المباشرين في الصراع.
ومن المتوقع أن يوجه كولر الدعوة للمشاركة في المفاوضات المحتملة إلى الجزائر وموريتانيا باعتبارهما تحملان صفة عضو مراقب في الملف والدور الذي يمكن أن تلعباه في التوصل إلى حلول، وذلك في ظل الاستعداد لبدء المفاوضات إذا ما تم التوصل إلى إجماع في هذا الشأن. وتحتضن الجزائر جبهة البوليساريو على أراضيها وتقدم لها الدعم العسكري.
وأطلع كولر أعضاء مجلس الأمن الدولي على نتائج جولته الإقليمية الثانية بشأن الصحراء المغربية، الأربعاء. وكان كولر قد قام بجولة في الفترة ما بين 23 يونيو ومطلع يوليو الماضيين، شملت الجزائر وموريتانيا. وزار المبعوث الأممي العاصمة الرباط في يونيو إلى جانب العيون والسمارة والداخلة.
وثمّن كولر موقف السلطات المغربية التي سهلت له مهمته في المملكة ما مكنه من الالتقاء بكل الأشخاص بكامل الحرية، كما وقف عن كثب على الطفرة الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها منطقة الصحراء بفضل الجهود التي تبذلها الرباط.
ورحب العديد من أعضاء المجلس حسب مصادر دبلوماسية، بالأجواء التي جرت فيها الجولة الإقليمية للمبعوث الشخصي، لا سيما زيارته إلى الصحراء. كما عبروا عن ارتياحهم لنتائج مختلف اللقاءات والزيارات التي قام بها كولر، داعين إياه إلى مواصلة العمل والتفاعل مع جميع الأطراف للحفاظ على زخم إحياء المفاوضات لحل الأزمة.
المغرب حدد منطلق ومدى المفاوضات وهو بذلك يعرض شكل الحل بين الحكم الذاتي وبقاء الإقليم تحت سيادته. وتابع بأنه كمساهمة من المغرب، الذي يعتمد مقاربة واقعية في رؤيته لحل النزاع
وعقد مجلس الأمن الدولي أولى مباحثاته المتعلقة بتطورات ملف الصحراء بعد صدور القرار الأخير رقم 2414 في جلسة مغلقة تترأسها السفيرة البريطانية الدائمة لدى الأمم المتحدة كارن بيارس.
ودعا كولر كل الأطراف إلى تلبية الدعوة لإجراء المفاوضات دون شروط مسبقة، مشددا على أن إجراءات المفاوضات المحتملة والتي هي الأولى من نوعها منذ تولي مهمة الوساطة الأممية، من شأنها أن تشكل حافزا مهما للدفع بعجلة المخطط الأممي لتسوية النزاع الذي عمّر لأزيد من أربعة عقود.
وأكد صبري الحو، الخبير في القانون الدولي والهجرة وملف الصحراء لـ”العرب”، أن الهاجس الذي يسيطر على المبعوث الأممي يتمحور حول كيف يعيد سكة المفاوضات المباشرة إلى ما قبل سنة 2013. ويعتبر الحو أن هذا التصدع في الثقة الذي نتج عن حقبة ولاية المبعوث الأممي السابق كريستوفر روس “كارثة لم يتمكن مجلس الأمن من إصلاحها”.
وكان مجلس الأمن قد طلب في قراره رقم 2414 الصادر في 27 أبريل الماضي من البلدان المجاورة للمغرب ومن بينها الجزائر تقديم مساهمة هامة في جهود التوصل لحل ملف الصحراء المغربية، إلى جانب إبداء التزام أكبر من أجل المضي قدما نحو التوصل إلى حل سياسي.
وأبدى المغرب تعاونا كاملا من أجل إنجاح زيارة كولر الأخيرة، مع التشديد على أولوية القيام بتقييم معمق وشامل لفحوى المباحثات بين المبعوث الشخصي والأطراف المعنية بالملف. كما تؤكد الرباط على ضرورة مواصلة حوار شفاف ومسؤول وهادئ لضمان إعادة إطلاق التحركات السياسية.
ويتمسك المغرب بموقفه من الملف الذي يؤكد على أنه لا يمكن أن يكون هناك حل للنزاع الإقليمي حول الصحراء دون التشاور معه ودون انخراط الجزائر، معتبرا إياها الطرف الرئيسي المسؤول عن نشأة هذا النزاع واستمراره.
واعتبر الحو أن إحاطة المبعوث الأممي إلى الصحراء تأتي مباشرة بعد لقائه بأطراف غير رسمية وذات صفة تمثيلية في ملف الصحراء، وأيضا معاينته لمواقع ومشاريع بنية تحتية في إقليم الصحراء.
ويرى الحو أن جولة كولر الأخيرة توصلت إلى وجود طرف كبير آخر داخل إقليم الصحراء يرفض وصاية البوليساريو عليه وينافسه في التمثيلية. كما عاين المبعوث الأممي، وفق الخبير المغربي، أن الطرف الرافض لوصاية الجبهة الانفصالية مستفيد من مشاريع التنمية التي أنجزتها السلطات المغربية في المنطقة.
ويؤكد الخبير المغربي عدم احترام البوليساريو لقرار مجلس الأمن بخصوص ممارساته في منطقة بئر لحلو وتفاريتي. كما يشدد على رفض الجزائر إعلان أنها طرف أساسي، والانخراط في جهود حل النزاع في الصحراء المغربية على ذلك الأساس.
وقال إن موريتانيا تؤكد على الحياد الايجابي من الملف، بالإضافة إلى تمسك المغرب بموقفه من المفاوضات ببقاء الإقليم تحت سيادته. ويؤكد الحو أن كل هذه المعطيات كانت من ضمن الرسائل التي استقاها المبعوث الأممي من جولته الأخيرة.
ومن جهته، قال السفير الممثل الدائم بالنيابة للمملكة المتحدة، جوناثان ألن، الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الأمن الدولي هذا الشهر، إن كولر لقي دعما كبيرا من قبل المجلس بشأن مقترحه بمحاولة معرفة ما إذا كان بإمكانه الجمع بين الأطراف قبل نهاية السنة. وأكد ألن على أهمية المشاورات مع جميع الأطراف المعنية. وأضاف أن المبعوث الأممي أدرك فحوى الرسالة المتعلقة بضرورة إجراء مشاورات مسبقة ومعززة مع جميع الأطراف المعنية، حيث قال “أنا مقتنع بأنه سيقوم بهذا الأمر، بما في ذلك ما يتعلق بالمعايير والشكل وباقي الأمور”.
ولفت الحو إلى أن المغرب حدد منطلق ومدى المفاوضات وهو بذلك يعرض شكل الحل بين الحكم الذاتي وبقاء الإقليم تحت سيادته. وتابع بأنه كمساهمة من المغرب، الذي يعتمد مقاربة واقعية في رؤيته لحل النزاع، فإنه يؤكد أن الجزائر طرف أساسي في إطار صناعة المشكلة ودورها في الحل كذلك.
وشدد المغرب في مناسبات سابقة على أنه لن يقبل بأي فكرة أو خطوة مقبلة دون التشاور معه في شأنها والحصول على موافقته المسبقة. كما أدرك أعضاء مجلس الأمن أنه لا يمكن التوصل إلى أي حل لمشكلة الصحراء دون موافقة الرباط، مع حرصهم على أن تتم إعادة إطلاق العملية السياسية في إطار من الشفافية والحوار مع جميع الأطراف، خاصة المغرب والجزائر.