جمعية حقوقية مغربية تطالب بفتح تحقيق حول ممارسات عصابات تهريب المهاجرين
وقالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن من أهم الخروقات التي تمارس ضد المهاجرين ضرب الحق في الهجرة واللجوء عبر فرض مبالغ مالية مهمة على المهاجرين واللاجئين الذين يظلون تحت رحمة المهربين لشهور وسنوات في غابات الناظور دون أن يتمكنوا من الهجرة أو من استرداد أموالهم التي دفعوها».
وأضاف بيان للجمعية أنه يتم «الاحتفاظ بمهاجرات لشهور وسنوات في بعض المخيمات واستغلالهن جنسيًا لأطول مدة، مقابل تهجيرهن من قبل مهربين معروفين، لم يترددوا في بعض الحالات في اشتراط حمل المرأة منهم قبل الموافقة على تهجيرهن، ثم الانتقام من بعض النساء رفقة أطفالهن عبر الاحتفاظ بهن داخل المخيمات لشهور وسنوات حيث يعشن ظروفًا صعبة جدًا».
شهادات مؤثرة
بالإضافة إلى «منع اللاجئين اليمنيين والفلسطينين من ممارسة حقهم في تقديم طلبات اللجوء بمليلية، حيث استمع فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لشهادات مؤثرة للاجئين يمنيين وفلسطينيين تعرضوا لعنف شديد من قبل عناصر الشرطة في المعابر الحدودية، كما وقع يوم الخميس 2 غشت الجاري بمعبر بني أنصار لأربع لاجئين حاولوا ممارسة حقهم في طلب اللجوء دون المرور على عصابات الاتجار في البشر..»
ولاحظت الجمعية «ارتفاع تزايد نشاط هذه العصابات التي تعرض خدماتها على اللاجئين مقابل مبالغ مالية مهمة، بما في ذلك وجود أماكن للإيواء ببعض الأحياء في مدينة الناظور، وعرض وثائق مزورة للبيع» ويتم «سلب اللاجئين أموالهم بالقوة، كما حدث يوم الجمعة 3 غشت وسط الناظور، حيث عمدت عصابة مكونة من عدة أشخاص على اختطاف لاجئين من داخل سيارة وسلبهم 600 دولار تحت تهديد السلاج الأبيض».
وطالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من السلطات بالتدخل لوقف نشاط المهربين الذين ينشطون وسط المهاجرين غير النظاميين القادمين بالخصوص من دول إفريقيا جنوب الصحراء ودعت إلى وقف «مطاردة المهاجرين والسماح لهم في المقابل بممارسة حقهم في التنقل واللجوء الذي تكفله المواثيق والمعاهدات الدولية».
ووصل أكثر من 50 ألف مهاجر غير نظامي إلى إسبانيا عبر المغرب، منذ مطلع العام الجاري، وتم تسجيل مقتل أو فقدان 1443 آخرين خلال الفترة نفسها.
وكشفت إحصاءات إسبانية رسمية أن عدد المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا هذا العام إلى سواحلها، حتى منتصف شهر يوليو، بلغ نحو 20 ألف مهاجر، يتصدرهم حاملو الجنسية المغربية. وأوضحت الأرقام التي أعلنتها وزارة الداخلية الإسبانية أمس الأول الإثنين، في بيانات رسمية حول عدد المهاجرين غير النظاميين الذي دخلوا البلاد عبر السواحل المقابلة لشمال المغرب وجنسياتهم، أن 19 ألفًا و997 مهاجرًا وصلوا إلى إسبانيا هذا العام لغاية الشهر الماضي، يشكل المغاربة نسبة 17 في المائة من مجموعهم، بـ3 آلاف و403 مهاجرين.
وحل في المركز الثاني بعد المغاربة المهاجرون القادمون من غينيا بألفين و712 مهاجرًا، متبوعين بحاملي جنسية مالي بألفين و117، ثم ساحل العاج بألف و166 مهاجرًا، وفي المركز الأخير مهاجرو غامبيا بألف و31 مهاجًرا، بالإضافة إلى جنسيات أخرى.
وتستقبل سواحل إسبانيا سنويًا آلاف المهاجرين غير النظاميين القادمين من القارة الأفريقية عبر السواحل الشمالية للمغرب، حيث شهدت سنة 2017 وصول 28 ألف و349 مهاجرًا غير قانوني، تصدر المغاربة القائمة بـ5 آلاف و391 مهاجرًا، حسب الحكومة الإسبانية.
اتهامات للحكومة الإسبانية
وأشعلت أزمة الهجرة التي عرفت تزايدًا من المغرب نحو إسبانيا خلال الأسابيع الماضية، حربًا بين مختلف الشركاء السياسيين بشبه الجزيرة الأيبيرية، واعتبر نائب سكرتير الحزب اليميني، خافيير ماروتو، أن طريقة تعامل الحزب الاشتراكي الذي يقود الحكومة الإسبانية مع ملف الهجرة تعتريه مجموعة من النواقص، «الحزب الاشتراكي نسي أن المغرب طرف أساسي في مشكلة الهجرة السرية، وأن رئيس الحكومة الإسبانية بطريقة تعامله هذه يعطي إشارات إلى العصابات التي تتاجر بالبشر».
وأضاف أن الظرفية الحالية تستوجب من الرئيس سانشيز الدخول في حوار جدي مع المغرب، لمعالجة مجموعة من القضايا العالقة بين البلدين، وإلى سماع وجهة نظر المغرب بخصوص ملف الصحراء واتفاقية الصيد البحري كما هو متعارف عليه في طبيعة العلاقات بين البلدين منذ سنوات، في تلميح إلى زيارة رئيس الحكومة الإسبانية المؤجلة إلى المغرب. وشدد المسؤول من الحزب اليميني على أن غياب الحوار بين الرباط ومدريد يسبب عوائق ومشكلات كثيرة، حيث أن بدرو سانشيز «نسي دور الجار الجنوبي لإسبانيا، نظرًا لتموقعه على الحدود مع سبتة ومليلية، كما أن شواطئه تطل على السواحل الإسبانية». وانتقد ماروتو خطاب رئيس الحكومة الإسبانية، خصوصًا استقباله وأخذه صورة مع سفينة المهاجرين أكواريوس «خطاب الرئيس سانشيز غير مسؤول، وإعلان التضامن مع المهاجرين نشترك فيه جميعًا، لكنه ليس حلاً للمشكلة. إذا كانت الهجرة غير قانونية ومنظمة ولا تحترم قوانيننا ومرتبطة بعمل فهناك خطأ في تدبير هذا الملف».
ورد خافيير ماروتو على تصريحات اليسارية أدا كولاو، رئيسة بلدية برشلونة، ودعاها إلى عدم الخلط بين المواقف المتطرفة لبعض التيارات السياسية اليمينية في أوروبا وموقف الحزب الشعبي الذي لا تربطه أي صلات بالتمييز والعنصرية ضد المهاجرين، مؤكدًا أن «الأحزاب اليمينية المتطرفة معروفة بمواقفها ضد الوحدة الأوروبية، وترغب في الانفصال وغلق الحدود»، و»أما نحن على عكس ذلك، نعلن تضامننا مع المهاجرين» و»إذا كان هناك من سياسي يؤمن بالأوروبية ومبادئ التضامن والحرية والمساواة، فهو بابلو كاسادو، الأمين العام الجديد للحزب الشعبي».
وقال بابلو كاسادو، الأمين العام الجديد للحزب الشعبي، في وقت سابق على موقع «تويتر»: «ليس من الممكن تقديم أوراق للجميع؛ كما يصعب على أي دولة رغم كل إمكانياتها أن تستقبل العدد الكبير من الأفارقة الذين يريدون المجيء إلى أوروبا»؛ وهو ما أثار موجة من التساؤلات من الطرف المهتمين بالشأن الإسباني، متخوفين من أن يجعل كاسادو من مشكلة الهجرة نقطة مركزية لمعارضة حكومة بيدرو سانشي.
توظيف سياسي لمسألة الهجرة
وقال مراقبون إن هذه الخطوة يمكن أن يدعمها حزب المواطنون اللبرالي «سيودادانوس»، ما يعزز فرضية الاستخدام السياسي لمشكل الهجرة، خصوصًا بعد الزيارة الأخيرة لكل من ألبرت ريفيرا وبابلو كاسادو إلى سياج سبتة المغربية التي تحتلها إسبانيا
وعبر مسؤول كبير من المفوضية الأوروبية عن قلقه إزاء احتدام النقاش بين مختلف الأحزاب السياسية بإسبانيا، مبديًا تخوفه من احتمال أن يقع عضو آخر في الاتحاد الأوروبي فريسة لخطاب شعبي من الصعب جداً إيقافه، خصوصًا في ظل الوضع الهش الذي يعرفه الاتحاد الأوروبي؛ ناهيك عن المواقف المتباينة والمترددة لحكومة مجموعة من الدول الشركاء في المشروع الأوروبي، كإيطاليا وهولندا وبولندا أو المجر، مضيفًا أنه يصعب في الوقت الحالي تحمل خسارة حليف إستراتيجي كإسبانيا. كما حذر المفوض الأوروبي ديميتريس أفراموبولوس، بدوره، من قلب العاصمة مدريد، من اتباع الشعوبيين، وتبني خطابهم، داعيًا الأحزاب إلى أن تدافع عن مواقفها وتبقى مخلصة لمبادئها.