برلين تحذر من التنشئة الجهادية لأطفال الإسلاميين

الحكومة الألمانية تشدد من إجراءاتها الأمنية في تعقب تحركات الإسلاميين المقيمين على أراضيها، عقب بروز مؤاخذات على خططتها الاستباقية في محاربة الإرهاب.

التعقب جزء من الحل

حذرت الاستخبارات الداخلية الألمانية من خطر التنشئة الجهادية لأطفال منحدرين من أسر إسلامية، ما يمثل خطرا محتملا على البلاد، التي تستعد لعودة أطفال الألمانيات اللاتي انتسبن إلى تنظيم داعش في سوريا والعراق، فيما تسعى السلطات إلى تكثيف مراقبة هؤلاء الأطفال في إطار خططتها الاستباقية لمكافحة التطرف.

أعربت وزارة الداخلية الألمانية عن انفتاحها تجاه خفض الحد الأدنى لسن الأفراد الذين يمكن إخضاعهم لمراقبة هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية)، والذي يبلغ حتى الآن 14 عاما، عقب تحذيرات من خطر التنشئة الجهادية لأطفال منحدرين من أسر إسلامية في ألمانيا.

وقالت المتحدثة باسم الوزارة، إليونور بيترمان الاثنين، “هناك بالطبع مؤشرات تفيد بضرورة خفض هذا الحد العمري، وذلك بناء على وقائع صدرت عن أفراد أصغر سنا، لكننا لم نتوصل حتى الآن إلى نتيجة نهائية في الأمر”.

وبخفض الحد الأدنى للسن، ستتوفر الشروط القانونية اللازمة لتخزين بيانات مشتبه بهم في قاعدة البيانات “أن.إيه.دي.آي.أس″ الخاصة بالاستخبارات الداخلية الألمانية، حيث أنه حتى الآن ليس من المسموح تخزين بيانات مشتبه به لم يتم عامه الرابع عشر.

وتأتي مقترحات خفض السن على خلفية واقعة طفل، 12عاما، من مدينة لودفيغسهافن، يشتبه في أنه خطط لهجوم على إحدى أسواق أعياد الميلاد عام 2016. ويعارض حزب اليسار هذه الخطط، حيث قالت خبيرة الشؤون الداخلية في الكتلة البرلمانية للحزب، أولا يلبكه “الجواسيس ليس لهم مكان في غرف الأطفال”.

وكانت صحف مجموعة “فونكه” الألمانية الإعلامية الصادرة الاثنين ذكرت استنادا إلى تحليل جديد للهيئة أن الأطفال المنحدرين من عائلات إسلامية متطرفة يشكلون “إمكانية خطورة لا يستهان بها”.

وأوضحت الهيئة في التحليل أن هناك بوادر لانزلاق قصر وبالغين شباب إلى التيار الإسلامي المتطرف على نحو أسرع وأسبق وأكثر احتمالية. وكان رئيس الهيئة هانز جورج ماسن حذر في ديسمبر الماضي من نساء وأطفال مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين يعيدهم أزواجهم أو آباؤهم في سوريا أو العراق إلى ألمانيا.

وبحسب تحليل الهيئة، ثمة مخاطر أيضا من العائلات الإسلامية المتطرفة في ألمانيا التي لم تسافر إلى مناطق النزاع في سوريا أو العراق، حيث تقدر الهيئة عدد هذه العائلات بعدة مئات، مشيرة إلى أنها تضم المئات من الأطفال.وقال ماسن في تصريحات لمجموعة “فونكه” إن التنشئة الاجتماعية الجهادية المستمرة لهؤلاء الأطفال “مثيرة للقلق، ولذلك تمثل تحديا لهيئة حماية الدستور”.

وتدرس ولاية شمال الراين-ويستفاليا التخلي عن الحد الأقصى لسن الخضوع لرقابة هيئة حماية الدستور، والذي يبلغ 14 عاما حاليا، وذلك على غرار ولاية بافاريا الألمانية. وقال وزير الداخلية المحلي لولاية شمال الراين-ويستفاليا، هيربرت رويل، إن موانع انزلاق الأطفال المنحدرين من هذه العائلات للعنف أقل، مضيفا “لذلك تحتاج السلطات إلى أدوات لمراقبة العائدين دون 14 عاما المصابين بصدمات نفسية، والذين لديهم استعداد للعنف”.

وأيد هذا الإجراء خبير الشؤون الأمنية في الحزب المسيحي الديمقراطي باتريك زينسبورغ ووكيل وزارة الداخلية شتيفان ماير. وطالبت هيئة حماية الدستور في تحليلها بتوعية السلطات الأمنية وغير الأمنية ومؤسسات المجتمع المدني مثل المدارس ومراكز الشباب والأندية الرياضية بضرورة إبلاغ الجهات المختصة، مثل مراكز الوقاية من التطرف الإسلامي، على نحو مبكر عن حالات تطرف ملفتة للانتباه بين الأطفال، وذلك لضمان التدخل على نحو مبكر بقدر الإمكان ودرء المخاطر عن القصر والمجتمع.

وقال متحدث باسم وزارة الأسرة الألمانية إن هؤلاء الأطفال في الأساس ضحايا للمحيط الذي يعيشون فيه، مضيفا “يتعين التوجه إلى هذا المحيط ببرامج وقائية لمصلحة الأطفال”.

وأفاد تقرير داخلي لوزارة الداخلية الألمانية أن الحكومة تعتزم إعادة أطفال الألمانيات الملتحقات بتنظيم داعش إلى البلاد، وتخليصهم من الأفكار المتطرفة، حيث تقيم على الأقل 270 امرأة تحمل جواز سفر ألماني وأطفالهن في مناطق قتال بسوريا أو العراق.

ونقلت صحيفة بيلد الألمانية نقلا عن تقرير أن “الحكومة الألمانية تريد إعادة أطفال النساء المنضمات لتنظيم الدولة الإسلامية إلى ألمانيا”، حيث سيخضع الأطفال بعد إعادتهم لرعاية أفراد من أقاربهم والمؤسسات الاجتماعية لتخليصهم من الأفكار المتطرفة.

وتابعت الصحيفة “ولد نصف أطفال هؤلاء النسوة، وفق تقديرات الاستخبارات، في مناطق القتال”، دون أن يذكر التقرير إجمالي عدد الأطفال الذي تنوي الحكومة إعادتهم من سوريا والعراق.

ولم يذكر التقرير موقف الحكومة من النساء الألمانيات في داعش، لكن تقارير سابقة ذكرت أن هؤلاء النسوة بدأن في العودة إلى الأراضي الألمانية. وبصفة عامة، تقدر الحكومة الألمانية إجمالي عدد الرجال والنساء من مواطنيها المنضمين لتنظيم داعش في مناطق القتال منذ 2014، بنحو 900 شخص.

وشددت الحكومة الألمانية من إجراءاتها الأمنية في تعقب تحركات الإسلاميين المقيمين على أراضيها، عقب بروز مؤاخذات على خططتها الاستباقية في محاربة الإرهاب، فيما أعلنت وزارة الداخلية أن مستوى التهديد الأمني لا يزال مرتفعا، سيما مع تواجد المئات من المتطرفين الإسلاميين الذين تصنفهم السلطات كخطر محتمل.

وكشفت تقارير إعلامية أن نحو 50 بالمئة من نحو 720 إسلاميا مصنفين في ألمانيا على أنهم خطيرون أمنيا لا يشكلون خطورة إرهابية بالغة، لكن متخصصين في الحركات المتشددة قالوا إن مثل هذه التقارير ترسل إشارات سلبية، وتساعد المجموعات المتشددة على التحرك بحرية أكبر في ضوء المعايير المرنة المتبعة لتعقبهم.

ويقول مراقبون إن تركيز الجهد على تتبع تحركات العائدين من سوريا والعراق قد يصرف الأنظار عن حقيقة أكبر، وهي الشبكات الإسلامية القائمة في أوروبا منذ عقود، حيث تقوم هذه الشبكات بعمليات استقطاب واسعة للشباب، وتحصل على تمويل كبير يتم ضخه دون رقابة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: