حراك الانتخابات الرئاسية يفجر تيار الإخوان في الجزائر
حركة البناء الوطني تنقلب على حمس وتفتح مشاورات مع الحزب الحاكم، وجناح المعتدلين في حمس يضغط لتقديم تنازلات.
تفاجأ أنصار تيار الإسلام السياسي في الجزائر، بإقدام حركة البناء الوطني على إطلاق مبادرة سياسية جديدة، بالتنسيق مع حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، بعد اللقاء الذي جمع رئيس الحركة عبدالقادر بن قرينة والأمين العام لجبهة التحرير جمال ولد عباس، على أن تستمر المشاورات في الأيام القليلة المقبلة مع قادة مختلف القوى السياسية الأخرى.
وأعلن الرجلان عن ميلاد مبادرة “الجزائر للجميع”، التي ينتظر أن تلتحق بها قوى سياسية وجمعيات أهلية قريبا، تجمع على دعم وتأييد مواقف الحزب الحاكم تجاه التجديد للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، خلال الانتخابات الرئاسية المنتظرة في الربيع المقبل.
وكشف رئيس حركة البناء الوطني، في تصريحات للصحافيين عقب لقائه بجمال ولد عباس، عن مواقف معارضة لتوجهات قيادة أكبر الأحزاب الإخوانية (حمس)، تجاه الملفات المتعلقة بالانتقال السياسي والديمقراطي، ودور الجيش في الاستحقاق الرئاسي، والمرحلة الانتقالية.
وذكر بن قرينة أن “حركته تتوجه للمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وترفض إقحام المؤسسة العسكرية في التجاذبات السياسية والحزبية، أو تجاوز شرعية المؤسسات القائمة”، لكنه لم يوضح طبيعة وكيفية المشاركة في الاستحقاق الرئاسي، قياسا بحداثة حركته وهيكلتها المحدودة في المستوى القاعدي.
وأضاف أن لقاءه مع جمال ولد عباس، أثمر ميلاد مبادرة الجزائر للجميع، التي عبرت عدة قوى سياسية عن رغبتها في الالتحاق بها، وأنه سيلتقي قريبا بقيادة حزب السلطة الثاني “التجمع الوطني الديمقراطي”. ونفى أن تكون منافسة أو موازية للمبادرة التي أطلقتها حركة حمس.
وتعد حركة البناء الوطني، تيارا انشق عام 2012 عن الحركة الإخوانية الأم (حمس)، وتوجه إلى إطلاق حزب سياسي جديد يصفه قياديوه بـ”المعتدل والمنفتح” على مختلف التيارات السياسية والمرجعيات الأيديولوجية.
وكانت الحركة تستعد للعودة مجددا إلى حمس خلال الأشهر الماضية، قبل أن يتعزز الانشقاق الداخلي مع بداية العد التنازلي لموعد الانتخابات الرئاسية المقبلة.
بن قرينة وولد عباس يعلنان عن مبادرة “الجزائر للجميع” التي ستلتحق بها أطراف أخرى تدعم ترشح بوتفليقة للرئاسة
ولا يزال التيار الإخواني المنضوي تحت لواء جبهة العدالة والتنمية والأحزاب المقربة منها بقيادة عبدالله جاب الله يلتزم الصمت تجاه التطورات السياسية الأخيرة، ولم يبد إلى حد الآن أي موقف تجاه الحراك المتضارب لأجنحة تيار الإخوان الجزائريين.
وفي خطوة لإنقاذ مبادرة حمس دعا القيادي السابق عبدالرحمن سعيدي المحسوب على تيار المعتدلين، إلى “ضرورة مراجعة بنود مبادرة التوافق الوطني، من أجل أن تتماشى مع توجهات بعض الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي”.
وأكد في تصريح صحافي أن “أحزاب السلطة ممثلة في جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، لم يرفضا مبادرة حمس وإنما أبديا تحفظات عليها “، وهو ما يستدعي مراجعة حمس لبعض الأفكار والتصورات الواردة في المبادرة، قبل الشروع في جولة جديدة منالمشاورات.
ويمهد تصريح عبدالرحمن سعيدي، إلى إمكانية تقديم حركة مجتمع السلم لتنازلات جديدة، لإرضاء ورفع تحفظات الأحزاب الموالية للسلطة، أو اصطدام المبادرة بجدار الرفض.
وهو ما قد يفرغها من محتواها ويعرضها للفشل، خاصة مع ازدهار موجة المبادرات السياسية في الآونة الأخيرة، وتوفر بديل آخر طرحه جناح آخر من تيار الإخوان، يتمثل في مبادرة “الجزائر للجميع″ التي بادرت بها حركة البناء الوطني.
وقال عبدالرحمن سعيدي “الآن حصلت حمس على أراء وتصورات الشركاء السياسيين، وتعرفت على توجهات مختلف الأطراف، ولأجل أن تحقق المبادرة النجاح اللازم، لا يجب أن تتوقف عند عرضها فقط، وإنما يجب أخذ آراء الأحزاب للوصول إلى توافق نسبي بدل التوافق في كل شيء”.
وشدد على أن مبادرة التوافق الوطني، تحمل مواصفات النجاح، حتى لو لم تصل إلى التوافق بين الأحزاب، لأنها مكنت الطبقة السياسية من معرفة نقاط التوافق والاختلاف، وهذه خطوة كبيرة في طريق حل للأزمة السياسية التي تتخبط فيها، خاصة إذا لم ترتبط بالاستحقاق الرئاسي فقط، واستمرت في حلحلة الوضع العام
بالبلاد.
ويتهم تيار الإسلام السياسي في الجزائر، بتفجير المعارضة السياسية في البلاد، بعد تجربة تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي ولجنة المتابعة والمشاورات.
وسارعت الأحزاب الإخوانية للمشاركة في الانتخابات التشريعية والمحلية التي جرت في السداسي الأول من العام الماضي، دون العودة إلى بلورة موقف موحد مع شركائهم في التكتل المذكور، خاصة وأن إجماعا كان سائدا حينها على مقاطعة الاستحقاقين الانتخابيين، بسبب عدم استجابة السلطة لتلبية مطلبها المتعلق بإنشاء هيئة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات وتنظيمها.