الفيفا تحت الضغط الدولي لتجريد قطر من تنظيم المونديال

أعادت اتهامات صحيفة الصنداي تايمز البريطانية إلى قطر بالتجائها إلى دعاية مضللة في حملتها للفوز باستضافة المونديال، تهم الفساد السابقة التي شككت في مصداقية الملف القطري، الأمر الذي يرجح صحتها أمام صمت أشبه بتواطؤ من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم.

الثلاثاء 2018/07/31
هل تتغير سياسة قطر أم يتغير بلد المونديال

 يواجه فوز قطر باستضافة المونديال في 2022 المزيد من الاتهامات، التي تعزز فرضية تجريدها من تنظيم البطولة العالمية القادمة، بعدما ذكرت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية، الأحد، أن الدوحة قامت بحملة دعائية مضللة لنسف ملفات عروض الدول المنافسة، في انتهاك صارخ لقواعد الاتحاد الدولي لكرة القدم.

وطالب أعضاء من البرلمان البريطاني الفيفا بإجراء تحقيق مستقل في مزاعم بأن قطر خالفت القوانين في حملتها لتنظيم كأس العالم 2022، بإقدامها على حملة تشويه سرية ضد منافسيها، إثر كشف رسائل مسربة لعمليات سوداء سبقت تصويت الفيفا لصالح قطر في تنظيم كأس العالم.

وقال رئيس لجنة الثقافة والرياضة في مجلس العموم البريطاني، داميان كولينز، إن “الادعاءات الخطيرة” التي نشرت في صحيفة صنداي تايمز ستكون بمثابة خرق لقواعد الفيفا إذا ثبُت أنها صحيحة، مضيفا “إن الأمر يتطلب إجراء تحقيق مستقل لكشف الحقيقة”.

وتابع كولينز في حديثه إلى إذاعة “بي بي سي” “إذا انتهك القطريون القواعد، فعليهم مواجهة بعض العقوبات”.

وفاجأت صنداي تايمز الرأي العام الدولي، الأحد، بقولها إن رسائل إلكترونية سربها إليها أحد أعضاء فريق قطر المكلف بالملف، تشير إلى أن هذا الفريق دفع أموالا لمكتب شركة علاقات عامة يتمركز في الولايات المتحدة وعناصر سابقين في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) لنشر دعاية مضللة تستهدف ملفات دول منافسة مثل أستراليا والولايات المتحدة، خلال حملة قطر لاستضافة مونديال 2022.

بلاتر: تواطؤ سياسي وراء احتضان قطر للمونديال

علق جوزيف بلاتر الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” على الجدل المتصاعد بشأن تنظيم قطر لكأس العالم 2022. وكتب بلاتر من خلال حسابه الرسمي عبر تويتر “أخبار سيئة.. قطر متهمة بالتشهير على الدول الأخرى التي تقدمت لاستضافة مونديال 2022”.

وأضاف “الحقيقة هي أن قطر استخدمت التدخلات السياسية من أجل الفوز بشرف تنظيم كأس العالم، كان ذلك عن طريق تدخل الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي لدى ميشيل بلاتيني نائب رئيس الفيفا السابق”.

وختم السويسري تغريداته “لمزيد من المعلومات ستجدونها في الفصل العاشر من كتابي (حقيقتي)”.

وكانت قطر فازت على أستراليا والولايات المتحدة وكذلك كوريا الجنوبية واليابان، بحق استضافة مباريات كأس العالم لكرة القدم في 2022، ما شكل مفاجأة. ومنحت روسيا حينذاك حق تنظيم مونديال 2018، مع استبعاد بريطانيا.

وقالت الصحيفة إن قطر اتبعت إستراتيجية توظيف أشخاص مؤثرين من أجل العمل داخل الدول الأخرى المرشحة لخلق انطباع بأن “الدعم معدوم” بين مواطني هذه الدول لاستضافة مباريات كأس العالم لكرة القدم. ووصل الأمر إلى التخطيط لقرار يصدر عن الكونغرس الأميركي حول الانعكاسات “الضارة” للعرض الأميركي لاستضافة مباريات كأس العالم لكرة القدم خلال أسبوع التصويت على الملفات.

وتنفي الدوحة هذه الاتهامات وقالت “اللجنة العليا للمشاريع والإرث” المنظمة لمونديال قطر 2022 إنها “ترفض كل المزاعم التي تتحدث عنها صنداي تايمز”. وسبق أن واجه فريق ملف قطر تهما بالفساد، لكن الفيفا برأ ساحته بعد عامين من التحقيق.

سحب التنظيم من الدوحة

يشير مراقبون إلى أن اتهامات الصنداي تايمز تعيد الشكوك السابقة حول مدى شفافية التصويت لصالح قطر بحق استضافة كأس العالم 2022.

ومنذ فوزها الصادم في سباق تنظيم الحدث قبل ثماني سنوات، واجهت الدولة الخليجية تساؤلات حول كيفية انتصارها، ومدى قدرتها على توفير التكلفة البشرية لبناء البنية التحتية المطلوبة.

ورغم تبرئة قطر العام الماضي من تهمة الفساد بعد أن أجرى الفيفا تحقيقات موسعة استغرقت مدة العامين، برئاسة المحامي الأميركي مايكل غارسيا، إلا أن هناك شكوكا في مدى مصداقية التحقيقات زادت بعد ظهور أدلة الإدانة التي كشفت عنها الصنداي تايمز، وبذلك يتضح للعلن أن هناك خرقا واضحا لقواعد الفيفا يرتبط مباشرة بفريق الملف القطري، الأمر الذي سيزيد من فرضية حرمان قطر من تنظيم الحدث الرياضي.

ويلفت المحلل الرياضي البريطاني دان رون إلى أنه مع بداية العد التنازلي لبطولة كأس العالم وبعد أن تم إنفاق المليارات من الجنيهات على الاستعدادات، يبدو سحب التنظيم من قطر أمرا مستبعدا.

ويضيف أن بعد قلق الفيفا من خطر التعرض للمقاضاة بعد النبش في الملف القطري الذي يشوبه الفساد، وأمام تعهد قياداتها باستعادة الثقة بعد سنوات من الفضائح، تشعر أنها لا تملك خيارا سوى الالتزام بإجراء تحقيق جديد.

ويتوقع متابعون أنه مع إجراء تحقيق ضد الدوحة فستزيد فرص البحث عن بلد بديل ينظم بطولة العالم القادمة. ويتوقع هؤلاء أن تكون بريطانيا البديل المنافس لقطر خاصة أن البرلمان البريطاني حريص على معرفة حيثيات حملة التشويه القطرية.

ولم يستبعد موقع ذو ستندار الكيني المعني بالرياضة أن تظهر إنكلترا كمنافس على استضافة كأس العالم لكرة القدم في 2022 إذا قرر الفيفا تجريد قطر من حق استضافة البطولة.  وأشار الموقع إلى أن الجدل أحاط بحق روسيا في تنظيم بطولة 2018 وقطر بطولة 2022، حيث أدت معاملة العمال في مواقع بناء الملاعب والسلامة المشكوك فيها والأجور المنخفضة إلى انتقادات واسعة، إضافة إلى المخاوف الأمنية بسبب تورط الدوحة في ملف الإرهاب.

لكن الوثائق الجديدة تشكل ضغطا مضافا على الفيفا لسحب ملف المونديال من قطر، يضاف إلى الجدل القائم بشأن تغيير توقيت المونديال إلى الشتاء والخسائر الهائلة التي سيتسبب فيها للشركات الراعية لبطولات الأندية المحلية.

الحملة القطرية لتشويه المنافسين

كشفت صحيفة صنداي تايمز عن ملامح حملة التشويه القطرية ضد منافسيها على سباق تنظيم كأس العالم وتتمثل في:

* دفع 9 آلاف دولار لأكاديمي مهم ليكتب تقريرا ينتقد التكلفة الاقتصادية الكبيرة لتنظيم الولايات المتحدة لنهائيات كأس العالم، ثم توزيع التقرير على وسائل الإعلام في العالم.

* توظيف وشراء ذمم صحافيين ومدونين وشخصيات مرموقة في كل بلد للكتابة عن مساوئ ملف البلد المعني.

* توظيف مجموعة من أساتذة التربية البدنية في الولايات المتحدة لمطالبة أعضاء البرلمان (الكونغرس) بالاعتراض على تنظيم نهائيات كأس العالم.

* تنظيم احتجاجات في أستراليا أثناء مباريات رياضة الرغبي اعتراضا على ملف تنظيم نهائيات كأس العالم.

وطالب اللورد تريزمان الرئيس السابق لاتحاد كرة القدم الإنكليزي، الفيفا بالنظر إلى الأدلة بشكل كامل وبسرعة كبيرة وأن تكون لديه الشجاعة لاتخاذ ما قد يكون قرارا صعبا.

وقال اللورد تريزمان الذي سبق وأن ترأس ملف ترشح بلاده لتنظيم المونديال “إذا تبين أن قطر قد خرقت قواعد الفيفا، فإنه يجب حرمانها من استضافة بطولة كأس العالم”.

وعبر عن أمله بأن يعيد الفيفا النظر في اختيار إنكلترا في هذه الظروف “فنحن نمتلك القدرات وتنطبق علينا المواصفات”. وتكشف تصريحات اللورد تريزمان عن جاهزية الملاعب الإنكليزية لاستضافة المونديال بمجرد سحب الملف من قطر، كبديل يحظى بدعم دولي كبير.

وتطالب وسائل الإعلام البريطانية بتجريد قطر من تنظيم كأس العالم 2022، بعد الكشف عن الطرق القذرة التي استخدمتها الدوحة من أجل إقامة البطولة على أراضيها.

شبهة فساد بين قطر والفيفا

لاحظ مراقبون أن غض نظر الفيفا عن تجاوزات قطر اللاأخلاقية خلال التنافس حول تنظيم كأس العالم يكشف ضمنيا دعمه للدوحة وأن هناك شبهة تواطؤ بين قطر والاتحاد الدولي لكرة القدم، تمنعه من انتزاع حق استضافة كأس العالم 2022 من قطر، وذلك على الرغم من عوامل عديدة قد تُعطي أعذارا مقبولة لسحب التنظيم، ليس فقط لدعمها المستمر للإرهاب وعناصره المتطرفة، بل أيضا لعدد من العوامل الأخرى المتعلقة باستعداداتها لاستضافة البطولة.

وأشار الخبير الرياضي الدولي فيليب بوب في تصريحات صحافية إلى أن هناك أسبابا ملموسة تدفع الفيفا لسحب تنظيم كأس العالم من الدوحة، أبرزها حصول الدوحة على حق استضافة البطولة بطرق ملتوية وهو ما أكدته الصنداي تايمز، في حين سبق أن أثبتت التحقيقات الأولية لتلك الملفات حصول العديد من المصوتين على رشاوى من أجل تصويتهم لصالح الملف القطري.

وتساؤل بوب عن سر تغاضي الاتحاد الدولي عن انتهاك قطر لقواعد الفيفا، وهو يرجح الاعتقاد بأن الأعضاء الحاليين يرتبطون أيضا بشبهات فساد واضحة مع الدوحة، تحول دون اتخاذ قرار بسحب تنظيم مونديال 2022 ومنحه لبلد آخر.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: