الصين تتخذ من المغرب قاعدة لصناعة السيارات
تمكن مناخ الاستثمار المستقر والحوافز والتسهيلات التي يقدمها المغرب من استقطاب أكبر الشركات الصينية لصناعة السيارات، التي وجدت في المغرب بيئة مثالية لاتخاذه قاعدة للتوسع في الأسواق المجاورة في أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط.
دشنت الصين مشروعا صناعيا جديدا للسيارات في المغرب، ضمن حزمة من الاستثمارات تحت مظلة الشراكة الاستراتيجية الموسعة بين البلدين، لتنظم إلى سلسلة من شركات السيارات العالمية التي ضخت استثمارات للبلد الأفريقي
ووقعت الحكومة المغربية الخميس الماضي، اتفاقية استثمار مع مجموعة “سيتيك ديكاستال” الصينية لبناء مصنعين في قطاع السيارات في مدينتي القنيطرة وطنجة.
ويقول متابعون إن المشروع نموذج لنجاح الدبلوماسية الاقتصادية مع الصين والتي يتوقع أن تشهد توسعا كبيرا خلال السنوات المقبلة وتعد من ثمار الزيارة التاريخية للعاهل المغربي الملك محمد السادس إلى بكين قبل عامين.
وقال حفيظ العلمي وزير الصناعة والتجارة إن “المجموعة الصينية تعد الأولى عالميا في صناعة إطارات السيارات من الألومنيوم، وسيكون لها أثر على القيمة المضافة للسيارات المصنعة في المغرب”.
وأوضح أن المشروع كان مبرمجا في طنجة، ولكن نظرا لاستعجال ديكاستال للانطلاق في النشاط، سيتم البدء بمصنع في القنيطرة وسينتهي بناؤه في أقل من عام، والثاني في طنجة تيك حيث الأشغال بالكاد بدأت.
وكانت الحكومة قد أبرمت اتفاقا مع مجموعة “بي.واي.دي أوتو إندستري” الصينية لصناعة السيارات في ديسمبر الماضي من أجل إنشاء مصنع للسيارات الكهربائية قرب مدينة طنجة، هو الأول من نوعه في أفريقيا.
وستقوم ديكاستال بإنجاز المشروع بتكلفة إجمالية تبلغ 350 مليون دولار، وسيساهم في توفير 1200 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. وسيبدأ في إنتاج 6 ملايين إطار سنويا نهاية العام المقبل، ستخصص 90 بالمئة منها للتصدير كمرحلة أولى.
وعلق كزو زويو نائب رئيس المجموعة الصينية على الاتفاقية بالقول إن “مجموعتنا ستتمكن من توسيع شبكة التغطية العالمية، وستساهم في التنمية الصناعية في المغرب وتقوية المبادلات التجارية بين الطرفين”.
وتعهدت المجموعة ببناء مصنع متطور أفضل من وحدتها في الولايات المتحدة من أجل توفير خدمة جيدة للزبائن سواء في المغرب أو في العالم.
ولدى ديكاستال ثلاثون وحدة صناعية موزعة بين الصين وأوروبا وأميركا الشمالية، وهي متخصصة في إنتاج مكونات السيارات الخفيفة والإطارات، وتستحوذ على 30 بالمئة من السوق العالمية، وتقوم بتزويد كبار المصنعين على غرار رينو وبيجو وفورد وتويوتا وفولكسفاغن وأدوي.
وتأتي الاتفاقية تتويجا للتحركات المغربية من أجل دعم المنظومة الصناعية للسيارات بالمغرب وتحقيق قيمة إضافية عالية لهذا القطاع الذي بات المصدر الأول للدولة.
وبدأت شركة هاندز كورب الكورية الجنوبية في أبريل الماضي، بناء مصنع لعجلات الألومنيوم في طنجة بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 472 مليون دولار وطاقة إنتاجية سنوية قدرها ثمانية ملايين وحدة.
وقبل ذلك بعام، أطلقت شركة ليوني الألمانية مشروعا لصناعة أسلاك وكابلات السيارات في مدينة زنيقة سيوفر قرابة 17 ألف فرصة عمل جديدة.
وباتت الكثير من شركات صناعة السيارات العالمية تفكر باتخاذ المغرب قاعدة لها بسبب مناخ الاستثمار المستقر وما يتمتع به من بنية تحتية قوية ويد عاملة مدربة وموقع جغرافي قرب أكبر الأسواق، فضلا عن التكاليف التنافسية والدعم والحوافز التي تقدمها السلطات المغربية للاستثمار.
وتقدم الرباط حوافز ضريبية لشركات السيارات المقيمة لمدة خمس سنوات وإعفاء لمدة ربع قرن إذا تم تصدير معظم الإنتاج، وأيضا إعفاءات ضريبية على القيمة المضافة، ودعما في شراء الأراضي، وتخفيضات تصل إلى 30 بالمئة من تكاليف الاستثمار.
وتسعى الرباط إلى رفع حصة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي من 14 بالمئة حاليا إلى نحو 23 بالمئة بحلول عام 2020.
كما تطمح لزيادة إنتاج السيارات في السنوات العشر المقبلة لتبلغ مليون سيارة سنويا، وتخطط للوصول بنسبة المكونات المحلية الصنع إلى 80 بالمئة بحلول 2020.
وبحسب جمعية مستوردي السيارات بالمغرب، فإن سوق السيارات سجل قفزة مهمة في المبيعات خلال أبريل الماضي، بزيادة تقدر بنحو 67.5 بالمئة، بمقارنة سنوية، ليتجاوز الإنتاج 22 ألف سيارة.
وتراهن الرباط على هذا القطاع الواعد من أجل تعزيز الصادرات وبالتالي تأمين عوائد إضافية لخزينة الدولة بالعملة الصعبة.
ويقود القطاع صادرات المغرب، فقد حقق قفزة في النصف الأول من العام الجاري تجاوز 19 بالمئة، بمقارنة سنوية، بعوائد فاقت 3.6 مليار دولار.
وتصدرت صناعة السيارات القطاعات الصناعية المصدرة في البلاد العام الماضي، حيث تمكنت الدولة من تحقيق عوائد بلغت 7 مليارات دولار.
وأشار تقرير حديث صادر عن مكتب الاقتصاد في وزارة الخارجية الأميركية إلى أن الاستثمار الأجنبي في المغرب يرتفع بمعدل 4.4 بالمئة سنويا.
واعتبر أن إطلاق منطقة التجارة الحرة الأفريقية القارية في مارس الماضي، سيوفر المزيد من الفرص لتشجيع الاستثمار الأجنبي والتجارة وبالتالي تسريع التنمية الاقتصادية.