المغرب والاتحاد الأوروبي يتجاوزان القضايا الخلافية في اتفاقية الصيد البحري
أسفرت اجتماعات عقدت، مساء الخميس، بين المغرب والاتحاد الأوروبي، إلى الاتفاق على جل النقاط التي كانت عالقة خلال المفاوضات بين الجانبين حول اتفاقية الشراكة في الميدان الفلاحي واتفاقية الصيد البحري التي انتهت يوم الأحد الماضي.
وقالت مصادر دبلوماسية مغربية إن الجانبين توصلا إلى اتفاق جديد بشأن اتفاقية الصيد البحري الجديدة يشمل المياه الإقليمية للمناطق الصحراوية، وذلك بعد (4) جولات من المفاوضات، بدأ أولها في أبريل الماضي.
وكشفت المصادر أن «المسؤولين المغربيين عقدوا، مساء الخميس، لقاءات مكثفة مع نظرائهم الأوروبيين، وتم الاتفاق على جل النقاط التي ظلت عالقة خلال الاجتماعات السابقة» (دون أن يشير إلى تفاصيل أكثر)، وقال إن «الوفد المغربي شدد طيلة جولات المفاوضات على أنه لن يوقع على أي اتفاقية دولية تسثني الصحراء».
وأكد المصدر ذاته أن جميع ما ينطبق على اتفاق الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، الذي صادق عليه مجلس وزراء الشؤون الخارجية للبلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يوم الإثنين الماضي، ينطبق على اتفاق الصيد البحري، و»من المرتقب أن يعلن رسميًا التوقيع على الاتفاقية الجديدة في غضون الأيام المقبلة لتنتهي فترة توقف سفن الصيد الأوروبي في المياه المغربية».
وأعلنت جبهة البوليساريو، التي تسعى لفصل منطقة الصحراء المغربية عن المغرب، رفضها لمشروع اتفاقية الشراكة الذي وقع الإثنين، وتطالب باستثناء المنطقة من أي اتفاق بين المغرب والأوروبيين باعتبار أنها بالنسبة للجبهة مناطق ليست مغربية، وتشير إلى قرار محكمة العدل الأوروبية الصادر في فبراير الماضي الذي نص على أن «اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي ساري المفعول ما لم يُطبق على الصحراء»، وتسمح هذه الاتفاقية التي انتهت يوم 14 يوليو الحالي للسفن الأوروبية بدخول منطقة الصيد الأطلسية للمغرب، مقابل (30) مليون أورو سنوياً يدفعها الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى (10) ملايين أورو مساهمة من أصحاب السفن وتهم نحو (120) سفينة صيد (80 بالمئة منها إسبانية) تمثل (11) دولة أوروبية، وهي: إسبانيا، والبرتغال، وإيطاليا، وفرنسا، وألمانيا، وليتوانيا، ولاتفيا، وهولندا، وإيرلندا، وبولونيا، وبريطانيا.
وكانت جبهة البوليساريو تراهن على تعثر توقيع المغرب لاتفاق صيد بحري جديد مع الاتحاد الأوروبي، بعد حكم المحكمة العليا الأوروبية حول الاتفاق السابق الذي بموجبه استثنت مياه الصحراء المغربية ، وتضمن القرار الذي صادق عليه، يوم الإثنين الماضي، مجلس وزراء الشؤون الخارجية للبلدان الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، ملاءمة اتفاق الشراكة، والاتفاق الفلاحي مع المغرب بشكل يدمج صراحة الصحراء المغربية في الاتفاق الجديد للصيد البحري، مع قرارر محكمة العدل الأوروبية.
وأعلنت جبهة البوليساريو عزمها محاولة التشويش على اتفاقية الصيد البحري، وقالت بتقدمها بطعن أمام محكمة العدل الأوروبية ضد قرار مجلس الاتحاد الأوروبي، وبعد محاولات الضغط بورقة حقوق الإنسان، لجأت الجبهة إلى إثارة نقطة “الموارد الطبيعية” على المستوى الدولي، إذ حاولت عرقلة شحنة الفوسفاط المغربي في جنوب إفريقيا، التي تم حجزها لأشهر بناءً على حكم قضائي، قبل أن تعود إلى المغرب أخيرًا، كما استصدرت قرارًا من محكمة العدل الأوروبية لاستثناء الأقاليم الجنوبية من الاتفاقية السابقة، التي أبرمها المغرب مع الاتحاد الأوربي. وهو الحكم الذي تحاول الجبهة إسقاطه على الاتفاق الجديد كذلك.
وأعلنت جبهة البوليساريو أمس الجمعة احتجاجها على وصول شحنة أسماك مغربية، قادمة من الأقاليم الصحراوية، وينتظر أن ترسو في الموانئ الألمانية، ووجهت رسالة إلى وزير الخارجية الألماني «هيكو ماس»، معبرة فيها عن «القلق» من وصول شحنة الأسماك المغربية إلى ألمانيا، وهي الشحنة التي من المقرر أن تصل على ظهر السفينة الهولندية «فيسيل بينت»، محملة بقرابة (3000) طن من الأسماك، القادمة من مدينة العيون، وقالت إن ذلك تصرف غير طبيعي رغم إرادة الصحراويين.
وقال مسؤول العلاقات الخارجية بالجبهة، محمد خداد، في رسالة إلى وزير الخارجية الألماني «هيكو ماس» إن الجبهة تدين بشدة هذا التصدير غير الشرعي للموارد الطبيعية من الصحراء المغربية، وقال: في «سنتي 2016 و2018 م، حكمت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، وانطلاقًا من مبدأ تقرير المصير، بأن الصحراء الغربية أرض منفصلة ومختلفة ومتميزة عن المملكة المغربية، وأن الصحراويين ممثلين بجبهة البوليساريو طرف ثالث في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، وموافقتهم إلزامية، سواء تعلق الأمر باتفاق نفعي أو غير نفعي يمتد إلى الصحراء الغربية».
وقال في رسالته إن جبهة البوليساريو أخذت علمًا وبأسف عميق بقرار مجلس أوروبا المعتمد يوم 16 يوليو 2018م، والقاضي بالتوقيع على تعديل اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لعام 2000م، يسمح بتوسيع مجال تطبيقه ليشمل الأراضي الصحراوية عن رغم إرادة الصحراويين، وهو ما يوضح بأن الاتحاد الأوروبي فضل المصالح الاقتصادية على المدى القصير على القانون والعدالة والسلام، ومنه تحول الاتحاد الأوروبي بقراره اللاشرعي هذا إلى معيق ومعرقل حقيقي لجهود السلام التي يبذلها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية «هورست كوهلر»، ويطيل أمد النزاع ويمدد بذلك معاناة الصحراويين ويزيد من حالة التوتر وتهديد الأمن والاستقرار بالمنطقة، بما يناقض مصالح الاتحاد الأوروبي .