قانون القومية اليهودية تكريس للعنصرية ونسف للهوية الفلسطينية
التشريع يحول عرب إسرائيل إلى مواطنين من الدرجة الثانية، والفلسطينيون والجامعة العربية يطالبان المجتمع الدولي بالتحرك.
أثارت مصادقة الكنيست الإسرائيلي على قانون ينص على أن إسرائيل هي “الدولة القومية للشعب اليهودي” وأن “حق تقرير المصير فيها حصري للشعب اليهودي فقط”، ردود فعل فلسطينية وعربية غاضبة اعتبرت أن هذا التشريع يكرس العنصرية ويشكل نسفا للهوية الفلسطينية.
وتم تبني مشروع القانون الخميس بتأييد 62 صوتا في مقابل 55، وهو ينص على أن اللغة العبرية ستصبح اللغة الرسمية في إسرائيل بينما ينزع هذه الصفة عن اللغة العربية، وتعتبر الدولة “تطوير الاستيطان اليهودي قيمة قومية، وتعمل لأجل تشجيعه ودعم إقامته وتثبيته”.
ويعني قانون “الدولة القومية للشعب اليهودي” يهودية الدولة. ورأى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في إقرار الكنيست قانون “القومية” أنه تطبيق لرؤية ثيودور هرتسل، الذي ينظر إليه على أنه الأب الروحي لفكرة “الصهيونية”.
وقال نتنياهو بعد تصويت الكنيست على القانون “هذه لحظة فارقة بتاريخ الصهيونية ودولة إسرائيل، بعد 122 عاما من قيام هرتسل بنشر رؤيته، حددنا بالقانون مبدأ أساس وجودنا، إسرائيل هي دولة قومية للشعب اليهودي”.
وثيودور هرتسل (1860-1904) هو صحافي يهودي، شجع الهجرة اليهودية إلى فلسطين ويعتبر الأب الروحي للدولة اليهودية.
وفي رد فعل على المصادقة على القانون قام نواب القائمة المشتركة العرب في نهاية التصويت بتمزيق النص احتجاجا، ما دفع رئيس الكنيست إلى طردهم، بينما كان هؤلاء يصرخون “أبارتهايد، أبارتهايد”، في إشارة إلى الفصل العنصري.
ومن المبادئ الأساسية للقانون أن “أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي”، وأن “دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، وفيها يقوم بممارسة حقه الطبيعي والثقافي والديني والتاريخي لتقرير المصير”. كما ينص على أن “القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة إسرائيل”.
ووفق هذا القانون فإن عرب 1948 الذين يشكلون 20 بالمئة من سكان إسرائيل البالغ عددهم 8.5 مليون نسمة بات ينظر إليهم على أنهم أقلية وأنهم موطنون من درجة ثانية.
ويرى مراقبون أن من النقاط الخطيرة الأخرى في هذا القانون التركيز على مصطلح أرض إسرائيل وليس دولة إسرائيل وهذا يشكل مدخلا لضم الضفة الغربية.
وعبر أكثر من مسؤول إسرائيلي ومنهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في أكثر من مناسبة عن اعتقادهم بأن الضفة هي أرض إسرائيلية.
وأدانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، المصادقة على القانون. وقالت عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة حنان عشراوي، في بيان صحافي، إن التشريع “يهدف إلى القضاء على الوجود الفلسطيني”.
وأضافت “محاولات إسرائيل تثبيت مفاهيم الاحتلال والاستيطان ونظام الفصل العنصري، وإلغاء الوجود الفلسطيني، عبثية لن تمر، وسيبقى الشعب الفلسطيني صاحب الحق والأرض والرواية والحيز والمكان”.
ووصفت عضو اللجنة التنفيذية القانون بـ”الخطير”، وقالت إنه “يهدف إلى إقصاء سكان الأرض الأصليين وشطبهم وتشريدهم”.
ويسقط هذا القانون الذي يعد الأخطر بالنسبة للقضية الفلسطينية حق العودة للآلاف من الفلسطينيين، ويشجع بالمقابل على هجرة اليهود إلى أرض فلسطين.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، في بيان منفصل، إن إسرائيل نجحت في “قوننة الفصل العنصري وجعل نفسها نظام تمييز عنصري بالقانون”.
وأدان عريقات التشريع، وقال إنه “يعد ترسيخا وامتدادا للإرث الاستعماري العنصري الذي يقوم على أساس التطهير العرقي وإلغاء الآخر، والتنكر المتعمد لحقوق السكان الأصليين على أرضهم التاريخية”.
وأشار إلى أن إسرائيل “عزلت نفسها عن المنظومة الدولية، واختارت أن تكون الدولة النشاز من بين الدول في القرن الـ21”.
من جهتها أدانت الأمانة العامة للجامعة العربية مصادقة الكنيست على “قانون القومية” العنصري، واصفة أياه بأنه “باطل”.
وأكدت “ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي ممثلا بدوله ومنظماته بمسؤولياته من خلال الضغط على إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، لإلزامها بتطبيق قرارات الشرعية الدولية، ومساءلتها ومحاسبتها على انتهاكاتها الممنهجة للقوانين وقرارات الشرعية الدولية”.
وكانت نسخة سابقة لمشروع القانون تنص على إمكان إقامة مجتمعات لليهود فقط، واستثناء العرب الإسرائيليين منها. وأثارت تلك الصيغة موجة من الاحتجاجات خصوصا من الرئيس رؤوفين ريفلين والمدعي العام أفيخاي ماندلبليت ووفد الاتحاد الأوروبي في إسرائيل حول طابعه التمييزي.
ولا يوجد قانون ينص على المساواة بين المواطنين في إسرائيل، وبحسب أعضاء عرب في الكنيست، رفض نتنياهو وحكومته تشريع قانون المساواة.
وقال رئيس المحكمة العليا السابق يشوع ماتسا “هذا القانون موجه ضد الأقلية ويضر بها”. وأثار إقرار القانون تنديد المعارضة وخصوصا النائب العربي أيمن عودة الذي رفع راية سوداء خلال الجلسة للتنديد بـ”موت الديمقراطية”. وقال عودة “تريدون القول بأن الدولة ليست لنا، ولكن لا شيء يمنع الحقيقة بأننا أهل هذا الوطن ولا وطن لنا سواه”.
وهذا القانون هو من القوانين الأساسية التي ستستخدم كدستور لعدم وجود دستور حتى الآن في إسرائيل.
وفي ما يتعلق باللغة الرسمية، لم يتم تبني أي قانون في هذا الصدد منذ قيام إسرائيل في العام 1948، وكانت اللغتان العربية والعبرية تستخدمان في الوثائق الرسمية.
وقال عضو الكنيست جمال زحالقة “بالنسبة للغة العربية القانون الجديد الذي صدر يلغي قانونا انتدابيا بأن العبرية والعربية هما لغتان رسميتان. القانون جعل اللغة العبرية وحدها اللغة الرسمية وهذا يعني منح شرعية دستورية للتمييز القائم ضد اللغة العربية”.
وقررت لجنة السلوكيات في الكنيست مساء الأربعاء إبعاد النائب جمال زحالقة عن مداولات الكنيست لمدة شهر مع بداية الدورة الشتوية بدءا من 14 أكتوبر وحتى 13 نوفمبر بحجة “خرق أصول السلوك” في الكنيست لاتهامه رئيس الشين بيت سابقا آفي ديختر بأنه “مسؤول عن قتل العشرات وربما المئات” ولأنه اتهم الجيش الإسرائيلي بقتل المئات من الأطفال في غزة.
وآفي ديختر من حزب الليكود وكان رئيس جهاز الشين بيت سابقا ووزير أمن سابقا ومقترح مشروع القانون.