الافتتان بين الزوجين ليس حالة طويلة الأمد

المودة الثابتة والمتزايدة بين الزوجين تعد مفتاح الزواج الناجح ومهمّة جدا لتأسيس رابطة زوجية مستقرة.
الاثنين 2018/07/16
بحث عن حياة زوجية آمنة

أكدت دراسة أميركية حديثة أن المودة الثابتة والمتزايدة بين الزوجين تعد مفتاح الزواج الناجح ومهمّة جدا لتأسيس رابطة زوجية مستقرة، مشيرة إلى أن الأزواج الذين يتبادلون المشاعر الجياشة من البداية، أي الذين يظهرون مستويات غير مفهومة من العاطفة، هم الأكثر عرضة للطلاق. وشملت الدراسة المنشورة في مجلة الشخصية والنفسية الاجتماعية 168 من الأزواج مدة 13 عاما لاكتشاف الإشارات التي تتنبأ بالطلاق، وما يشير إلى وجود زواج صحّي طويل الأمد.

وقال المشرفون على الدراسة “تبيّن أن المتزوجين الذين تطلقوا بعد 7 سنوات أو أكثر من الزواج، يشعرون بعاطفة كبيرة ويظهرون فائضا من المودة في البداية”.

وأوضحت عالمة النفس مادلين ماسون رانتري قائلة “إذا فكرت في الأمر، فقد تراه منطقيا جدا. ويذهب البعض إلى أبعد الحدود في العلاقة الرومانسية، وبالتالي فإن مصطلح الحب الأعمى أو ما يعرف بالافتتان، ليس حالة طويلة الأمد. وبمجرد أن يختفي ذلك، يجب على المرء أن ينظر إلى ما تبقى بين الشخصين، وإذا لم تكن هناك رابطة أخرى غير العاطفة، فمن المرجح أن تنهار العلاقة”.

وأوضح معدو الدراسة أن الرغبة في التحرر من هذا الوهم تؤدي في نهاية المطاف إلى الطلاق، ولكن هناك استثناءات للقاعدة، خاصة في ما يتعلق بالعواطف المتبادلة يوم الزفاف، لذا يمكن القول إن المودة المتبادلة بين الأزواج ليست علامة سيئة دائما، حيث تؤثر على العلاقة الزوجية فقط عندما تكون قوة المشاعر غير صحيحة. كما توجد علامات إضافية على الطلاق، تتمثل في عدم بذل الجهد لنجاح العلاقة وغياب التقدير والاحترام المتبادل.

ومن جانبها تطرقت غزلان بن حميدة الدكتورة النفسية إلى أهمية الجانب الجنسي لنجاح العلاقة الزوجية، وتقدمت بنصيحة للزوجين في العام الأول للزواج بأن يكونا على علم باختلافهما الجسماني والنفسي وأنه يستلزم بعض الوقت كي يحدث تناغم بينهما في لقاءاتهما الحميمية.

ويجب على الزوج أن يدرك أن لزوجته حقوقا، وأن لها رغبة تريد أن تشبعها مثله، أما الزوجة فيجب أن تتخلص من سلبيتها المعهودة في لقاءاتها الجنسية مع زوجها، وأن تشارك فيها.

كما تنصح بن حميدة  أي زوجين خصوصا في عامهما الأول بأن يقيّما كل لقاء يتم بينهما وأن يتحدثا معا بصراحة ودون خجل عن السلبيات والإيجابيات التي تحدث أثناء المعاشرة كي يصلا إلى صيغ تفاهم حول الأمور المحببة إلى كل منهما كي يتمسكا بها ويتجنبا بعض السلوكيات المنفّرة التي قد تسبب لهما الإزعاج أو الضيق.

المودة المتبادلة بين الأزواج ليست علامة سيئة دائما، حيث تؤثر على العلاقة الزوجية فقط عندما تكون قوة المشاعر غير صحيحة

وتضيف بن حميدة  أن العلاقة الحميمة هي علاقة توحد والعطاء فيها يؤتي ثماره بشكل مباشر، وأن نجاح بين الزوجين في خلق حوار للوصول إلى قمة الإشباع الجنسي هو الطريق لحياة زوجية سعيدة، بالتفاهم الجنسي الذي يخلق تفاهما في شتى أمور الحياة الأخرى، أما الفشل في هذه الناحية فهو يخيّم بالضرورة على حياة الزوجين.

وأكدت أنه لا مانع من أن يبحث الزوجان معا في حالة افتقادهما للثقافة الجنسية عن مصادر لهذه الثقافة سواء بالاستشارة الطبية أو من خلال الكتب العملية التي تناقش العلاقة بين الزوجين، كما أنه من الأمور الحتمية الآن أن يدرك كل طرف الطبيعة البيولوجية للطرف الآخر ويعرف كل ما هو ممكن عن الجهاز التناسلي للآخر، وهي أمور لا حرج فيها بين الأزواج.

ويقول سعيد البدري، أستاذ أمراض النساء، “يجب على الزوج أن يفهم طبيعة زوجته، ونظام الدورة الشهرية لديها والآثار الجانبية التي قد تحدث لها أثناء هذه الفترة، وقد يحدث الحمل في العام الأول مما يتطلب من الزوجين فهم ما يحدث أثناء شهور الحمل وأن يتقاسما المسؤولية لرعاية الجنين، وأن يدركا التغييرات النفسية والبيولوجية التي قد تحدث للزوجة خلال هذه الفترة”.

وتعتبر السنة الأولى للزواج  الفترة المثالية لوضع دستور الحياة الزوجية؛ فبعد أن تنتهي مشاغل الزفاف، وبعد أن يتخلص الطرفان من معاناة وتعب المرحلة السابقة للزواج، ويدركا أنهما قد شكلا معا أسرة جديدة تنضم إلى البنيان الاجتماعي للوطن، يجب أن يتفهما أنهما أسرة واحدة، أي كيان واحد يصح أن يوجد بداخله الاختلاف، لكن لا يصح أن يسير بهما الركب في ظل اختلاف الاتجاهات.

و يكون العام الأول للزواج هو فرصتهما الذهبية لإذابة هذه الاختلافات الطبيعية للتوحد، ورؤيتهما لأمور الحياة المختلفة، مقدما نصيحة للزوجين بأن يتفهما فلسفة العمل الجماعي، وهو إحدى أهم أدوات التفاعل الإنساني داخل المجتمعات، وهناك العديد من الدراسات والأبحاث التي تطرقت لهذا الأسلوب وتطبيقاته على الأسرة.

وتقوم فلسفة العمل الجماعي على انطلاق أفراد العمل في علاقتهم من مسافة الاتفاق ثم جدولة الاختلافات ومناقشتها بأسلوب متحضر، يتيح لكل أطراف العمل حرية إبداء الرأي، ويسمح للمنهج الديمقراطي بأن يطبق داخل إطار جماعة العمل.

فالمنهج الليبرالي القائم على الديمقراطية والحوار هو الأساس الصحيح الذي يجب أن تقوم عليه الأسرة كي يستقيم حالها، ويصلح بها المجتمع كله، ونشأة الأطفال في هذا الجو الليبرالي يقدم لنا مواطنين يدركون إنسانيتهم لا عبيدا مستغلين، ولهذا أنصح كل زوجين وقبل أن تشغلهما دوامات الحياة بأن يبتكرا أسلوبا اجتماعيا لإدارة شؤون حياتهما، أي أسلوب مرن قابل للتطور مع مرور الزمن، وأن يلزما أنفسهما على اتباعه

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: