خطط مغربية عاجلة لتفادي تباطؤ النمو الاقتصادي
الحكومة المغربية تكثف جهودها لإزالة العقبات التي تهدد وتيرة النمو الاقتصادي من خلال وضع استراتيجية لمواجهة ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية التي أدت إلى تفاقم العجز في الموازنة.
سارعت الحكومة المغربية إلى وضع خطة عاجلة لتفادي سيناريو تعرض النمو الاقتصادي لركود مفاجئ، في ظل مجموعة من الظروف الداخلية والخارجية قد تقلص من عوائد خزينة الدولة وتفاقم عجز الموازنة.
وتقول الحكومة إن ارتفاع أسعار النفط والحرب التجارية العالمية يضعان تحديات وضغوطا على الاقتصاد المغربي، بينما تعد السلطات مشروع موازنة 2019.
ولكن الأمر لا يتوقف عند ذلك فحسب، بل إن المقاطعة الشعبية لمنتجات بعض الشركات قد يكون لها دور في تراجع النشاط الاقتصادي.
وترى الحكومة أن انخفاض الاستثمار في القطاع الخاص وتراجع الإيرادات الضريبية والمطالبات بتحسين الخدمات العامة والحاجة إلى دعم القدرة الشرائية للمواطنين تمثل تحديات إضافية، ولذلك قررت دفع عجلة الاستثمار في القطاع الصناعي.
وكشفت وزارة الاقتصاد والمالية في بيان السبت الماضي أن الحكومة قررت إعفاء الشركات الصناعية الجديدة من الضرائب لمدة خمس سنوات بهدف تحفيز الاستثمار.
وأشارت إلى أن الإجراء يهدف إلى تشجيع الاستثمار في 24 قطاعا من بينها السيارات والطيران والمنسوجات والصناعات التحويلية والأغذية والصناعات الدوائية.
ويرى خبراء أن الحوافز الضريبية الجديدة تظهر أن النظام الضريبي القائم ليس كافيا وبحاجة لمراجعة.
ويأتي هذا الإعفاء الضريبي في الوقت الذي يتوقع فيه المغرب المزيد من التراجع في الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام المقبل، بعد أن هبط 17.2 بالمئة في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، بمقارنة سنوية.
وجذب المغرب خلال السنوات الأخيرة استثمارات كبيرة من عدد كبير من المستثمرين في قطاعي السيارات والطيران، بما في ذلك شركات عالمية عملاقة، منها رينو وبيجو وبومباردييه وبوينغ وسافران.
وتخشى الحكومة أن يرتفع العجز في موازنة هذا العام في ظل انتعاش أسعار الخام في الأسواق العالمية، ما قد يؤثر على التوازنات المالية للبلاد.
وقال مصطفى الخلفي، المتحدث باسم الحكومة في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، إن “موازنة العام الجاري تستند إلى سعر 60 دولارا للبرميل على الرغم من أن متوسط السعر في الأسواق العالمية زاد إلى 73 دولارا”.
ويعتبر المغرب أكبر مستورد للطاقة في منطقة شمال أفريقيا بإنفاق بلغ 70 مليار درهم (7.39 مليار دولار) في العام الماضي، وفق البيانات الرسمية.
وكان عبداللطيف الجواهري، محافظ بنك المغرب المركزي، قد قال الشهر الماضي إن “ارتفاع أسعار النفط والصراعات الجيوسياسية ربما يكون لهما أثر فوري على المالية العامة للمغرب وخصوصا في ما يتعلق بتكاليف الاقتراض”. وحرر المغرب قطاع النفط في العام 2015 استجابة لضغوط المقرضين الدوليين، لكنه أبقى على دعم المياه والسكر وغاز الطهي.
ووافق البنك الدولي الشهر الماضي على تقديم دعم جديد للمغرب لتبنيه تقنيات مبتكرة لإنتاج الطاقة البديلة، في خطوة تعزز خطط البلاد للانتقال إلى مستقبل يعتمد على الطاقة الخضراء وخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وسيقدم البنك نحو 125 مليون دولار لتطوير محطتي إنتاج الطاقة الشمسية نور ميدلت 1 و2 بطاقة إجمالية تتراوح بين 600 و800 ميغاواط.
ويشكل مخطط الطاقة الشمسية المغربي محورا بالغ الأهمية في هدف الحكومة الرامي إلى إنتاج قرابة 52 بالمئة من الكهرباء من الطاقة المتجددة بحلول العام 2030.
وتتوقع المندوبية السامية للتخطيط نمو الاقتصاد بنحو 2.9 بالمئة في 2019 انخفاضا من 4.1 بالمئة في العام الماضي، ونموا متوقعا بنسبة 3.1 بالمئة في العام الجاري.
وتستند توقعات النمو للعام القادم إلى تباطؤ الاستثمار الأجنبي وانخفاض الإيرادات الزراعية رغم القفزة التي حققها القطاع هذا العام.
وتظهر البيانات أن المغرب نجح في تحدي ظاهرة الجفاف ضمن استراتيجية “المغرب الأخضر” ليحقق قفزة في مستويات إنتاج المحاصيل للموسم الزراعي الحالي.
وتتوقع وزارة الفلاحة أن يبلغ محصول الحبوب المغربي 9.82 مليون طن هذا العام، بما يتماشى مع محصول العام الماضي رغم تأخر هطول الأمطار. وتشكل الزراعة أكثر من 15 بالمئة من اقتصاد المغرب ويعمل بها نحو 35 بالمئة من القوة العاملة.
وتواجه الحكومة ضغوطا إضافية من حملات مقاطعة دشنها المستهلكون دفعت الشركة المنتجة لمياه “سيدي علي” المعبأة في الآونة الأخيرة وشركة سنطرال دانون الفرع المغربي لشركة دانون الفرنسية إلى إصدار تحذيرات بشأن الأرباح.
واستهدف المقاطعون الذين يشكون من ارتفاع الأسعار أيضا محطات وقود أفريقيا وهي جزء من مجموعة أكوا التابعة لوزير الزراعة الملياردير عزيز أخنوش.
واتسعت رقعة حملة المقاطعة الشعبية لتشمل شركات المشروبات الغازية وشركة أسواق مرجان لتجارة التجزئة، بعد أن أثبتت نجاحها، بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار.
ولم تفلح محاولات الحكومة في وضع حد للمشكلة المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أشهر، والتي يتوقع أن تجبر المستثمرين على تغيير خططهم في التعامل مع المستهلكين.
ومع ذلك، تسعى الرباط إلى التركيز أكثر على الصادرات باعتبارها أحد المحركات الرئيسية لتعزيز معدلات النمو، وحتى الآن لم تظهر بوادر اتفاق جديد بشأن الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وهو الاتفاق الذي انتهى موعده فعليا أمس الأوّل.