تقرير لنقابة الصحافة في المغرب بخصوص الصحافي بوعشرين يثير جدلاً في ندوة لليونسكو حول حماية الصحافيين
Jul 14, 2018
حظيت الاعتداءات التي يتعرض لها الصحافيون بسبب ممارستهم لعملهم الصحافي والبحث عن آلية لحماية الصحافيين أمام التهديدات المتصاعدة، باهتمام ندوة لمناقشة تقرير منظمة اليونسكو العالمي لسنة 2017- 2018 حول «الاتجاهات العالمية على صعيد حرية التعبير وتطوير وسائل الإعلام»، نظمتها النقابة الوطنية للصحافة المغربية بشراكة مع اليونسكو بالرباط . وحضر الحديث عن الاعتداءات والتهديدات في حق الصحافيين وغابت الآليات المؤسساتية والقانونية الكفيلة بحمايتهم.
مشكل الاعتداء على الصحافيين قضية مطروحة على المستوى العالمي كما تناولها المتدخلون في الندوة، والصحافيون بالمغرب ليسوا بمنأى عن التهديدات التي تطال العمل الصحافي والتي غالبًا ما يكون مصدرها السلطة حسب ما جاء في مداخلة ليونس مجاهد، القيادي بالنقابة الوطنية للصحافة المغربية، الذي تناول مشكل الإفلات من العقاب لمرتكبي الاعتداءات في حق الصحافيين، مشددًا على أنه حينما توضع شكايات غالبًا ما تبقى بلا جواب، وأن البلاغات التي تصدرها النقابة بخصوص حالات الاعتداء و التقارير التي تبعثها لوزارة الداخلية تبقى بلا أثر، بل إن وزارة العدل السابقة- حسب مجاهد- طلبت أن يقدم المعني بالأمر، أي الصحافي المعتدى عليه الشكاية شخصيًا وليست النقابة من تتكفل بذلك.
وأكد مجاهد أن كل الشروط القانونية، سواء في قانون الصحافة المغربي أم النصوص التي تجرم عملية التعذيب، مساعدة على فتح تحقيقات في نوازل الاعتداءات، غير أنها لا تفعل، ولا يتم فتح تحقيقات، مشيرًا إلى أن نقاش آلية وطينة لحماية الصحافيين انطلق منذ سنة 2012 ولم يتم تفعليه رغم الرسائل والمذكرات، وبأن «النقابة ترصد على الصعيد الوطني اعتداءات كثيرة وليست هناك إرادة سياسية لحماية الصحافيين»، مؤكدًا أن التقرير السنوي الذي تعرضه النقابة «يجب أن يصبح وثيقة للحوار مع السلطات والأطراف حول الانتهاكات»، وليس فقط وثيقة تتداولها وسائل الإعلام حول واقع الصحافة . على المستوى الدولي، تحدث مجاهد عن مشروع للفيدرالية الدولية للصحافيين من أجل إقناع الحكومات، وخاصة الوزارات و الإدارات المكلفة في الخارجية، للدفاع عنه في الأمم المتحدة، وهو يقترح تدابير لحماية الصحافيين يجب أن تدرج في القوانين والمؤسسات للإنهاء مع سياسة اللاعقاب وترتيب الجزاءات، بحيث يمكن أن تحاسب الدول الموقعة على ما يجري بلدانها للصحافيين من اعتداءات، يقول مجاهد مؤكدًا أن الحكومة المغربية يجب أن تتبناه.
حديث مسؤولي النقابة عن حماية الصحافيين من الاعتداءات، ساءله أحد الحاضرين وهو عضو بلجنة الحقيقة والعدالة بإثارة دور النقابة في قضية متابعة الصحافي توفيق بوعشرين، مالك جريدة «أخبار اليوم»، قائلاً إن ضمان شروط المحاكمة العادلة هو من أشكال حماية الصحافيين والحال أن محاكمة بوعشرين شابتها عدة خروقات لهذا الحق، على حد تعبيره، في الوقت الذي عممت فيه النقابة تقريرًا أوليًا حول محاكمة بوعشرين رأى فيه البعض انحيازًا للنيابة العامة من خلال محاولة تفنيده للحجج والأدلة التي تقدم بها دفاع بوعشرين. غير أن عبد الله البقالي، رئيس النقابة قال، ردًا على السؤال، أن الأمر يتعلق بتقرير أولي «وهل ستتبنى أجهزة النقابة هذا التقرير أم لا تتبناه، ستجتمع أجهزة النقابة وستقرر في الأمر إلى حين يكتمل»، مضيفًا: «كنا نستوعب منذ الوهلة الأولى أنه عندما سيصدر التقرير فكل واحد سيهتم بالجزء الأبيض منه وسيدين الجزء الأسود». ثم تابع: «التقرير تضمن أمورًا مهمة، وربما لم تشر إليها لجنة الحقيقة والعدالة «، مشيرًا إلى مجموعة من النقاط ومنها أن «وضع شكاية من طرف مجهول ضد بوعشرين أمر غير مقبول ويعتبر الانتقال لمقر الجريدة بذلك العدد الوفير من عناصر الشرطة خارجًا القانون»، يقول البقالي مضيفًا إن التقرير سجل على المحاكمة أنها «زاغت» في هذا الجانب، مسترسلاً «التقرير له أيضًا شق يتعلق بالنظرة القانونية الجافة للمحاكمة، وهذه الأمور من اختصاص رجال القانون، في حين أنه يمكن أن نتساءل حول قرينة البراءة و حول الجانب الإعلامي والأخلاقي ما إذا كانت التغطية الإعلامية متخلقة وهل تم حفظ حقوق الأطراف وهل التشهير بتوفيق بوعشرين في وسائل الإعلام العمومية أمر مقبول أم مرفوض ؟» وأكد البقالي أن التقرير لم يتطرق بشكل نهائي للجلسات التي كانت سرية، لأنها تخصصت في عرض أشرطة الفيديو، قائلاً: «ننتظر أن يستكمل القضاء معالجته لهذا الملف وسيكون أمامنا تقرير شامل عن الجانب القانوني والمهني»، مؤكدًا «من حيث المبدأ نحن نعتبر ما يلي: أولاً تم المساس بقرينة البراءة في ملف الزميل بوعشرين من أطراف متعددة، ثم التشهير بزميلات»، مضيفًا أن «النقابة تتعامل مع الصحافي وهو مالك الجريدة ومع الضحايا وهن صحافيات أيضًا، اتصلن بالنقابة وقدمن تقارير، وليس من حقنا إلغاء طرف من الأطراف، ونعتبر أن زميلاتنا تم التشهير بهن تشهيرًا فظيعًا لا يمكن أن تسمح به أخلاقيات المهنة»، ومشددًا: «موقفنا أن المحاكمة يجب أن تتوفر على جميع شروط المحاكمة العادلة وضمان جميع حقوق الأطراف سواء الضحايا والمتهم الرئيسي في الملف» .
وأثار التقرير ضجة داخل قيادة النقابة الوطنية للصحافة بسبب تعميم التقرير الذي كان من المفترض أن يتم نقاشه داخل أعضاء المكتب التنفيذي قبل تعميمه، وهو الأمر الذي يبدو واضحًا في كلام البقالي حين أكد أن أجهزة النقابة ستجتمع وستقرر ما إذا كانت تتبنى التقرير أم لا، في الوقت الذي توصل فيه العديد من الصحفيين إلى عناوينهم الإلكترونية من بريد النقابة الإلكتروني. وحسب مصادر من النقابة، فقد أرسل قيادي رسالة احتجاج لتعميم التقرير، معتبرًا أنه من شأنه جر انتقادات على النقابة، خاصة وأن القضية ما زالت جارية أمام القضاء، مؤكدا أن «المعايير الدولية لمراقبة شروط المحاكمة العادلة تقتضي عدم نشر أي تقارير حتى نهاية المحاكمة من أجل التزام مبدأ الحياد والموضوعية وعدم التأثير على القضاء إلا في حالة ما وقع انتهاك جسيم من شأنه أن يقوض شروط المحاكمة العادلة، وهذا الشرط غير متوفر حسب تقرير المحمي الملاحظ «. وخارج النقابة، أثار تسريب التقرير والتناول الإعلامي له ردة فعل حقوقيين وصحافيين ممن رأوا فيه انخراطًا في حملة إعلامية ضد بوعشرين وهو ما أكده سليمان الريسوني، نائب منسق لجنة الحقيقة والعدالة، في تصريحه لـه قائلاً : «نخشى أن يكون التسريب مندرجًا في إطار استراتيجية عدد من أعضاء المكتب التنفيذي للنقابة الذين يشنون حملات منظمة للتشهير بتوفيق بوعشرين لاستصدار حكم شعبي ضده قبل أن تقول المحكمة كلمتها».