مستشار للعاهل المغربي: حملة المقاطعة الشعبية ضد ثلاث سلع تدل على موقف حضاري
وصف مسؤول مقرب من الملك محمد السادس حملة المقاطعة الشعبية التي تشهدها البلاد ضد (3) سلع بأنها «حرية منضبطة، لأنها تدل على موقف حضاري، وهذا مبدأ موجود منذ القدم، فالشيء الذي أصبح غالي الثمن أتخلى عنه، والشيء إذا ما غلا تركت شراءه، فيصبح أرخص».
وقال عباس الجيراري، مستشار الملك محمد السادس، في حوار نشرته صحيفة «اخبار اليوم» أمس الثلاثاء، إن «مثل هذا الموقف الحضاري لا يجب أن يبقى عشوائيًا، ذلك أن عشوائيته تتيح إمكانية التسرب إليه من جهات أخرى وإفساده واستغلاله في غير جاء من أجله».
وأضاف الجيراري «وبدلاً من أن يعلن تحضير قانون يحارب المقاطعة ينبغي أن ينظر المسؤولون في أسباب هذه المقاطعة، والمسألة لا ينبغي أن ندخل فيها الشعب، فهذه مسألة بين أصحاب رؤوس الأموال والحكومة».
وأوضح أن من المروءة في التعامل ألا يراكم الناس الملايير، و»إنما يجب الحفاظ على الربح باعتدال مع مراعاة واقع المجتمع الذي لا سبيل له لمواجهة هذا الغلاء». وأكد أن الملكية تشتغل وتطور نفسها لمسايرة متطلبات العصر، مشددًا على ضرورة تواضع المسؤولين قليلاً أمام الأمة.
وقال عباس الجيراري، وهو مفكر وأكاديمي مغربي مرموق، ومستشار للملك محمد السادس، أغنى المكتبة المغربية والعربية بعشرات الكتب في الفكر الإسلامي وقضايا الثقافة والتراث: «نحن لسنا مجتمعًا يعيش الرفاهية، وإنما مجتمع متعدد الطبقات فيه الطبقة المتوسطة التي أصبحت تتضاءل، ومالت الكفة نحو الطبقة الفقيرة، وهذا شيء غير معقول، بالنظر إلى أن المغرب يملك خيرات تسمح بأن يكون لكل مواطن حظه حسب عمله وعلمه وحسب كفاءته».
ويقول الجيراري إن «المجتمع مشغول بأشياء كثيرة، ويجب تفهم معاناته، فالناس يفكرون اليوم في لقمة العيش، ويصارعون من أجل إيجاد عمل، وفي كل أسرة تجد عاطلاً أو عاطلين وهكذا… الناس مشغولون بالبحث عن أساسيات العيش الكريم، لذلك لن تجد من يفكر في ما هو حرام وما هو حلال، ولن تجد من يفكر في أهمية الثوابت والهوية، ومن تحدثه عن اللغة العربية، سيقول لك فقط أعطني ما أحتاج إليه من أساسيات…وهكذا تكبر وتتضخم هذه القناعات».
وحذر من التحديات الكبيرة التي يواجهها المغرب في وقت لا يقدر القائمون على تسيير الأمور خطورتها. وقال «نرجو الله اللطف، لكن ينبغي الوعي بذلك، والقيام بوقفة تأمل، وامتلاك الشجاعة للقيام بنقد ذاتي. ليس عيبًا أن يخطئ الإنسان، وإنما العيب أن يستمر في الخطأ. هؤلاء الذين يسيرون الأمور، في مختلف المجالات ومختلف الوزارات، ينبغي أن يراجعوا أنفسهم، وألا يستمر صراعهم فقط حول الربح والمادة. يجب أن يلتفتوا إلى أن هناك في المغرب أناسًا جائعين وآخرين لا يجدون الماء للشرب، وغير ذلك من الأساسيات. لذلك، يجب أن يقف المجتمع وقفة تأمل بكل موضوعية وبكل صدق».
وأكد أنه «لا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بفتح المجال أمام حرية التعبير، علمًا أنها تفهم بشكل خاطئ من لدن العموم، فقد صار معناها هو السب وقول أي شيء على مواقع التواصل الاجتماعي وما شابهها. وفي الأصل أن حرية التعبير هي التحدث بموضوعية والمراجعة والتصحيح والتنبيه إلى الأخطاء.