إسقاط قانون أوروبي يحول الإنترنت إلى آلة مراقبة

الاتحاد الأوروبي يقوم للمرة الأولى بتحديث قوانين حقوق النشر الخاصة به منذ عام 20017، وصوت ضد المقترحات التي كانت ستوجه ضربة قاسية إلى شبكة الإنترنت المفتوحة في أوروبا.

الجمعة 2018/07/06
القانون معطل حتى إشعار آخر
تمّ الخميس التصويت ضد قانون أوروبي مثير للجدل بدرجة كبيرة، كان من الممكن أن يجعل من المنصات الإلكترونية مسؤولة قانونا عن المواد المحمية بحقوق النشر، والتي يضعها المستخدمون على الإنترنت.

بـ318 صوتا ضد 278، رفض البرلمان الأوروبي أمس الخميس الموافقة على التشريع الجديد المقترح لضمان حقوق النشر الإلكتروني. وصوت البرلمان الأوروبي ضد القانون بشكله الحالي لكن الأمر لم ينته بعد، حيث ينبغي إدخال تعديلات على الاقتراح قبل إعادة تصويت أعضاء البرلمان الأوروبي عليه مرة أخرى في شهر سبتمبر القادم.

وقالت ريغان ماكدونالد رئيسة السياسة العامة للاتحاد الأوروبي في أعقاب التصويت الخميس “سمع البرلمان الأوروبي صوت المواطنين الأوروبيين وصوّت ضد المقترحات التي كانت ستوجه ضربة قاسية إلى شبكة الإنترنت المفتوحة في أوروبا”.

وقالت النائبة في البرلمان الأوروبي جوليا رضا، وهي رئيسة حركة القراصنة الشبان سابقا، “مذهل.. لقد نجح احتجاجك! جميع أعضاء البرلمان الأوروبي سيصوتون مجددا في سبتمبر. الآن دعونا نحافظ على الضغط للتأكد من أننا نحمي حقنا في الإنترنت المفتوح”.

وكانت موسوعة ويكيبيديا العالمية قادت حراكا عالميا احتجاجا على المواد المثيرة للجدل في التشريع الجديد. وتعطلت بعض إصدارات الموسوعة في أوروبا خاصة صفحاتها بالإيطالية والإسبانية والبولندية الخميس قبل تصويت أعضاء البرلمان الأوروبي على القانون. وهذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها الاتحاد الأوروبي بتحديث قوانين حقوق النشر الخاصة به منذ عام 2001.

واحتجت الموسوعة الإلكترونية المجانية ويكيبيديا ومجموعات الخصوصية الأخرى على اثنين من مقترحات التشريع على وجه الخصوص وهما: المادة 13 والتي تجعل مواقع الإنترنت مسؤولة بشكل مباشر عن انتهاكات حقوق النشر من قبل مستخدميها مما يجبرها على إدخال مرشحات تعمل بشكل تلقائي على التقاط المحتوى المحمي بحقوق الطبع والنشر الذي يتم تحميله بواسطة مستخدمي المواقع.

كما احتجت الموسوعة على المادة 11 التي تحمل اسم “ضريبة الارتباط” (The link Tax) وتتطلب من المواقع الإلكترونية دفع رسوم عند تضمين روابط في منشوراتها أو اقتباس مقتطفات من الناشرين الأصليين.

وحاول القانون، الذي ظهر لأول مرة من قبل المفوضية الأوروبية في عام 2016، تحديث قوانين حقوق النشر في الاتحاد الأوروبي لتتماشى مع العصر الحالي والتغييرات المتمثلة بالشركات التقنية والمنصات الاجتماعية مثل فيسبوك وغوغل، حيث يهدف إلى ضمان حصول المؤلفين والفنانين والصحافيين على نسبة عادلة من أعمالهم.

وقابل زوار ويكيبيديا في مناطق كثيرة من الاتحاد الأوروبي عند دخولهم على الموقع لافتة تحثهم على الدفاع عن الإنترنت ضد التشريع المثير للجدل من خلال الاتصال بأعضاء البرلمان الأوروبي للتعبير عن معارضتهم لإجراء يصفه النقاد بـ”آلات رقابة”، تحذيرا من أنها ستضعف القيم والثقافة والنظام الذي تعتمد عليه ويكيبيديا. وقد تم إطلاق مبادرة تحمل اسم #SaveYourInternet “احم أنترنتك”.

ودعم هذه المبادرة تحالف كبير من مجموعات الحقوق الرقمية والمدنية في أوروبا. وكتب محررو ويكيبيديا الإسبانية رسالة للزوار يقولون فيها “إن ويكيبيديا نفسها معرضة لخطر الإغلاق، لأنه إذا تمت الموافقة على التشريع الجديد في نسخته الحالية قد يكون من المستحيل مشاركة مقال صحافي على الشبكات الاجتماعية أو العثور عليه في محركات البحث”.

وأضافوا “نريد الاستمرار في تقديم عمل مفتوح ومجاني وتعاوني مع محتوى يمكن التحقق منه. وقالت ويكيبيديا أيضا إن “فرض رسوم على اقتباس النصوص المنشورة الخاصة بالصحف سيزيد من صعوبة الوصول إلى المعلومات حول الأحداث الجارية في العالم ومشاركتها، مما يجعل من الصعب على مساهمي ويكيبيديا العثور على مقالات عبر الإنترنت”.

وبسبب طبيعة ويكيبيديا واعتمادها على المساهمين في المجتمع، يمكن أن يكون لكل من المادتين تأثير سلبي كبير على الموقع. وكان هدف المفوضين الذين أعدوا هذا الجزء من التشريع في الغالب هو تنظيم محتوى موقع يوتيوب وضمان احترام مستخدميه لحقوق النشر والملكية الفكرية للناشرين الأصليين بحيث يساهم هذا التشريع في منع البث المباشر لمقاطع الموسيقى والفيديو المقرصنة، إلا أن نطاق التشريع أصبح يغطي جميع المواد المحمية بحقوق النشر على الإنترنت، بما في ذلك الصور ومقاطع الصوت ومقاطع الفيديو والبرامج المجمعة والتعليمات البرمجية والكلمات المكتوبة.

استهداف عمالقة التكنولوجيا يضر شبكة الإنترنت المفتوحة
استهداف عمالقة التكنولوجيا يضر شبكة الإنترنت المفتوحة

لكن المنتقدين جادلوا بأن هذا النهج غير مرغوب فيه، ويحذرون من أن المادة 13 ستمثل تهديدا واضحا لمستقبل الإنترنت، لأنها تتخذ خطوة غير مسبوقة نحو تحويل الإنترنت من منصة مفتوحة للمشاركة والابتكار إلى أداة للمراقبة، وسيترتب على ذلك إلحاق الضرر بحرية التعبير والوصول إلى المعلومات عبر الإنترنت.

والجدير بالذكر أن موسوعة ويكيبيديا هي من بين أكثر المواقع زيارة على شبكة الإنترنت حيث تحتل حاليا المرتبة الخامسة بين المواقع العالمية من حيث عدد الزيارات اليومية حسب إحصائية موقع إليكسا. وردت المفوضية الأوروبية قائلة إن “ويكيبيديا” وموسوعات أخرى على الإنترنت لن تندرج ضمن نطاق اقتراح لجنة حقوق الطبع والنشر.

وأشارت رسالة مفتوحة صادرة في شهر يونيو الماضي موقعة من قبل 70 من أكبر الأسماء على الإنترنت، بما في ذلك مخترع شبكة الويب العالمية تيم بيرنرز لي ومؤسس ويكيبيديا جيمي ويلز، إلى أن بعض مواد القانون الأوروبي هي خطوات غير مسبوقة نحو تحويل الإنترنت من منصة مفتوحة للمشاركة والإبداع إلى أداة للمراقبة والتحكم الآلي لمستخدميها.

وجاء في الرسالة “من الصعب التنبؤ بالضرر الذي قد تلحقه هذه المادة 13 بشبكة الإنترنت الحرة والمفتوحة كما نعرفها في الوقت الحالي، ولكن في آرائنا يمكن أن تكون الأضرار كبيرة”، وجادل رواد الإنترنت في معرض حديثهم مع أعضاء البرلمان الأوروبي بأن التكلفة سوف تكون كبيرة على شركات التكنولوجيا الأوروبية، حيث أن المنصات الكبيرة، التي هي حصريا أميركية، يمكنها تحمّل تكاليف الامتثال، ولكن الأمر صعب على الشركات الأوروبية الناشئة.

وكانت مجموعة من 169 أكاديميا أوروبيا متخصصا في مجال الملكية الفكرية قد حثوا في وقت سابق أعضاء البرلمان الأوروبي على رفض الخطط المضللة التي قالوا إنها تعوق التدفق الحر للمعلومات ذات الأهمية الحيوية للديمقراطية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: