الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان يتهم القضاء بالانحياز لجهة الادعاء والشرطة
Jul 05, 2018
اتهمت جمعيات ومنظمات حقوقية مغربية هيئة محكمة قادة حراك الريف بالانحياز لجهة الادعاء وسلمت بما جاء في محاضر الشرطة وأن المحاكمة قد تكون كانت خاضعة لمراقبة ومتابعة الأجهزة التي كانت وراء تزوير المحاضر، وهو ما نفاه رئيس النيابة العامة الذي نبه إلى ضرورة الإيمان باستقلال القضاء واحترام أحكامه.
وأصدر الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان تقريرًا وصفه بـ»الأولي» حول القضية التي توبع فيها قادة حراك الريف (49 ناشطًا من في حالة اعتقال وأربعة نشطاء في حالة سراح بينهم ستة صحافيين) ، إضافة إلى الصحافي حميد المهداوي مدير الموقع الإلكتروني «بديل « وقضت المحكمة بـ (308) سنوات سجنًا نافذة حملها المعتلقون ما بين (30) و(3 ) سنوات، وهو ما أثار موجة استنكار واسعة وتشكيكًا بنزاهة المحكمة.
وقال الائتلاف إنه منذ البداية لوحظ أن هيئة المحكمة منحازة لجهة الإدعاء، وأنها مسلمة بما جاءت به محاضر الفرقة الوطنية ، بل إنها في كثير من لحظات المحاكمة توضح أنها مقتنعة باتهامات النيابة العامة، كما وأنها تعاملت بشكل سلبي مع مجمل الطلبات الأولية والدفوعات الشكلية لدفاع المتابعين، إما برفضها أو ضمها إلى حين البت في جوهر الملف.
وأضاف الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، (يضم 21 جمعية حقوقية مغربية) في تقريره «إن المحكمة رفضت مثول المتابعين أمامها وإبقائهم في القفص الزجاجي الذي كان في البداية شفافًا ليصبح عكس ذلك مع تسجيل اتخاذ المحكمة قرارًا بصدد المثول أمامها والتراجع عنه بعد أن أوحي لها بذلك، «وأن الرئيس لم يأخذ بأي شكل من الأشكال بتصريحات المتابعين حول تعرضهم للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وقد مدد الاستنطاق تطول، وتمتد ليلاً ونهارًا لإرهاق المتابعين والوصول بهم إلى حالة من الإنهيار للقبول بكل ما يقدم لهم للتوقيع، بل ورفض الأخذ بتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي أكد الأطباء الذين فحصوا عددًا من المتابعين تعرضهم للتعذيب ولضروب سوء المعاملة، وهو ما كان يستوجب من المحكمة الحكم ببطلان محاضر الفرقة الوطننية للشرطة القضائية».
ولفت التقرير إلى أن الملف لا يتضمن أي وسائل أو حجج إثباث التهم التي يتابع بها المتهمين، وأن كل ماهو موجود في ملف القضية هو فيديوات لمسيرات ومظاهرات سلمية ولتغريدات على «تويتر» أو «فيسبوك»، أو لصور للمتابعين يحملون أعلام جمهورية الريف والعلم الأمازيغي وصور القائد محمد بن عبد الكريم الخطابي أو رموز للمقاومة المغربية».
المحكمة خضعت لمراقبة الأجهزة
وأفاد التقرير أن المحكمة رفضت بشكل نهائي طلبات الدفاع التي تقدم بها لتزويد المحكمة بحجج النفي من فيديوات ووثائق وإشهادات وغيرها، خاصة وأن هذه الحجج تكذب الرواية الرسمية للأحداث بالصوت والصورة.
وجاء في التقرير الحقوقي، أن المحاكمة قد تكون خاضعة لمراقبة ومتابعة الأجهزة التي كانت وراء تزوير المحاضر، وتقديم هؤلاء الشباب للمحاكمة وإصدار هذه الأحكام الجائرة، وذلك من خلال الكاميرات المثبتة في قاعة الجلسات، التي عبر المتابعون ودفاهم عن رفضهم لها، كما أن الحضور اللافت لمختلف الأجهزة المخابراتية للجلسات كان يتوخى إرهاب المتابعين وعائلاتهم وتم رفض كل الطلبات المتعلقة بالسراح لعدد من المتابعين بجنح، خصوصًا بعد أن قضوا شهورًا رهن الاعتقال الاحتياطي. كما أن هناك عددًا من القرارات التي لم تكن معللة، وهو ما يحرم المتابعين ودفاعهم من اللجوء للطعن فيها.
وأضاف أن اليد الطولى كانت للمندوبية العامة لإدارة السجون بتنسيق مع النيابة العامة في انتهاك حقوق المتابعين المنصوص عليها في قواعد مانديلا لمعاملة السجناء، والقانون 23/98 المنظم للسجون، إن شروط التغذية والتطبيب والاستحمام والقسحة ومتابعة الدراسة والتواصل مع باقي السجناء ومكتبة … ثم ما هي وسائل الإعـلام المتوفرة، وسبل الاستفادة منها من تلفـزة، وإذاعـة، وجـرائد. وحسب التقرير لوحظ توتر أجواء المحاكمة وتوقف جلساتها بسبب التهديدات أثناء مزاولة الدفاع لمهامه بتحرير محضر بعرقلة سير الجلسة، وتعرض محامو المتهمين للتضييق في التواصل للتشاور مع المتابعين أثنـاء المناقشــات، أو كان رئيس الجلسة يلجأ إلى طرد المعتقلين من الجلسة في حال إبدائهم ملاحظة، أو الاحتجاج على تعامل غير قانوني للرئيس مع ملف القضية، وقد كان الصحافي حميد المهداوي الضحية الأولى بهذا الصدد.
الأحكام كانت جاهزة
سجل التقرير أن المدة الزمنية للمداولة في (53) متابعًا لم تستغرق إلا خمس ساعات، وهو ما يحيط بظلال من الشك من أن تكون الأحكام قد كانت جاهزة وأن السياق الذي تمت فيه هذه المحاكمة سياق يتسم بالتراجعات الخطيرة التي مست الحقوق والحريات، التي عصفت بمجمل المكتسبات الجزئية التي راكمتها الحركة الحقوقية والديمقراطية بالبلاد على امتداد العقود الماضية بتضحيات كبيرة. وهو ما يطرح مهمات جسيمة على الحركة الحقوقية المغربية والمناصرين لها.
وعبر الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان عن إدانته للأحكام الجائرة الصادرة في حق المتابعين في ملف الزفزافي ورفاقه، وملف الصحافي حميد المهداوي، معتبرًا أن شروط وضمانات الحق في المحاكمة العادلة لم تتوفر بالمطلق في تلك المحاكمة، وطالب بالإلغاء الفوري لهذه الأحكام والإفراج عن معتقلي الحراك الشعبي بالريف وعن الصحافي حميد المهداوي، وعن المعتقلين السياسيين كافة.
من جهته، قال محمد عبد النباوي رئيس النيابة العامة، تعليقًا على ردود الفعل التي أدانت المحكمة وأحكامها بضرورة الإيمان باستقلال القضاء واحترام أحكامه، وأضاف في برنامج على القناة «الأولى» المغربية، مساء الثلاثاء، أن الأحكام إن لم تعجب المتقاضين، يذهبون إلى الاستنئاف، ومع ذلك فإن الناس أحرار في التعليق عليها، لكن هذه التعليقات يجب أن تكون وفق الآليات القانونية.
وأشار عبد النباوي إلى أن الأفعال المنسوبة لمعتقلي حراك الريف تصل عقوبتها إلى الإعدام والمؤبد، ولذلك فإن القاضي عندما حكم بـ (20) سنة فإنه طبق ظروف التخفيف إلى أدنى مستوياتها، وهذه سلطة تقديرية للقاضي ولا يجب مناقشته فيها، وحتى محكمة النقض لا تفعل ذلك، ثم تابع «لماذا نريد حرق القضاء من البداية، يجب أن نقبل أن القضاء مستقل وأن لا أحد يعطيه التعليمات، والقاضي الذي أصدر الأحكام طبق أقصى ظروف التخفيف عندما نزل من الإعدام إلى (20) سنة».
وأوضح عبد النباوي أن أزمة الحسيمة فيها أوجه متعددة، اقتصادية واجتماعية، ولكن هذه ليست مهمة القضاء وهو غير مسؤول عن هذا «لأن الملف الذي وصل إلينا كان فيه شق آخر هو إحراق عمارة للشرطة، والضرب بالحجارة، وتخريب الممتلكات، والتآمر على أمن الدولة».
وقال بخصوص التحقيق في شريط تعرية ناصر الزفزافي أثناء التحقيق معه وهو قيد الاعتقال، إن المحامي تقدم بشكاية مباشرة للمحكمة في الرباط ولم يقدم شكوى للنيابة العامة، والمحكمة رفضت النظر في الملف لغياب وسائل الإثبات، وقامت بالبحث مع صحافي يشتغل في الموقع الإلكتروني الذي نشر الفيديو ورفض هذا الأخير الكشف عن مصادره، ومع ذلك فإن النيابة العامة بدورها فتحت تحقيقًا في الموضوع، وتلك الفترة تزامنت مع نقل أرشيف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية من مبنى لآخر، وتعذر التوصل إلى من سرب الفيديو.
وبخصوص محاكمة اعتقال الصحافي حميد المهداوي، أوضح عبد النباوي أنه يتأسف لمتابعة أي صحافي؛ لأن الصحافة هي السلطة الرابعة والخامسة وضرورية «وبواسطتها نتواصل مع المواطنين، لكن يجب التأكيد أن تطبيق قانون الصحافة يكون في الأفعال المرتبطة بقانون الصحافة، أما إذا قتل الصحفي أو ارتكب فعلاً جنائيًا فهذا غير موجود في قانون الصحافة».
وأضاف أن المهداوي توبع بعدم التبليغ عن جريمة، وهذا غير موجود في قانون الصحافة حتى يتابع به، ويجب الانتظار لأنه استأنف الحكم وله دفاع قوي يؤازره».