أوروبا تناقش ملف الهجرة وسط انقسامات عميقة
إيطاليا تهدد بإفشال قمة بروكسل ما لم تتم مراجعة اتفاقية دبلن، وميركل تواجه خطر تفكك ائتلافها الحاكم ما لم تقتلع حلولا أوروبية ترضي شركاءها.
بروكسل – يلتقي قادة دول الاتحاد الأوروبي الخميس والجمعة في بروكسل سعيا لتخطي خلافاتهم العميقة حيال تحدي الهجرة، في قمة تعقد وسط توتر شديد وستكون لها أهمية حاسمة لمستقبل أنجيلا ميركل السياسي، والتي تواجه خطر تفكك ائتلافها الحاكم ما لم تقتلع حلولا أوروبية ترضي شركاءها.
وتأتي القمة في ختام أكثر من أسبوعين من الاحتكاكات بشأن سفن مهاجرين تمت إغاثتهم في المتوسط ورفضت الحكومة الإيطالية الشعبوية السماح لها بالرسو على شواطئها.
وتقبل المستشارة الألمانية على القمة وهي في موقع ضعف غير مسبوق، في وقت تواجه فيه سلطتها تحديا كبيرا بسبب مسألة الهجرة؛ إذ يهدد وزير الداخلية في حكومتها بردّ المهاجرين المسجلين في بلد آخر عند الحدود بصورة أحادية ما لم تتخذ تدابير أوروبية ضد تنقل المهاجرين داخل الاتحاد الأوروبي.
وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إن “الجدل حول حركات الهجرة يزداد حدة” مبديا مخاوفه -في حال عدم التوصل إلى حل- من أن يؤدي الوضع إلى “تعزيز حجج” حركات شعبوية تبدي “ميلا واضحا إلى التسلط”.
ولفت إلى أن الحاجة إلى وحدة صف الأوروبيين تزداد وسط التوتر الشديد القائم مع الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترامب، مشيرا إلى أن “الانقسامات (معه) تتخطى التجارة” والرسوم الجمركية.
وحذر توسك في رسالة الدعوة الموجهة إلى قادة الدول الـ28 من أن “الرهانات عالية جدا، والوقت يداهمنا”، مشيرا إلى أن حركة وصول المهاجرين إلى السواحل الأوروبية تراجعت بشكل حاد بالمقارنة مع التدفق الذي سجل في خريف 2015.
وشدّد رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني على أن “عدم وجود اتفاق حول طريقة التعامل مع أزمة الهجرة قد يسدد ضربة قاضية للمشروع الأوروبي”، داعيا إلى اتفاق بشأن إصلاح نظام اللجوء الأوروبي.
وكان المطلوب من القمة بالأساس حلحلة هذا الملف المتعثر منذ سنتين، لكن تم التخلي عن هذا الهدف في ظل الخلافات الشديدة حول إصلاح “تسوية دبلن” التي تعهدت بمسؤولية معالجة طلبات اللجوء إلى دول الدخول الأولى للاتحاد الأوروبي.
وتقترح المفوضية الأوروبية الخروج عن هذا المبدأ بشكل مرحلي خلال الأزمات على أن يتم توزيع طالبي اللجوء على دول الاتحاد الأوروبي، لكن دولا مثل المجر وبولندا تعارض بشدة هذه الخطة، مدعومة من النمسا، فيما تطالب إيطاليا على العكس بنظام توزيع دائم.
وإزاء هذا الطريق المسدود، اقترح دونالد توسك الخميس على القادة الأوروبيين تركيز جهودهم على هدف يحظى بالإجماع، وهو مواصلة مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وطرح توسك اقتراحا جديدا يقضي بإقامة “منصات وصول خارج أوروبا” للمهاجرين الذين تتم إغاثتهم في البحر، ما “سيضع حدا لنموذج المهربين الاقتصادي”، بحسب ما جاء في مسودة نتائج القمة.
وإنزال المهاجرين خارج الاتحاد الأوروبي سيجنب الأوروبيين الصراعات الدبلوماسية حول استقبال السفن، لكن ملامح المشروع لا تزال غامضة، كما أنه يطرح العديد من الأسئلة حول احترامه أحكام القانون الدولي.
وهدد رئيس الحكومة الايطالية جوزيبي كونتي بتعطيل مقررات قمة الاتحاد الأوروبي المخصصة لمسألة الهجرة إذا لم تحصل روما على ما يحقق مطالبها.
وقال كونتي “ننتظر أفعالا، هذه القمة ستكون خيارا وأنا مستعدّ لأستخلص منها النتائج”.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت لديه نية تعطيل نتائج القمة إذا لم يحصل على ما يرضي إيطاليا، قال كونتي “إنه احتمال لا أريد أن أتخيّله، لكن إذا وصلنا إليه، لن تكون هناك نتائج نتقاسمها”.
وذكر رئيس الحكومة الإيطالية الشعبوية أن بلاده قدمت لائحة طلبات أثناء الاجتماع غير الرسمي الذي عُقد مع 15 من نظرائه الأحد في بروكسل، قائلا إن “إيطاليا أعدّت اقتراحا، نعتبره منطقيا لأنه مطابق تماما للروح والمبادئ التي يستند إليها الاتحاد الأوروبي”.
وشدد على أن “في اللقاءات التي أجريتها مع قادة الدول الأعضاء، سمعت الكثير من مظاهر التضامن، ننتظر أن تُجسّد هذه الأقوال أفعالا”.
وأكد أن “إيطاليا ليست بحاجة إلى إشارات كلامية بل إلى أفعال ملموسة، إنها اللحظة المناسبة من هذا المنطلق، هذا اللقاء يجب أن يكون خيارا واضحا بين مسارين”.
ويرى مراقبون أن القمة الأوروبية التي بدأت الخميس في بروكسل لن تنتج “حلا أوروبيا” لمسألة الهجرة، إلا أن ثمة اقتراحات كثيرة مطروحة على الطاولة مثل إنشاء “منصات إنزال” خارج أوروبا، وهو اقتراح لا يزال غير واضح.