إلغاء ندوة دولية في الدارالبيضاء حول الحريات بعد تراجع المؤسسة السعودية التي ترعاها
Jun 19, 2018
أثارت ندوة دولية حول «الحريات الفردية في ظل دولة الحق والقانون» يعتزم تنظيمها في الدار البيضاء، التساؤلات حول دواعي منعها من الانعقاد بمؤسسة سعودية في المدينة بعدما تمت الموافقة سابقا حسب ما أفاد به المنظمون، إلى أن تفاجأت «مجموعة الحريات والديمقراطية»، وهي الجهة المنظمة، بالتراجع عن منح مقر المؤسسة لاستقبال الندوة أياما قليلة قبل موعد انعقادها، بل الأكثر من ذلك توالت سلسلة اعتذارات وتراجعات لمسؤولين ووزراء وقادة أحزاب عن المشاركة في الندوة بعد أن وافق بعضهم بشكل صريح بداية، وهو الأمر الذي بدا غريبا لمنظمي الندوة و لم يفهموا دواعيه المفاجئة.
وعلق نور الدين عيوش، رجل الإعلانات المعروف في المغرب ورئيس «مجموعة الحريات والديمقراطية»، التي تنظم الندوة، عن الإرباك الذي تعرضت له الندوة وتراجع مسؤولين عن المشاركة «نحن لم نضع إسماً في برنامج الندوة من دون موافقة صاحبه، تراجع بعض المسؤولين هو غلط كبير ويظهر أن الشجاعة لم تعد موجودة، كان يمكن أن يقول الوزير الذي تراجع ، نعم لقد وافقت بداية وأنا الآن لا أستطيع المشاركة عوض إنكار أنه وافق من الأساس «، مضيفا «لقد قمنا بدعوة أناس متخصصين ولهم سمعة عالمية طيبة ومشرفة ، وكان من المفروض أن يكون مستوى النقاش عالياً وأن يكون المغرب في مستوى النقاش الذي كان يمكن أن يكون قد حسمه دستور 2011، فإذا بهذا الإرباك يسيء للمغاربة ويعود سلبا على صورة المغرب في العالم وعلى المنادين بالديمقراطية الذين يصبون للنموذج التونسي، تونس تقدمت علينا كثيراً ونحن عوض أن نتقدم في ظل الدستور الحالي فنحن نتراجع حتى على ما فيه «، في حين يؤكد عيوش أنه لم يستغرب كثيراً لتراجع المؤسسة السعودية قائلا : «لقد وافقوا في البداية ، ثم تراجعوا فجأة ، هذا يقع ، ولا أستغرب لأن هذا صراع من أجل الحداثة والديمقراطية و التقدم ويجب أن يدفعنا لمزيد من التمسك بأهدافنا، وسنقيم الندوة في وقتها بأحد الفنادق».
وقال عيوش في تصريحات حول الندوة أن مهاجمة الندوة غلط كبير ويؤشر على الرجوع إلى الوراء عوض التقدم نحو إرساء حرية المعتقد، بعد ان تقدمت تونس على المغرب بإقرار حرية المعتقد وانتقلت إلى المساواة في الإرث. وأكد عيوش أن مجموعة من الأحزاب تخوفت من هذه الندوة، مطالبا إياها بالحضور وإعطاء موقفها من قضايا الحريات الفردية وحرية المعتقد، مشدداً على تمسكه بالدفاع عن تلك الحريات من دون الدخول في السياسية، داعيا إلى الشجاعة في طرح المواضيع الشائكة. واعتبر عيوش ما وقع غير مقبول البتة، «لم أكن أظن أن هذا قد يقع في المغرب»، موضحا أنه كان من الأجدر التقدم في قضايا الحريات الفردية وعدم التقهقر إلى الوراء بعد دستور 2011 الذي رأى أنه من أحسن الدساتير على الصعيد العالمي. ونبّه عيوش إلى أن دين الإسلام منفتح على كل الديانات والمعتقدات، موضحا أن الشجاعة تقتضي تنظيم الندوة التي دعي إليها الفقهاء والمفكرون والأحزاب من داخل الوطن وخارجه.
وكانت إدارة مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود بالدارالبيضاء التي كان من المفترض أن تحتضن الندوة يومي 22و 23 يونيو الجاري ، قد أصدرت بلاغا تعتبر فيه أن «كل خبر يقحم اسم المؤسسة في موضوع الندوة المذكورة ، يعد خبراً زائفاً ولا أساس له من الصحة» ، مؤكدة في ذات البلاغ أنها لم ترخص لـ «مجموعة الحريات و الديمقراطية « بتنظيم الندوة في مقرها، وهو عكس ما أدلى به منظمو الندوة الذين أعلنوا المكان في برنامج أشغال الندوة منذ أسابيع خلت ، ولا يستبعدون أن يكون التراجع هو بفعل ضغوطات فقد تعالت أصوات عديدة داخل المغرب وفي السعودية تنتقد احتضان مؤسسة آل سعود هذه الندوة، بالرغم من أنه «سبق للمؤسسة أن منحت مقرها للمجموعة لاحتضان أنشطة ليست بمثل عنوان هذه الندوة لكنها تتطرق لمواضيع مشابهة تتعلق بالحريات» يقول عيوش.
وكتب نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، تدوينة على الفيسبوك يخبر فيها أنه لن يشارك في أشغال هذه الندوة التي أعلن في برنامجها اسمه إلى جانب متدخلين آخرين قائلا: «يتعين التوضيح أنني أتواجد خارج أرض الوطن ولن أشارك في أشغال هذه الندوة» ، و أكد عيوش أن بنعبد الله اتصل به ليخبره بتواجده في روسيا ويعتذر عن المشاركة، قائلا أنه ظهر أن هناك تخوفاً ما من مشاركة قادة الأحزاب في هذه الندوة.
وزير العدل تفاجأ بوجود اسمه
أما وزير العدل، محمد أوجار، من حزب «التجمع الوطني للأحرار» فقد أكدت مصادر مقربة منه أنه «تفاجأ» لإدراج اسمه في لائحة الجلسة الافتتاحية للندوة وهو ما استغرب له المنظمون الذين أكدوا أنه لم يتصل بهم مطلقا للاعتذار عن المشاركة وبأنهم سيحتفظون باسمه إلى جانب المشاركين مادام لم يتصل ليعلن تراجعه عن الحضور في الجلسة الافتتاحية للندوة التي تم نقل أشغالها إلى أحد الفنادق في الدارالبيضاء بعدما سحبت مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية مقرها من المجموعة، وهي المؤسسة التي يرأسها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، والذي تناقلت مصادر من وزارته أن الندوة ليست مبرمجة في مقر المؤسسة بل بأحد الفنادق عكس ما يتخذه بعض السلفيين ذريعة للتهجم على المؤسسة.
وقال مصدر من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إن هذه الندوة ليست مبرمجة في مقر مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية، بل في فندق «إيدو أنفا» في المدينة نفسها، عكس ما أشار إلى ذلك عدد من السلفيين المغاربة الذين قالوا إن الوزير وافق على احتضان المؤسسة البحثية لهذه الندوة الدولية.
ولجأ السلفيون إلى مواقع إعلامية تابعة لهم لمهاجمة مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية، التي يرأسها الوزير أحمد التوفيق، متهمين المملكة العربية السعودية، التي أسست هذه المؤسسة في ثمانينيات القرن الماضي، بأنها «تقود حرباً ضد الهوية الإسلامية في المغرب».
واستغرب مصدر من مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود لتهجمات السلفيين المغاربة في كل مرة، خصوصاً أنهم استهدفوا هذه المرة مؤسسة بحثية عرفت بفتحها لنقاشات عقلانية، وتحتضن أعمالاً ودراسات في مجالات العلوم الاجتماعية والإسلامية، إضافة إلى العمل التوثيقي الهام الذي تقوم به.
الشنقيطي يهاجم بن سلمان
وهاجم المفكر والأكاديمي محمد المختار الشنقيطي، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد ما تردد عن احتضان مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود في الدار البيضاء للندوة، وكتب الشنقيطي على حسابه في «تويتر»، يتساءل «هل وصلت حرب محمد بن سلمان على الهوية الإسلامية إلى المغرب؟»، قائلاً: «لاحظ البرنامج وهوية المشاركين في المؤتمر الذي تنظمه مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود في الدار البيضاء».
وكان قد هاجم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ونور الدين عيوش رئيس مجموعة الديمقراطية والحريات بسبب ندوة الحريات الفردية التي يعتزم مركزه تنظيمها بمؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود في الدار البيضاء، فيما سارعت المؤسسة إلى التبرؤ من ندوة عيوش. وكتب الشنقيطي في حسابه بـ»تويتر»، متسائلاً: «هل وصلت حرب محمد بن سلمان على الهوية الإسلامية إلى المغرب»، قائلاً: «لاحظ البرنامج وهوية المشاركين في هذا المؤتمر الذي تنظمه «مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود» في الدار البيضاء. وأرفق أستاذ الأخلاق السياسية وتاريخ الأديان بجامعة حمد بن خليفة بقطر تدوينته ببرنامج الندوة الدولية حول «الحريات الفردية: في ظل دولة الحق والقانون»، المقرر تنظيمها يومي 22 و23 يونيو 2018، في «مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود» في الدار البيضاء. اقرأ أيضا: الشنقيطي يهاجم عيوش وبن سلمان.. ومؤسسة آل سعود تتبرأ من ندوته وسارعت إدارة مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات والعلوم الإنسانية بالدار البيضاء إلى التبرؤ من استضافة الندوة، نافية الترخيص لمجموعة الديمقراطية وحريات بتنظيم تلك الندوة في مقرها، موضحة في بلاغ حصلت عليه جريدة «العمق» أن إقحامها في موضوع الندوة يعد خبراً زائفاً.
الندوة التي أثارت الجدل حول موضوعها ودواعي الإرباك و التراجعات عن المشاركة فيها والتي اختارت عنواناً لها « الحريات الفردية في ظل دولة الحق والقانون « ، سطرت في محورها الأول : «العالم الإسلامي وحرية المعتقد..تشخيص الوضعية وتبادل الممارسات الجيدة» بـــتأطير من رجاء بنسلامة من تونس و إسلام البحيري من مصر وكمال داوود من الجزائر ، كما أعلنت الندوة في برنامجها مشاركة البهائي المغربي جواد مبروكي والمسيحي المغربي محمد سعيد والشيعي المغربي إدريس هاني والمغربي الأحمدي عصام الخمسي ، ومن العراق عبد الحسين شعبان وذلك في محور «حقوق الأقليات الدينـــية وحرية العبادة «، وأعلنت كذلك حضور الباحث غالب بن الشيخ من فرنسا والباحث المغربي نبيل ملين في محور حول «السياسة و الدين ..أي آفاق للعلمنة؟ « إلى جانب مواضيع مثيرة للجدل حول الإرث والإجهاض والحق في الخصوصية وتملك الجسد والتصرف فيه بمشاركة عائشة الشنا ونزهة كسوس وأحمد عصيد والقيادي في الحزب الاشتراكي الموحد محمد الساسي والبرلماني عمر بلافريج وآخرون.