محمد السادس يصدر عفواً عن مئات السجناء بمناسبة عيد الفطر لم يشمل معتقلي الحراك الاجتماعي
Jun 18, 2018
قالت وزارة العدل المغربية ان الملك محمد السادس أصدر، بمناسبة عيد الفطر، الذي احتفل به يوم الجمعة الماضي، عفواً عن مئات الأشخاص المعتقلين أو الموجودين في حالة سراح، المحكوم عليهم من طرف مختلف محاكم المغرب إلا أنه استثنى معتقلي الحراكات الاجتماعية وخاصة حراك الريف الذين لم يشملهم هذا العفو.
ولم تفوّت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد نبيلة منيب، المناسبة وذكّرت بـ»مصير مئات من الشبان الذين لن يشاطروا فرحة العيد مع عائلاتهم نظراً لوجودهم في السجون، هؤلاء المعتقلون ذنبهم الوحيد أنهم رفعوا مطالب مشروعة بطرق سلمية وطالبوا بالشغل والصحة والتنمية لمناطقهم، فكان مصيرهم السجن والمتابعات العبثية، نطالب بإطلاق سراح جميع المعتقلين من النشطاء والصحافيين، بمن فيهم نشطاء حراك الريف، حراك الماء بزاكورة، حراك البديل الإقتصادي بجرادة، حراك الصحة بأوطاط الحاج، و أيضاً في باقي مناطق المغرب الأبي».
وطالبت بـ«الإفراج الفوري عن كل معتقلي حراك الريف، ليعودوا إلى عائلاتهم لتَنْعَمَ هي الأخرى بفرحة العيد، ومن أجل إبقاء الأمل في بناء مغرب جميل ديمقراطي يسود فيه التوزيع العادل للثروة». وقالت في شريط مصور عنون بـ»مبروك العيد .. طلقوا الدراري»، إن «المعتقلين ليسوا بمجرمين، بل هم نشطاء طالبوا بأن تَصِلَ الجامعة والمستشفيات إلى جِهتهم وتُحَقَّقَ فيها التنمية»، وطالبت بأن يبقى المغاربة متضامنين «على عادتهم مع المعتقلين».
وتمنت منيب «عيداً سعيداً لمختلف الشعوب والبلدان التي صامت رمضان»، مذكرة بأن «هناك عائلات لم تفرح بقدوم العيد، بسبب بقاء أبنائها في السجون ووراء القضبان».
ووجّه أحمد الزفزافي، والد ناصر الزفزافي رسائل لـ«أولائك الذين سرقوا منا فرحلة العيد». وقال في مقطع فيديو نشره بمناسبة أول أيام عيد الفطر، إن من سرقوا فرحة العيد من عائلات معتقلي الحراك «خزيهم في انتصارهم» غير أن العائلات «عزها في هزيمتها».
ووصف الزفزازفي الأب الحكومة الحالية، بـ«الانفصالية»، وتحدث عن «ما يطاول منطقة الريف من تهميش ولعنة» الزفزافي، «في هذه المنطقة نعيش لعنة مقاومتنا للاستعمار …ارحمونا وارحموا أبناءنا في هذا الوطن لأننا تعرضنا للكثير في منطقتنا منذ عقود خلت …ألا يكفينا هذا؟».
وأضاف: «أخاطب الحكومة التي ظلمتنا بغالبيتها، والتي وصفتنا بالانفصاليين، رغم أنها هي الانفصالية .. فحتى المعلمة الوحيدة التي توجد هنا وتربطنا بتاريخ الراحل محمد الخامس قمتم بهدمها من دون سبب»، متحدثاً عن «مسجد محمد الخامس الذي يعتبر من المآثر التاريخية في المنطقة». وقال: «إتركوا لنا الوطن وأبناءنا، لقد انتظرنا من دون جدوى، سنظل ننتظر ولن يموت الأمل فينا، إذ علينا أن نهنأ في وطننا وأن نلمس حريته وديمقراطيته، فنحن نطلب فقط ما يقوله الدستور والشرائع السماوية».
من جهة أخرى انتقد أحمد الزفزافي بعضاً من نشطاء الحراك في أوروبا الذين يلجأون إلى تخوين نشطاء آخرين، بسبب توجهاتهم الفكرية والطي لم يسلم منه شخصيا. وقال: «.. منذ ولادتي قبل 75 سنة، لم ينعتني أحد بالخائن أو العميل كما فعل البعض الآن»، مضيفاً: «الأشخاص الذين أوصلوني إلى البرلمان الهولندي أو البرلمان الأوروبي أو حتى المفوضية العليا للإتحاد، هم نشطاء بمعنى الكلمة، وهؤلاء من يعتز بهم الريف ويريدون الخير للريف والريفيين، وهم من رفعوا كلمتي، عكس من وصفني بأخبث الأوصاف التي لم تسلم حتى عائلتي منها».
وقال: «ناصر الزفزافي لم ينكر أي أحد من نشطاء أوروبا ممن تضمنتهم محاضر الشرطة، حيث دافع عنهم واعتز بهم أمام المحكمة، مؤكداً أنه يحترم توجهات كل واحد منهم». ووصف سلوكات الذين يلجأون الى التخوين بـ»الصبيانية»، متحدياً إياهم بـ «إتيانه بدليل واحد على خيانته أو عمالته التي يصفونه بها»، داعيا إياهم في نفس الوقت إلى التوقف والكف عن ذلك لأن ليس في مصلحة أحد ولا يخدم قضية المعتقلين والريف عموماً».
وكان معتقلو «حراك الريف» الذين تتم محاكمتهم في استئنافية الدار البيضاء قد «أعلنوا يوم الأربعاء الماضي، مقاطعتهم لباقي الجلسات التي بلغت مرحلة تقديم مرافعات الطرف المدني بعد الانتهاء من الاستماع للشهود». وقرر المعتقلون منذ أكثر من سنة، خلال الجلسة التي عقدت بغرفة الجنايات في الملف الذي يتابع فيه 49 متهما، وفق مذكرة كتابية سلمت لرئيس الهيئة، علي الطرشي، مقاطعة ما تبقى من جلسات المحاكمة، تعبيراً منهم عن احتجاجهم على مسارها.
وقال ناصر الزفزافي، زعيم حراك الريف: «الذي قام بتلاوة المذكرة، إن «الانتظارات المبدئية للمعتقلين من هذه المحاكمة تتجلى في أن تكون عادلة ومنصفة، وذلك عبر التزام المحكمة بالحياد، وانحيازها فقط إلى جانب الحق والحقيقة، وعدم السماح لأي جهة كانت أن تجعلها أداة لتصفية حساباتها ضد طرف آخر مهما كان شأن هذه الجهة أو نفوذها».
وأضاف: «لم يكن أملنا يصل إلى حد الانتظار من هذه المحكمة أن تعلن بكل الجرأة المطلوبة مباشرة بعد اطلاعها على الملفات عن وجود خلفية سياسية تحكمت في ملف دعاوى الاعتقالات في ما يتعلق بقضيتنا، وما يستتبعه ذلك من إعلان عن بطلان أساس الدعاوى، والحكم بإخلاء سبيل المعتقلين».
مقاطعة احتفالات العيد
وقاطعت عائلات معتقلي حراك الريف، عيد الفطر لهذه السنة، احتجاجا على استمرار اعتقال أبنائها، وخاضت إضرابا عن الطعام لـ24 ساعة وثمّنت لجنة عائلات المعتقلين انسحاب ابنائهم من جلسة محاكمتهم في استئنافية الدار البيضاء.
ونظمت لجنة دعم معتقلي حراك الريف بالدار البيضاء، تزامنا مع احتفالات عيد الفطر، مساء يوم الجمعة، وقفة تضامنية مع المعتقلين في الدار البيضاء، حضرها عدد من النشطاء المنتمين لأحزاب اليسار والمناضلين، وبعض أفراد عائلات المعتقلين تضامنا مع إعلان معتقلي حراك الريف في الدارالبيضاء إلى مقاطعة الجلسات المحاكمة بشعار «خليهم احكموا». وقالت اللجنة أن «هدف هذه الوقفة هو التضامن مع معتقلي حراك الريف وإيصال رسالة للسلطات مفاداها أنه في يوم العيد ثمة أسر تعاني من غياب أبنائها المعتقلين، بالإضافة إلى دعوتنا إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين». وتعتبر هذه الوقفة هي الثانية من نوعها، إذ سبق في السنة الماضية أن نظمت لجنة الدعم لمعتقلي حراك الريف وقفة تضامنية أخرى مع معتقلي حراك الريف خلال عيد الفطر.
وأعلنت تنظيمات حقوقية في إقليم الحسيمة عن قرارها الاحتجاج يوم الجمعة المقبل للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين وقررت فروع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومنتدى شمال المغرب لحقوق الإنسان، برمجة برنامج احتجاجي، مؤكدة أن خروجها يأتي من أجل «المطالبة بالإفراج الفوري والعاجل عن جميع معتقلي حراك الريف وكافة المعتقلين السياسيين وإلغاء جميع المتابعات في حق النشطاء سواء المتواجدين داخل المغرب أو خارجه».
وطالبت الجمعيات بالاستجابة للمطالب التي رفعها الحراك، ومن بينها المطالَب الحقوقية، المتعلقة بوفاة الشبان الخمسة إثر أحداث 20 فبراير/شباط والشاب كريم لشكر، وتسوية أوضاع الضحايا وإعادة الاعتبار إليهم.
ويخوض الناشط الريفي، ربيع الأبلق، معركة الأمعاء الفارغة، وسط أنباء عن تدهور حالته الصحية، خصوصا بعد دخوله اليوم العشرين لإضرابه عن الطعام تحت شعار «اللاعودة».
وأكد شقيقه عبد اللطيف الأبلق، أنه تلقى اتصالا، يوم أول أمس السبت، من شقيقه ربيع داخل سجن عكاشة، وذلك بشكل استثنائي، لأن الهاتف داخل هذه المؤسسة كان معطلاً يوم العيد، وطوال الأسبوع الماضي. وقال أن ربيع «وعلى غير العادة سمح لأمه، بزيارة أخيرة، ليودعها، ويرسل معها الحاجيات، والملابس، التي يملكها في السجن، والتي ما عادت له رغبة فيها..».
وأوضح في تدوينة له في صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أنه أوصل رسالة إلى ربيع من شخص عزيز، جاء فيها «الريف بحاجة إلى عنادك وحكمة جلول.. انتصر للحياة يا ربيع، وحكم عقلك بدل الانسياق للعواطف، تطالب بمحاكمة عادلة، وتتناسى أنك بذاتك محاكمة عادلة»، إلا أن ربيع استوقفه، وقال: «فلندع للريف حكمة جلول فقط، ولأكن حطبا في سبيل أن ينعم الريف بهذه الحكمة» وأنه لا يملك وسيلة أخرى غير الإضراب عن الطعام للمطالبة بـ»الإنصاف وعدالة المحكمة».
تجدد الاضراب عن الطعام
ويخوض عدد من نشطاء موقع التواصل حملة تضامنية مع ربيع الأبلق، لتسليط الضوء على قراره بخوض إضراب عن الطعام للمرة الثانية داخل سجن عكاشة. ويصر الناشط ربيع الأبلق على إجراء خبرة تقنية عن هواتفه، وعرض مكالماته الهاتفية، التي يرى أنها تشكل دليل براءته وبراءة معتقلي الحراك السلمي في الريف، إضافة إلى فتح تحقيق في التعذيب، الذي مورس عليهم في أقبية مخافر الشرطة، والتزام المحكمة للحياد.
من جهة أخرى أثارت صورة إبنة المعتقل محمد المحدالي، الناشط في حراك الريف، وهي تحمل صورة والدها، صباح يوم عيد الفطر، تعاطف رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
وحملت إبنة المحدالي، القابع في سجن عكاشة، صورته، ولافتة مكتوب عليها «لا عيد لنا من دونك أبي.. محمد المحدالي»، وهو ما بث حزناً واسعاً على الفيسبوك وأعرب عددٌ من المدونين والمغردين، تضامنهم المطلق، مع المعتقل المحدالي، وبقية نشطاء حراك الريف، الذين سجنوا على خلفية الاحتجاجات الشعبية بالريف.
ويتابع المحدالي، في حالة اعتقال، بتهمة تهريب شخص مطلوب للعدالة، وهو ناصر الزفزافي، زعيم حراك الريف، بعد حادثة المسجد الشهيرة. وكان المحدالي، نفى في جلسة محاكمة سابقة، التهمة الموجهة إليه، وذرف الدموع أمام هيئة الحكم، على إبنته التي لم يرها طيلة مدة إعتقاله.