لندن.. محاولات لإعادة تأهيل جماعة الإخوان المسلمين
تقرير جنكينز أثبت استعداد الإخوان لمرحلة العنف، وأصوات بريطانية تدعو إلى مراجعة العلاقة مع الإسلاميين.
لطالما كانت لندن ملاذا للعديد من رجال السياسة المنفيين، ليس فقط من دول الشرق الأوسط، ولكن من جميع أنحاء العالم. وهناك أسئلة تُطرح الآن حول الدور الذي تلعبه العاصمة البريطانية لاستضافة منظمات قد تهدد أمن واستقرار دول الشرق الأوسط، بما في ذلك بعض الدول التي تعتبر من أقرب حلفاء بريطانيا.
وقامت مجموعة من المنظمات التي لها صلات بجماعة الإخوان المسلمين -التي صنفتها مصر كمنظمة إرهابية في دجنبر 2013 والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في مارس 2014- باستخدام لندن كقاعدة تسعى من خلالها إلى إعادة تأهيل وإعادة إحياء الجماعة من جديد. وهذا أمر يثير القلق في العديد من العواصم العربية التي تخشى عودة ظهور جماعة الإخوان المسلمين من جديد.
وفي الآونة الأخيرة، عقدت مؤسسة قرطبة ندوة في لندن في الـ7 من يونيو بعنوان “الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط: بين الثورة والتحول الديمقراطي وحقائق جديدة”.
وقد وصف رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون في عام 2013 المؤسسة، التي تصف نفسها بأنها “مؤسسة فكرية استراتيجية مستقلة تهدف إلى تعزيز الحوار بين الثقافات والتعايش الإيجابي” بأنها إحدى جبهات جماعة الإخوان المسلمين، في حين صنفتها الإمارات العربية المتحدة على أنها منظمة إرهابية.
وفي العام 2014، أنكرت مؤسسة قرطبة أي روابط مع جماعة الإخوان المسلمين. وقد ترأس الاجتماع أنس التكريتي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة قرطبة، الذي شغل سابقا منصب رئيس الجمعية الإسلامية في بريطانيا، وهي مجموعة أخرى لها علاقة بجماعة الإخوان المسلمين. ووصف التكريتي الاجتماع بأنه “جاء في الوقت المناسب” وأعرب عن استيائه من شن “حملة منظمة ومنسقة لتشويه سمعة الإخوان المسلمين”.
وحضر اللقاء مجموعة من النشطاء والأكاديميين، من بينهم رئيسة المجلس الثوري المصري مها عزام، وعزام التميمي عضو المكتب السياسي لحركة حماس.
ووجهت مها عزام انتقادات خاصة إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أثناء تصريحاتها، متهمة إياهما “بالتواطؤ” ضد الإخوان المسلمين. وتم تصنيف المجلس المصري الثوري كجماعة إرهابية من قبل السلطات المصرية. وقالت عزام “هم يدعمون حكومات الدكتاتوريين لأسباب تجارية وأمنية”.
منظمات لها صلات بجماعة الإخوان المسلمين قامت باستخدام لندن كقاعدة تسعى من خلالها إلى إعادة تأهيل الجماعة
كما ركزت في تعليقاتها على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، الحليفتين الرئيسيتين لبريطانيا وأوروبا في الحرب ضد الإرهاب.
وأضافت عزام “تتواطأ السعودية والإمارات مع الدول الحليفة في الغرب لتشويه صورة الإخوان المسلمين. ويتم بيع الوهم والكذب للجمهور. كل هذا ما هو إلا جزء من حرب دعاية يتم فيها إنفاق الملايين من الجنيهات”.
أما عزام التميمي، فهو باحث سابق في معهد “تشاتام هاوس” ورئيس برنامج الأمن والتنمية في الدول الإسلامية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة للدراسات الدفاعية. فقد أعرب عن استيائه من حملة التواطؤ ضد الإخوان المسلمين.
وقال عزام “حتى قيام الانقلاب، كانت هناك اتصالات ممتازة بين الحكومة البريطانية والإخوان المسلمين”، في إشارة إلى الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي. وانتقد التميمي رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على وجه الخصوص لدعم الحكومة المصرية الحالية، التي اعتبرها دكتاتورية فاسدة، مقابل إدارة محمد مرسي. وقال التميمي “أنا متأكد من أن تيريزا ماي لا تحب هذا. فهي تريد الاستمرار في بيع الأسلحة إلى دول الشرق الأوسط حتى يتمكن العرب من مواصلة قتل بعضهم البعض”.
ومع ذلك، فإن مؤسسة قرطبة ليست سوى مثال واحد على عدد من المنظمات في لندن التي لها علاقات مع جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما أدى إلى زيادة الدعوات إلى حكومة بريطانيا بتعيين جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية والضغط على الجماعات الأخرى التي ترتبط بها.
وأقر تحقيق واسع النطاق لجماعة الإخوان المسلمين من قبل الحكومة البريطانية في عام 2015 -وهو التقرير المعروف باسم تقرير جنكينز- بأن الإخوان المسلمين كانوا مستعدين لاستخدام العنف والإرهاب سعيا لتحقيق أهداف طويلة المدى، ولكنهم توقفوا عن هذا الفعل بعد تكرر دعوات حظر الجماعة في المملكة المتحدة.
وقال التقرير “ما زال هناك الكثير من الأمور السرية حول جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا، بما في ذلك العضوية وجمع التبرعات والبرامج التعليمية. وعلى الرغم من تراجع نفوذهم المحلي إلا أن المنظمات المرتبطة بالإخوان المسلمين تستمر في ممارسة تأثيرها هنا وهو ما لا يتناسب مع حجمهم”.
وقد دعا كاتب التقرير السير جون جنكينز، وهو سفير بريطاني سابق في المملكة العربية السعودية، الحكومة البريطانية إلى إعادة التفكير في محاولاتها للتعامل مع الإسلاميين.
يقول السير جون جنكينز “قراراتنا المُعلنة للتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر بعد عام 2000 وفي عام 2008، وإعادة الانخراط دبلوماسيا مع الجناح السياسي لحزب الله لم تسفر عن أي تحول في تفكيرهم. في الواقع، غالبا ما يكون رفض التعامل هو الأكثر تأثيرا”.