رمضان شهر الرزق و البركة للفقراء بالمغرب
القنيطرة
12 يوليو 2018
شهر رمضان في المغرب يواكبه ظهور مهن موسمية من أجل جني بعض المال، غير أن بعض النشاطات الأخرى تعرف في المقابل ركودا تجاريا.
لأن لشهر رمضان عاداته وتقاليده التي تميزه عن باقي فترات السنة، ولأن هذه العادات تفوح بعطر أجواء هذا الشهر الفضيل، التي تتوزع بين الروحي والاجتماعي والثقافي والاستهلاكي، فإن العادات الاستهلاكية الغذائية لشهر الصيام يواكبها ظهور ثلة من المهن الموسمية من أجل جني بعض المال، من قبيل بيع الأرغفة والحلويات وأواني الخزف، غير أن بعض النشاطات الأخرى تعرف في المقابل ركودا تجاريا طيلة شهر الصيام.
“الورقة”، واحدة من أبرز المكونات الغذائية التي لا تكتمل الأطباق الرمضانية من دونها، كيف لا وهي تشكل المكون الأساسي لتحضير ما يعرف بـ”البريوات” و”القنينطات” و”البسطيلة” وغيرها من الوصفات المغربية التقليدية، فضلا عن الإقبال المتزايد على اقتناء حلويات رمضان من “شباكية” و”مخرقة” و”المقروط” و”البشنيخ” و”السفوف” أو ما يعرف بـ”السلو”.
تقول فاطمة بائعة المسمن بسوق الخبازات بالقنيطرة ، إن النساء “يقبلن بشكل ملفت على اقتناء المسمن و الورقة من أجل إعداد ما لذ وطاب من الأطباق الرمضانية، والتي لا تكتمل مائدة الإفطار والسحور من دونها، كما هو الحال بالنسبة للبريوات (…)”.
وفي خصوص أسباب لجوء عدد من النساء إلى اقتناء حلويات رمضان بدل إعدادها في البيت، لفتت فاطمة إلى أن عامل الزمن يشكل سببا رئيسيا وراء انتشار هذه الظاهرة، “بحكم أن النساء الموظفات والعاملات خارج البيت، بشكل عام، لا يجدن الوقت الكافي لإعداد هذه الحلويات التي تتطلب مجهودا وحيزا زمنيا كبيرا”. ومن النساء وخاصة من العائلات الفقيرة من يعملن على صناعة الورقة او إعداد المسمن في البيت وبيعها في السوق ما يساعدهن على مجابهة مصاريف العائلة خلال رمضان وأيام عيد الفطر.
الفطائر المغربية التقليدية من “بغرير” و”مسمن” و”رزة القاضي” و”المطلوع” أو “المخامر”، تسجل كذلك مبيعات قياسية خلال شهر الصيام، وذلك بالنظر إلى عدة عوامل تتصدرها رمزية حضور هذه الأطباق ضمن تقاليد المائدة الرمضانية.
هذا الأمر تؤكده نزهة، التي تعمل كبائعة للفطائر التقليدية بسوق الخبازات بالقنيطرة ، مشددة، على أن “الإقبال على شراء هذه الفطائر يزيد خلال رمضان بحوالي ثلاثة أضعاف عن الأيام العادية”، مشيرة، إلى أن النساء الموظفات هن أكثر الفئات الاجتماعية إقبالا على هذا المكون الغذائي التقليدي، بحكم ضيق وقتهن وتعدد مسؤولياتهن بين الحياة المهنية والحياة العائلية.
دليلة ربة أسرة في العقد الخامس من العمر، اعتادت في كل شهر رمضان، أن تمتهن بيع الخبز لتساعد زوجها في إعالة العائلة المتكونة من خمسة أفراد. تقول، “أصنع الخبز التقليدي الذي يفضله الصائمون مثل المسمن وبطبوط وبغرير وهي أنواع تقليدية لا ينتبه إليها المغاربة خلال بقية أيام السنة”.
تقول دليلة إنها تبدأ يوم عملها مباشرة بعد صلاة الفجر ليستمر صباحا في تحضير الخبز وبعد الظهر في بيعه، مضيفة، “أن هذا العمل شاق ويأخذ مني كل النهار، حتى بعد أن أعود لإعداد وجبة الإفطار لأطفالي أبيع الخبز لزبائني الذين يأتون إلى المنزل ليشتروا من عندي يوميا”.
وتضيف دليلة أنها تحقق ربحا محترما في شهر رمضان الكريم قد يكون كافيا لقضاء شهرين أو ثلاثة ويساعدها على شراء ملابس العيد لأطفالها الثلاثة والمواد المدرسية.
وتعتبر مهنة الحلوانية (صانعة الحلويات) من المهن المدرة لدخل مهم خلال شهر رمضان وعيد الفطر، وتتجه إليها السيدات العاملات لصناعة الحلويات لمن يريد ذلك خاصة العائلات التي تعمل فيها ربة البيت في الوظيفة حيث لا تجد متسعا من الوقت لصناعة الحلويات المفضلة في السهرات الرمضانية ولا تريد أن تشتريها جاهزة من محلات المرطبات.
ومن أبرز المنتجات والمواد الغذائية التي يكثر عليها الطلب كذلك خلال شهر رمضان، عصير البرتقال الطبيعي، على اعتبار أن شهر رمضان أضحى يصادف خلال الأعوام الأخيرة فترات ترتفع فيها درجات الحرارة.
يقول يونس، صاحب عربة لبيع عصير البرتقال بسوق الخبازات، إن شهر رمضان يتميز بارتفاع الطلب على هذا المكون الغذائي الطبيعي، بالنظر إلى تعدد فوائده الصحية والغذائية.
ويضيف، أن “نشاط بيع عصير البرتقال يجلب مردودية أعلى بكثير خلال رمضان مقارنة مع باقي أيام السنة، نظرا إلى تزايد الطلب عليه، واعتدال أسعار فاكهة البرتقال خلال هذه الفترة من السنة”.
شهر رمضان، وبالنظر إلى خصوصيته الروحانية والثقافية والاجتماعية، يتميز كذلك بظهور أنشطة مهنية أخرى كبيع سجاد الصلاة والمصاحف والكتب الدينية والأواني الخزفية حيث تفضل العائلات المغربية الحفاظ على الجوانب التقليدية للمطبخ المغربي.
وفي مقابل المهن التي تنتعش في رمضان تعيش مهن وحرف أخرى على حافة الانهيار خلال شهر الصيام، بسبب ركود حركة الزبائن عليها، خاصة المهن التي لها علاقة بالاستهلاك والأكل في نهار رمضان، من قبيل المقاهي والمطاعم ومحلات الوجبات السريعة.
ويقول عزيز ، الذي يعمل في محل لتقديم الوجبات السريعة، إنه خلال الشهر الكريم يمكث في بيته، ولا يذهب تماما إلى العمل، بسبب انحسار عدد الزبائن عن التوافد إلى مطعمه، فالنهار هو للصيام، والليل يكون فيه الناس قد تناولوا فطورهم في بيوتهم، وبعد التراويح يعودون إلى منازلهم.
ويعمد عدد من أصحاب المقاهي إلى إغلاقها طيلة الشهر الفضيل، بسبب النقص في عدد الزبائن، ويستغلون شهر رمضان لإجراء عمليات الترميم والإصلاح وترتيب وتجديد ديكورات مقاهيهم بغية استئناف أنشطتهم التجارية انطلاقا من يوم عيد الفطر.