وقفة احتجاجية تكلّف لحسن الداودي منصبه الوزاري
قبل حزب العدالة والتنمية الحاكم في المغرب استقالة لحسن الداودي من منصبه الوزاري كمكلف بالشؤون العامة والحكامة، بسبب مشاركته في مظاهرة ضد مقاطعة منتجات شركة سنطرال .
وفي بيان نشر على موقعه على الإنترنت، قال حزب العدالة والتنمية إن مشاركة الداودي في الحدث “لا أساس لها وغير مناسبة”.
ويأتي قرار الوزير المغربي إثر الضجة الكبيرة التي خلفتها مشاركته بصفته الحكومية في الوقفة الاحتجاجية تضامناً مع عمال شركة “سنطرال دانون”، الذين احتجوا أمام مقر البرلمان ضد حملة المقاطعة التي كانت سببا في تسريح عدد منهم.
وفي معرض تعليقه على طلب الوزير لحسن الداودي إعفائه من منصبه الحكومي، قال سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ان طلب الداودي الإعفاء من مهمته الوزارية يفيد بأنه تحمل المسؤولية وأراد أن يمحو أثر المشاركة في وقفة احتجاجية مع عمال شركة “سنطرال” الذي كانت تصرفاً غير مناسب لأنه وزير وفيها تقدير مجانب للصواب.
وبعد الاشادة بخصال الوزير المستقيل استبعد العمراني أن يؤثر الأمر على حكومة سعد العثماني وعلى حزب العدالة والتنمية، نافياً أن يكون الحزب رضخ لضغط “فيسبوك”، بل لاقتناعه بأن ما قام به الداودي “عمل غير مناسب”، نافيا أن يكون الوزير تعرض لضغوط داخل الحزب لتقديم استقالته، وأكد أنه تفاعل مع الأمر وارتأى طلب إعفائه وبشكل تلقائي.
ودفع سلوك لحسن الداودي الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية مساء الاربعاء بالرباط، إلى اجتماع استثنائي برئاسة الأمين العام سعد الدين العثماني، التي أكدت أنه بعد استعراض الأمانة العامة لمختلف المعطيات ذات الصلة وتداول أعضائها في الموضوع، اعتبرت أن مشاركة لحسن الداودي في الوقفة الاحتجاجية المعنية تقدير مجانب للصواب وتصرف غير مناسب.
وكان على لحسن الداودي، حسبما قال نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن ينتبه أيضا إلى حسن تقدير أي خطوات يقدم عليها، معتبرا أن “السياسة لا تستقيم بالتلقائية أو العفوية التي قد تكون مكلفة أحيانا ليس للشخص ذاته فحسب، ولكن أيضا لعائلته السياسية”.
وأوضحت الأمانة العامة، بأن الداودي تحمل المسؤولية بعد أن تقدم بطلب الإعفاء من مهمته الوزارية، معلنة في ذات الوقت رفضها لبعض التصريحات والتدوينات غير المنضبطة لقواعد وأخلاقيات حرية التعبير الصادرة عن بعض مناضلي الحزب والمسيئة للحسن الداودي.
واعترفت قيادة حزب العدالة والتنمية في بيان لها، بأن مشاركة الداودي في وقفة احتجاجية خلقت رأياً عاماً، وعرفت متابعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي دفعها إلى التفاعل بسرعة، خصوصاً أن الأمر يتعلق بقيادي ووزير.
وقال محمد خيي الخمليشي، عضو بمجلس النواب، ان بلاغ الأمانة العامة لم يشر لا من قريب ولا من بعيد لعمق الأزمة السياسية الآخذة في التوسع والانتشار، واكتفى للأسف بالإقرار بعدم صوابية مشاركة لحسن الداودي في الوقفة العمالية وثمّن استقالته وتحمله للمسؤولية ، مما يعني اننا لم نستوعب الدرس بعدُ ولم نستخلص العبر الضرورية ، او إننا لا نريد ان نعترف بأننا أخطئنا الوجهة.
ويذكر ان لحسن الداودي حطم الرقم القياسي في عدد التصريحات المثيرة لجدل حول المقاطعة متضامنا مع شركة الحليب سنطرال والعمال، ما اعتبره كثيرون انه لا يتناسب وموقعه كوزير يستوجب عليه البحث عما يضمن توازن العرض مع القدرة الشرائية للمواطن.
وأفادت مصادر مقربة من رئيس الحكومة بأن هذا الأخير، فوجئ بالتحاق وزير الشؤون العامة والحكامة بمجموعة من المتظاهرين أمام مقر البرلمان دون علم رئيس الحكومة، بعدما كان متجها إلى البرلمان للمشاركة في لجنة برلمانية ليلة الثلاثاء، اتصل به فور سعد الدين العثماني بعد علمه بالموضوع، ونبهه إلى أن هذا العمل غير لائق.
وحسب الدستور فعلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني أن يرفع في أقرب الأوقات طلب اعفاء الداودي إلى الملك.
ويرى مراقبون ان العثماني يوجد في موقف صعب بعد اقالة عضو آخر في حكومته في اقل من ثمانية اشهر عندما تم اعفاء اربعة وزراء اثر اختلالات في مشروع تنموي بالحسيمة تسبب في احتجاجات بالمنطقة.
وينص الفصل 47 من الدستور، ان للملك، بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة، أن يعفي عضوا أو أكثر منأعضاء الحكومة من مھامھم. ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة .ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتھم الفردية أو الجماعية.
ويرى مراقبون أن حملة المقاطعة التي انطلقت في ابريل الماضي لن تتأثر باستقالة وزير من مهامه لكن الحكومة المغربية ستكون ملزمة بتقديم أجوبة واقعية حول الأسباب المؤدية لتك المقاطعة، خصوصا مع تدارس بعض أحزاب المعارضة، ومنها الأصالة والمعاصرة، الإطار القانوني والدستوري الذي يسمح بالاطاحة بحكومة سعد الدين العثماني.
وفي هذا الصدد يرى خالد ادنون، عضو المكتب السياسي لحزب الاصالة والمعاصرة، أن تقديم ملتمس الرقابة لإسقاط حكومة والتصويت عليه إيجابا، لم يعد ترفا دستوريا وسياسيا، بل أصبح واجبا وطنيا.
وتتواصل في المغرب منذ 20 نيسان الماضي، حملة شعبية لمقاطعة منتجات 3 شركات في السوق المحلية، تبيع الحليب والماء والمحروقات.
والإثنين الماضي، قالت الشركة المذكورة، إن قيمة معاملاتها ستنخفض بنسبة 20%، وستواجه عجزًا بحوالي 150 مليون دولار، خلال الربع الأول من العام الجاري.
وأشارت الشركة في بيان إلى أنها قررت الاستغناء عن عدد كبير من العمال، الذين وظفتهم في الشهور الستة الأخيرة.
ويطالب المقاطعون شركة الحليب بخفض أسعار السلع التي تقدمها إلى مستويات “عادلة” تتناسب والقدرة الشرائية للمواطنين.
وتطال “حملة المقاطعة” غير المسبوقة شركة لبيع الوقود مملوكة لوزير الزراعة المغربي عزيز أخنوش، وشركة للمياه المعدنية مملوكة لمريم بنصالح، الرئيسة السابقة للاتحاد العام لمقاولات المغرب (أكبر تجمع لرجال الأعمال المغاربة).
والخميس الماضي، دعت الحكومة المغربية إلى وقف مقاطعة الحليب لتفادي استمرار تضرر المزارعين والاقتصاد.
وقالت الحكومة في بيان، إن استمرار المقاطعة “قد يكون له تأثيرات سلبية على الاستثمار الوطني والأجنبي وبالتالي على الاقتصاد الوطني”.