حملة المقاطعة في المغرب: وزير يحتج على الشعب

لحسن الداودي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المغربية، المكلف بالشؤون العامة والحكامةً، ينضم إلى وقفة احتجاجية نظمها عمال ضمن حملة المقاطعة الشعبية التي ينفذها المغاربة ضد الغلاء.

الخميس 2018/06/07
صغار التجار أول المتضررين
في سابقة هي الأولى من نوعها في المغرب انضم لحسن الداودي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف بالشؤون العامة والحكامة، إلى وقفة احتجاجية نظمها عمال شركة سنطرال دانون، المستهدفة مع شركات أخرى من حملة المقاطعة الشعبية التي ينفذها المغاربة منذ نحو شهرين ضد الغلاء.

ودعا العمال ومعهم الوزير الشعب المغربي لإيقاف حملة المقاطعة التي تسببت في خسارة عدد من الموظفين لعملهم.

وأطرت الوقفة الاحتجاجية كل من نقابتي الاتحاد العام للشغالين، والكونفيدرالية الديمقراطية للشغل. وطالب العمال رئيس الحكومة سعدالدين العثماني بـ”التدخل لإنقاذ شريحة واسعة من الشعب المغربي، تعيل الآلاف من الأسر وتشتغل بتفان من أجل وطنها”، داعين إلى حوار وطني جاد ومسؤول يضم كافة المتدخلين لتجاوز الوضع الحاصل وإعادة الاعتبار للمصلحة العامة.

وقالت شركة “سنطرال دانون” المعنية بـ”حملة المقاطعة” الشعبية في المغرب، الاثنين، إن رقم معاملاتها سينخفض بـ20 بالمئة وعجز بحوالي 150 مليون دولار، خلال الفصل الأول من العام الجاري.

وأوضحت الشركة في بيان لها أنها قررت الاستغناء عن عدد كبير من العمال الذين وظفتهم في الشهور الستة الأخيرة.

وتطال “حملة المقاطعة” غير المسبوقة شركات أخرى من بينها شركة لبيع الوقود يملكها عزيز أخنوش وزير الزراعة المغربي، وشركة للمياه المعدنية في ملكية مريم بنصالح الرئيسة السابقة للاتحاد العام لمقاولات المغرب (أكبر تجمع لرجال الأعمال المغاربة)، بالإضافة إلى الأسماك التي شهدت أسعارها ارتفاعا غير مسبوق خلال شهر رمضان.ويطالب المقاطعون بخفض أسعار السلع التي تقدمها إلى مستويات “عادلة” تتناسب والقدرة الشرائية للمواطنين.

ووصف القيادي بحزب الاستقلال المعارض عادل بن حمزة، ما قام به لحسن الداودي بـ”الغريب والسابقة في تاريخ المغرب”.

وأضاف لـ”العرب” “لم يسبق لوزير في الحكومة الخروج إلى الشارع من أجل الاحتجاج على الشعب وعلى الحكومة التي يمثلها والوقوف إلى جانب مطالب شركة تتعرض لمقاطعة شعبية واسعة”.

واعتبر بن حمزة أن أي صمت من قبل الحكومة على هذا العبث يعني أن ما قام به تعبير عن موقفها.

لكن تقارير إعلامية نقلت مساء الثلاثاء عن مسؤول برئاسة الحكومة قوله إن “العثماني اتصل هاتفيا بالداودي ونبهه إلى أن هذا العمل غير لائق”.

 خروج لحسن الداودي بصفته الوزارية في تظاهرة مصطفا إلى جانب إحدى الشركات المستهدفة من المقاطعة حدث غير معتاد، ويحمل في طياته رسائل للمقاطعين

وأوضح المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه لأسباب إدارية، أن “العثماني فوجئ بالتحاق الداودي بمجموعة من المتظاهرين أمام مقر البرلمان دون علمه، وهو ما جعله يبلغه عدم رضاه عن هذه الخطوة”.

ومن شأن مساندة لحسن الداودي الذي ينتمي لحزب العدالة والتنمية الإخواني، للشركات على حساب الشعب تعميق حملة المقاطعة التي باتت تهدد بأزمة قد تشهدها البلاد.

وكانت الحكومة دعت إلى وقف مقاطعة الحليب لتفادي استمرار تضرر المزارعين والاقتصاد. وقالت في بيان لها إن استمرار المقاطعة “قد تكون له تأثيرات سلبية على الاستثمار الوطني والأجنبي وبالتالي على الاقتصاد الوطني”.

وقال المحلل السياسي حفيظ الزهري، إن خروج لحسن الداودي بصفته الوزارية في تظاهرة مصطفا إلى جانب إحدى الشركات المستهدفة من المقاطعة حدث غير معتاد، ويحمل في طياته رسائل للمقاطعين مفادها أن مطالبهم غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع. وأضاف أنها محاولة من الوزير لصناعة توازن ميداني عبر الزج بالعمال في الصراع كورقة ضغط للعب على الوقت في انتظار انخفاض حدة المقاطعة، متوقعا أن تكون لهذه الخطوة غير المحسوبة انعكاسات سلبية على صورة الشركة لدى المواطن المغربي.

وبدوره قال سعيد بنيس الباحث في العلوم الاجتماعية  “إن ما قام به الوزير يمثل مساندة لحليفه الاقتصادي على حساب الشعب الذي اختير ليمثله، وهذا يظهر عقم تمثل الديمقراطية التمثيلية التي تبقى عنوانا دون مضمون يذكر”.

ومنذ انطلاق حملة المقاطعة الشعبية للسلع، أخذ وزراء حزب العدالة والتنمية الإخواني الذي يقود الحكومة، على عاتقهم مهاجمة المقاطعين والوقوف إلى جانب الشركات ضد الشعب وهو ما سيكون له انعكاس على شعبية الحزب الذي فاز أواخر العام 2016 بالانتخابات التشريعية.

ويعي قياديو الحزب مدى تأثير ما يحصل على شعبيته حيث طالب إدريس الثمري عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، لحسن الداودي بتقديم استقالته من حكومة العثماني.

واختارت عضو مجلس النواب عن حزب العدالة والتنمية أمينة ماء العينين التعليق عما قام به الداودي بوصف الخطوة بـ”المصيبة”.

وبدوره أكد سليمان العمراني نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن “كل شخص مسؤول عن تصرفاته”.

وأضاف “لم أتخيل يوما أنه يمكن لبرلماني أو وزير أن يشارك في وقفات احتجاجية إلا إذا كانت في سياق الدفاع عن قضايا الأمة أو الوطن، وأن البرلماني والوزير لهما من الآليات ما يمكنهما من القيام بمهامهما من مواقعهما، دفاعا عن الشعب”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: