المغرب: أخنوش يحشد الفلاحين والعمال للاحتجاج أمام البرلمان على المقاطعة الشعبية لشركة منتجة للحليب
بينما أعلنت نقابات عمالية مغربية عن تنظيم وقفة أمام البرلمان غداً الثلاثاء، احتجاجاً على انعكاس المقاطعة الشعبية لشركة منتجة للحليب على مصير العمّال، أفادت مصادر إعلامية أن مسؤولاً حكومياً كبيراً قام بحشد الفلاحين من أجل المشاركة في الاحتجاج ورفع شعارات ضد المقاطعة.
وأصدرت «الكونفدرالية الديمقراطية للشغل» (إحدى أكبر النقابات العمالية في المغرب) نداء دعت فيه كافة عاملات وعمال شركة «سنترال دانون» إلى المشاركة بكثافة في وقفة احتجاجية أمام البرلمان في الرباط غداً الثلاثاء ابتداء من الساعة التاسعة والنصف ليلاً. وذكر بلاغ للكونفدرالية أن هذا النداء يأتي بهدف التنديد بما أُطلق عليه «الأعمال الإجرامية» التي تعرض لها «سنترال دانون»، لاسيما الباعة ومساعدوهم، أثناء مزاولتهم لعملهم في توزيع الحليب على المحلات التجارية.
وكانت شركة الحليب قد اضطرت، رغم العروض الخاصة التي أعلنتها بمناسبة شهر رمضان، إلى تخفيض كمية الحليب التي تقتنيها من التعاونيات بنسبة 30 بالمئة، وفصل حوالي 900 عامل بعد حملة المقاطعة التي ألحقت أضراراً مالية كبيرة بميزانية الشركة الفرنسية.
ولقي نداء «الكونفدرالية الديمقراطية للشغل» للمشاركة في الوقفة الاحتجاجية تفاعلاً من طرف نقابة ثانية كبرى، هي «الاتحاد المغربي للشغل» الذي دعا إلى اتخاذ إجراءات ملموسة «للحفاظ على استقرار ومناصب الشغل وصون المكتسبات والحقوق ولإيقاف المضايقات والتعسفات والتراجع عن قرار الطرد التعسفي المتخذ في حق المستخدمين». وحمّلت النقابة الحكومة والشركة مسؤولية تشريد آلاف الأسر بسبب عملية الطرد، وحذرت من خطورة تدهور الأوضاع، «التي من شأنها التأثير على استقرار العمل ومصير الشركة ومستقبل المستخدمين والآلاف من باقي المتعاملين معها وعلى رأسهم الفلاحون». وأعرب «الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب» (المقرب من حزب العدالة والتنمية المشارك في الحكومة) عن تفهمه لدواعي مقاطعة بعض المنتجات، داعيا الحكومة إلى الإنصات والتفاعل الإيجابي مع مطالب المواطنين.
تحالف المال والسياسة
وبعد حوالي شهر من التواري عن الرأي العام والركون إلى الصمت إزاء حملة المقاطعة التي شملت ثلاثة منتجات استهلاكية (أنواع معينة من الماء والحليب والبنزين)، بدأ عزيز أخنوش في تنفيذ مخطط لمواجهة الحملة، بالنظر لمركزه القوي كوزير للفلاحة والصيد البحري وأيضا كرئيس لحزب مشارك في الحكومة (التجمع الوطني للأحرار) وثالثاً بوصفه مالكاً لإحدى أكبر شركات المحروقات التي يقاطعها المغاربة، وهو ما يفسر دعوة أصحاب المقاطعة إلى ضرورة الفصل بين المال والأعمال لما لذلك من تأثير على الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وذكرت مصادر إعلامية أن عزيز أخنوش عقد مساء يوم الجمعة الأخير لقاء غير رسمي مع بعض الفلاحين الكبار من ملاكي الضيعات الكبرى والتعاونيات الفلاحية، وذلك من أجل الشروع في تنفيذ مخطط حشد المواطنين والفلاحين الصغار والعمال لتنظيم وقفات ومسيرات احتجاجية في مختلف أقاليم المغرب ضد حملة المقاطعة الشعبية.
وأوردت المصادر نفسها أن المسؤول المذكور أعطى تعليمات صارمة للفلاحين الكبار، من أجل تعبئة أكبر عد من الفلاحين الصغار والعمال والمواطنين لتنظيم وقفات احتجاجية أمام البرلمان في الرباط، سيتم خلالها رفع لافتات وشعارات ضد حملة المقاطعة ومهاجمة المقاطعين، من أجل دغدغة العواطف وسلب المشاعر، وممارسة ضغوطات على الحكومة حتى ترضخ لمطالبهم.
وأضافت أن أخنوش وعد بتوفير الحاجيات الضرورية للوقفات الاحتجاجية، بالإضافة إلى حافلات لنقل الفلاحين الصغار وعمال الحليب، مع توفير مصاريف مادية لهم، وذلك لكي تكون المشاركة كثيفة في الأيام الاحتجاجية التي يسعى لتنظيمها بالعاصمة الرباط، والتي هي في ظاهرها مسيرة ووقفات احتجاجية لفائدة الفلاحين وعمال الحليب، وباطنها مهاجمة المقاطعة والمقاطعين.
وأوضحت المصادر أن أخنوش يمارس ضغوطا قوية على رئيس الحكومة وبعض الوزراء من أجل الدفاع عن مصالحه الشخصية، وشركاته التي تضررت بشكل كبير بسبب حملة المقاطعة، والتي تسببت له في تراجع غير مسبوق في ثروته المالية.
وفي السياق نفسه، ذكر موقع إلكتروني أن أخنوش وجّه أصابع الاتهام إلى جهات خارجية بالوقوف وراء حملة المقاطعة، ونقلت عنه قوله خلال اجتماع للمكتب التنفيذي لحزبه الأسبوع المنصرم إنه يتوافر على معطيات أكيدة تفيد أن حملة المقاطعة انطلقت من المغرب عبر صفحة أو صفحتين في الفيسبوك، قبل أن تلتقطها جهات تركية وجزائرية وتدعمها إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن، من دون أن يوضح أخنوش لقياديي حزبه هوية هذه الجهات التركية والجزائرية الضالعة وراء المقاطعة.
ردود الفعل
وتوالت ردود الفعل السياسية إزاء حملة المقاطعة الشعبية لمنتجات استهلاكية، حيث أعلن نزار بركة أمين عام حزب «الإستقلال» المعارض دعمه للحملة، كما أكدت المنظمة الشبابية التابعة لحزب «الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية» (المشارك في الحكومة)، «دعمها اللامشروط لنضالات ومطالب الجماهير الشعبية»، ونبهت إلى «ضرورة نقاش المشاكل التي يواجهها المغرب والتي أدت إلى تبلور حركات احتجاجية شعبية من خلال أساليب نضالية مختلفة». وطالبت المنظمة المذكورة بـ»ضرورة توفير نقاش يتأسس على مقاربة شمولية، تتجاوز نقاش تمظهرات هذه المشاكل إلى نقاش أسبابها ومسبباتها»، وهي المقاربة التي قالت انها «يجب أن تكون خلفيتها الوحيدة، التفكير في نماذج وآليات جديدة لتوزيع الثروة وتحقيق التنمية، بشكل عادل بين الجهات».
وفي السياق نفسه، قام الجناح المتشدد داخل شبيبة العدالة والتنمية الموالي لعبد الإله بن كيران (الأمين العام السابق للحزب ورئيس الحكومة المغربية السابق) بإطلاق حملة شرسة عبر مواقع التواصل الإجتماعي، ضد الرئيس المدير العام لشركة «سنترال دانون»، كردّ فعل على قرارات هذا الأخير بخصوص التخلي عن ثلث كميات الحليب التي تقتنيها الشركة من تعاونيات ومربي الأبقار الحلوب والتي يقدر أعضاؤها بـ120 ألف فلاح، وكذا على تسريح عدد من مستخدمي وعمال الشركة المشار إليها.
ويحيل هاشتاغ «ليوطي عاد إليكم من جديد» على مرحلة الإستعمار الفرنسي والفترة التي تولى فيها اليوطي منصب المقيم العام في المغرب.
وعاد المحامي محمد زيان، أمين عام «الحزب الليبرالي المغربي» ليهاجم الحكومة مجدداً بسبب موقفها «المريب» ـ على حد تعبيره ـ من حملة المقاطعة الشعبية المستمرة منذ أكثر من شهر، حيث اعتبر أن البلاغ الأخير لرئاسة الحكومة يؤكد بالملموس أن الحكومة تقوم بحماية مصالح الشركات فقط، لأن الشعب طالما نادى بضرورة تدخل الحكومة لتخفيض الأسعار وتحسين قدرته الشرائية بدون نتيجة، لكن وبمجرد تضرر الشركات سارع العثماني ووزراؤه للبحث عن حلول