أرقام مفزعة حول الشبان المسلمين المتعاطفين مع التطرف في الغرب
الحكومات الأوروبية تركت الإخوان يشتغلون ويشكلون الرأي العام الإسلامي في أوروبا كما يشاؤون وقد أتت أعمالهم أكلها إذا ما صدقنا نتائج استطلاعات الرأي التي تقوم بها كبريات المؤسسات وتنشر في معظم الصحف الغربية، ويتجادل حول أرقامها ومدلولاتها السياسيون والمفكرون والناشطون.
ولكن أول من ينتقدها ويطعن في صحتها هم الإخوان أنفسهم لأنهم يدركون أن النقد سيطالهم في المقام الأول، وخوفا من حرمانهم من الامتيازات الكثيرة التي تمنحها لهم بلدان الغرب دون أن تدري بأنهم وراء صعود التطرف بين الجاليات المسلمة المقيمة على أراضيها.
ولذلك يعمل الإخوان كل ما في وسعهم كي لا يفقدوا علامتهم التجارية في الغرب والتي هي “ماركة الاعتدال” أو الإسلام السياسي المعتدل الذي يحاولون من خلاله مخادعة الغرب ليعتبرهم ديمقراطيين كما يعتبر الأحزاب الديمقراطية المسيحية الناشطة في بلدان أوروبية كثيرة.
وعلاوة على الإخوان المسلمين تُغضب استطلاعات الرأي تلك، الكثير من أتباع اليسار وصحفه وغيرهم من الذين يحترفون إخفاء حقيقة وخطورة الإسلام السياسي في الغرب، ومنهم الكثير من الجامعيين الذين يرددون منذ سنوات أن أنصار تطبيق الشريعة والجهاد قلة القلة بين المسلمين في الغرب.
ولئن كنا نعرف أن النقاش حول نتائج الاستطلاعات سيظل محتدما لأن كل طرف يرفض الاستطلاع الذي لا يكون في صالح نظرته، فإن ما تقوله بعض الأرقام على تذبذبها من الصعب تجاهله، فماذا تقول الأرقام؟ حسب آخر دراسات المركز الوطني للعلوم الاجتماعية في برلين، هناك 70 بالمئة من المسلمين في بلجيكا يعتبرون القواعد الدينية أهم من القانون.
وقد استجوب هذا المركز 900 من المسلمين والمسيحيين في 6 بلدان من الاتحاد الأوروبي هي ألمانيا، فرنسا، هولندا،السويد، النمسا وبلجيكا.
ومن بين هؤلاء 1200 من أصول تركية ومغربية يعتبرون أنفسهم مسلمين تم استجوابهم ببلجيكا. وتبين من خلال التحقيق أن الكثير من المسلمين يمكن اعتبارهم من الأصوليين.
وقد يبدو الأمر جليا من خلال إجاباتهم على الأسئلة الثلاث التي طرحت عليهم: هل على المسلمين العودة إلى الإيمان الأصلي؟ هل يوجد تفسير واحد للقرآن ينبغي أن يعود إليه كل المسلمين؟ هل القواعد الدينية أهم من القانون الوضعي؟
كانت الإجابة عن السؤال الأول هي 66 بالمئة أجابوا بـ”نعم” وعن الثاني 82 بالمئة، وعن الثالث 69.6 بالمئة بالنسبة للمستجوبين ببلجيكا. كما تبين الدراسة أن نسبة الردود بالإيجاب كانت مرتفعة جدا في البلدان الأوروبية الأخرى.
أما عن السؤال الثاني فكانت نسبة الردود الايجابية مرتفعة في كل البلدان الأوروبية. وأكثر من نصف المسلمين المستجوبين (52.5 بالمئة) أجابوا بــ”نعم” على الأسئلة الثلاثة باستثناء النمسا التي يوجد بها عدد أكبر من المتطرفين فوصلت النسبة فيها إلى 55.2 بالمئة.
الإخوان يحاولون مخادعة الغرب ليعتبرهم ديمقراطيين كما يعتبر الأحزاب الديمقراطية المسيحية الناشطة في بلدان أوروبية
في المملكة المتحدة، يتمنى 43 بالمئة من المسلمين إقامة الشريعة حسب تقرير خلية التفكير “تبادل السياسات” المعد بدعم من معهد الاستطلاعات(أي.أم.أس) سنة 2016. و23 بالمئة من المستجوبين فقط يقولون بأنهم من غير المؤيدين لإدخال الشريعة إلى بريطانيا، ولكن دون أن يعلنوا معارضتهم لها.
ما هو أخطر هو ما جاء في استطلاع آخر نشرته جريدة الصن، حيث نقرأ فيه أن 20 بالمئة من المسلمين في بريطانيا يتعاطفون مع إخوانهم في الدين الذين ذهبوا للقتال في صفوف داعش وتصل النسبة إلى 25 بالمئة من المتعاطفين بالنسبة للشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 سنة. وهو ما جعل عمدة لندن صديق خان يصرح “من البديهي أن تتخلى إنكلترا عن سياسة النعامة وتأخذ ما ينبغي أخذه من الإجراءات الضرورية لمحاربة التطرف على ترابها”. ولايتردد في التوجه إلى المسلمين بقوله “مجابهة التطرف هو واجب لكل واحد منا ولكن أعتقد أنه على المسلمين البريطانيين أن يلعبوا دورا خاصا”.
في 2017 أجرى المركز الوطني للبث العلمي في فرنسا تحقيقا واسعا حول تطرف تلاميذ الثانويات شمل 7000 تلميذ وتلميذة بغية فهم العوامل التي تدفع الشبان إلى اعتناق التطرف السياسي والديني.
وقد اختار الباحثون تلاميذ السنة أولى ثانوي موزعين على 21 ثانوية من مناطق متعددة ليجيبوا على أسئلة في شكل استبيان، وكانت النتائج صادمة لبعض الذين كانوا يستصغرون ظاهرة التأسلم والتطرف في الأوساط الشبابية في فرنسا.
لقد بدا واضحا من الدراسة كما يقول معدوها أن هناك تأثيرا دينيا كبيرا لا يمكن نكرانه حاضر بقوة لدى الشبان المسلمين. وهم يدافعون على نظرة مطلقة للدين أكثر بكثير من زملائهم، ويعتبرون أن هناك دينا صحيحا واحدا فقط هو دينهم وأن الدين يفسر العالم أحسن من العلم.
ولئن كانت نسبة الشبان الذين ينزعون نحو التفسير الديني لا تتعدى 4 بالمئة بين الذين ينتمون إلى عقائد مختلفة، فالنسبة تصل إلى 12 بالمئة لدى الشبان المسلمين. وأما في ما يتعلق بمواقف التلاميذ حول الاعتداءات الإرهابية في باريس كالجريمة ضد صحافيي الأسبوعية شارلي أبدو، وقاعة الحفلات الباتكلان، وما إذا كانوا ينددون بها؟ فيأتي الجواب مماثلا لما سبق إذ يقول الكثير منهم أن تلك الاعتداءات لم تؤثر فيهم كثيرا.
كما لا يندد التلاميذ المسلمون بالمجرمين بنسبة 32 بالمئة، وهي نسبة عالية مقارنة بالتلاميذ الآخرين. وفي ألمانيا يعتبر 47 بالمئة من المسلمين أن الشريعة هي فوق قوانين البلد. وفي السويد يصل من يفكرون كذلك إلى 52 بالمئة حسب استطلاعات رأي متعددة معززة من طرف تقارير مصالح الاستعلامات الأوروبية.
تحاول الحكومات الأوروبية التصدي لظاهرة التطرف والإرهاب بمكافحة الإرهابيين وعزل المتطرفين ووضعهم تحت الرقابة ولكن كل ذلك يبقى غير مجد لأنه مجرد تعامل مع أعراض المرض وكان الأحرى بتلك الحكومات الأوروبية أن تبدأ بمواجهة مصدر المرض والذي هو مجمل الحركات الإسلامية في أوروبا وعلى رأسها جماعة الإخوان.