قرار إحضار مستنطقات بالقوة يثير جدلاً في قضية الصحافي المغربي توفيق بوعشرين

Jun 01, 2018

أثار قرار المحكمة اللجوء للقوة العمومية من أجل استدعاء النساء المستنطقات من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في قضية الصحافي توفيق بوعشرين، استنكاراً في أوساط هيئة الدفاع عن بوعشرين ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ، ممن رأوا في القرار إقحاما قسريا لنساء عبّرن بشكل قاطع عن عدم رغبتهن بالزج بأسمائهن في هذا الملف بعدما صرحن أمام الرأي العام عدم تعرضهن لأي تحرش أو اعتداء من قبل بوعشرين .
وأفادت مصادرنا أنه تم إحضار المستنطقة وصال طالع بالقوة العمومية لجلسة مساء أول أمس الأربعاء ، وحسب ذات المصادر فإن المستنطقة أكدت أنها لم تتعرض لاعتداء من طرف بوعشرين وبأنها لم تكمل مشاهدة الشريط خلال عرضه عليها لدى الفرقة الوطنية حيث أغمي عليها ووقعت المحضر في ما بعد من دون اطلاع عليه، في حين لم تحضر ثلاث مستنطقات أخريات. ووصفت هيئة الدفاع عن مؤسس جريدة «أخبار اليوم» و موقع «اليوم 24» الإجراء بـ«الملتبس» وبالـ«سابقة من نوعها» بعد انعقاد أزيد من ثلاثين جلسة للنظر في القضية ، واعتبرت اللجوء للقوة العمومية إجراء «لا أصل له في القانون « و «مدخلا للتأثير على الإرادة الحرة لهؤلاء النساء المستنطقات و خاصة أن منهن من وجهّن رسالة للسلطة القضائية و للمحكمة و للنيابة العامة وللرأي العام ، بأنهن لم يكنّ يوما ضحية لأي اعتداء من أي نوع من طرف الصحافي بوعشرين»، حسب ما جاء في بيان لأعضاء الدفاع، توصلت «أخبارنا الجالية » بنسخة منه.
وكانت الصحافية ، حنان باكور، رئيسة تحرير الموقع الإلكتروني «اليوم 24» قد كتبت على صفحتها بالفايسبوك تعليقا على الإجراء الذي اتخذته المحكمة بأنه يعني إحضار المستنطقات «رغما عن إرادتهن» لـ»حضور جلسة قضية سبق وقلت أنا وعدد من المصرحات أنه لا علاقة لنا بها «، مسترسلة «لكن المحكمة، ومن يقفون وراء هذا الملف، مصرون على «جرنا» بالقوة، وأتخيل أي نوع من القوة يمكن استعماله، من أجل غاية هم فقط من يدركها». وتضيف باكور « لن أكون حطباً لأي قضية أبداً، وخصوصا هذه القضية.. ولن أضع يدي على السكين الذي يراد أن يذبح بها توفيق مهما كلفني ذلك».
عفاف برناني التي كانت قد لجأت إلى الطعن بالزور في محضر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أمام محكمة النقض حيث رفضت أن ينسب إليها أنها تعرضت للتحرش الجنسي من لدن الصحافي بوعشرين ، قالت أنها لن تخرج من بيتها إلا «جثة هامدة» في ردها على قرار المحكمة اللجوء للقوة من أجل إحضارها و باقي المصرحات، وأضافت في تدوينة لها على الفايسبوك « والله ما نشهد زور آعباد االله..آش هاد الظلم واش هاد الحكرة ..بعد الحبس دبا مستعدة للموت ..إيلا كانت نهايتي بكلمة حق مرحبا..سالينا».
وكانت المحكمة قد قضت بإدانة برناني بستة أشهر حبسا نافذا وأداء غرامة مالية قدرها 1000 درهم ، بعد إدانتها بتهمتي «البلاغ الكاذب و القذف» ، بعدا طعنت بالزور ف في محضر الشرطة القضائية .
وتحدث المحامي ، عبد المولى المروري ، عضو هيئة دفاع بوعشرين، عن أوجه الغرابة في هذه المحاكمة ، ذاكرا ما يتعرض له دفاع بوعشرين من ضغوطات بلغت حد «متابعة محاميين لأنهما يتمسكان بحقهما في الدفاع وهما زيان و الإدريسي ..»، مضيفا أنها «محاكمة يتم فيها رفض كل طلبات هيئة دفاع بوعشرين ، محاكمة ماراطونية يومية، ولا أحد يعرف سبب ذلك»، خاتما كلامه «الحقيقة في هذا الملف معتقلة، ولا سبيل إلا الصبر و النضال من أجل تحريرها» .
وعلقت المدونة مايسة سلامة الناجي التي تحظى كتاباتها بمتابعة كبيرة على الفضاء الأزرق، على قرار المحكمة إحضار المستنطقات بالقوة بأنه بعدما نهشت «المستنقعات الإلكترونية في أعراضهن، لرفضهن خوض تلك المهزلة.. « فإن هؤلاء النساء «يتوعدهن القضاء بسحلهن من بيوتهن و إحضارهن بالقوة ليشهدن كرها تحت الضغط و الترهيب و الإخضاع والتهديد ضد بوعشرين «، خاتمة تدوينة طويلة ، حول المفارقات التي تحفل بها محاكمة الصحافي يوعشرين ، بالقول « مرة أخرى لا أبرئ بوعشرين ، إنما أطالب بالابتعاد عن النساء اللواتي رفضن الاشتراك في هذه المهزلة، كما أطالب له بلجنة مراقبة تضمن له محاكمة عادلة ..عادلة وسنقبل بالحكم كيفما كان « .
ودعت مجموعة من الصحافيين(ات) و الحقوقيين(ات) إلى تأسيس لجنة تحمل اسم «لجنة الحقيقة في ملف توفيق بوعشرين» خاصة بعد المستجدات الأخيرة في القضية و بسب اللبس المحيط بها ، حيث قالت الحقوقية الحائزة على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، خديجة الرياضي أنه «بعد جعل الجلسات سرية وعدم تمكين الملاحظين من متابعتها وخاصة الحقوقيين و بعد التناقضات الصارخة بين تصريحات دفاع الطرفين ، أصبح من الضروري تشكيل لجنة للحقيقة حول هذا الملف»، مضيفة في تصريحها لـ«القدس العربي» أن ما يستوجب هذه اللجنة هو «إذا كانت قضية جريمة عادية فلماذا كل هذه الانتهاكات الخطيرة للقانون و المساطر؟ «، مؤكدة أنها « ليست دعوة للإفلات من العقاب، فلا يمكن لأي حقوقي أن يدافع عن الإفلات من العقاب لكن من واجب كل الحقوقيين أن يدافعوا عن الحق في المحاكمة العادلة». وفي نفس السياق أكد الصحافي ، سليمان الريسوني أنه «بدأت ترشح مجموعة من المعطيات التي تنم عن وجود اختلالات سواء في توقيف توفيق بوعشرين أو في سير محاكمته هو ومجموعة من النساء المستنطقات في هذا الملف مثل عفاف برناني التي اتهمت ضابط شرطة بتزوير محضر الاستماع لها ، أو من خلال الحملة الإعلامية الشرسة التي تخوضها بعض المنابرالمحسوبة على السلطة»، قائلا في تصريحه «القدس العربي» إننا في هذه اللجنة لن نتدخل في الملف المعروض على القضاء لكننا سنحاول بناء على المعطيات تحري الحقيقة و مراقبة ما إن كانت محاكمة تتصف بشروط المحاكمة العادلة خصوصا بعد تغييب المراقبين الدوليين والوطنيين بسبب سرية الجلسات «.
وكانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، وهي أكبر جمعية حقوقية مستقلة في المغرب، قد اعتبرت في بيان لها أن الأجواء التي واكبت وتلت اعتقال توفيق بوعشرين، لها تأثير على الضمانات الواجبة لتكون محاكمة عادلة ، كما أشارت إلى «الضغوطات التي تتعرض لها المصرحات وحملة التشهير التي واكبت هذا الملف» .

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: