انتخابات مجلس الصحافة المغربي خارج حسابات الصحافيين
تجري الاستعدادات لانتخاب أعضاء المجلس الوطني المغربي للصحافة لأول مرة في 22 يونيو القادم، لكن أهل المهنة لا يشعرون بالرضا عن تشكيله وطريقة انتخابه.
ويعتبر المجلس الوطني للصحافة، حسب القانون المحدث له، هيئة معنية بصيانة مبادئ شرف المهنة، والتقيد بميثاق أخلاقياتها، لضمان وحماية حق المواطن في إعلام متعدد وحر ومسؤول ومهني، وتطوير حرية الصحافة والنشر. ويهدف إلى تفعيل التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة، حيث سيتولى، بموجب المادة الثانية من القانون، تطوير الرقابة الذاتية لقطاع الصحافة والنشر، بكيفية مستقلة وعلى أسس ديمقراطية.
وانتقد المنتدى المغربي للصحافيين الشباب عمل اللجنة المكلفة بالإشراف على انتخابات المجلس الوطني للصحافة.
وقال المنتدى في بيان له “لم يتم الإعلان في أي لحظة من اللحظات عن تشكيل لجنة للإشراف على عملية انتخاب ممثلي الصحافيين المهنيين، وناشري الصحف بالمجلس الوطني للصحافة من طرف وزارة الاتصال والثقافة، وهو الأمر الذي يثير الاستغراب”.
وأضاف “هناك تعتيم واضح وغير مفهوم حول أشغال لجنة الإشراف على انتخابات أعضاء المجلس الوطني للصحافة، وهو أمر مخالف للحق في الوصول إلى المعلومة المقرر دستوريّا، ما أدى إلى تغييب المقاربة التشاركية في النقاش”.
وتابع “لم يتم الأخذ بآراء ومقترحات الهيئات المدنية والحقوقية والمهنية بهذا الخصوص من طرف هذه اللجنة”.
وانتقد المنتدى “عدم إصدار وزارة الاتصال والثقافة بيانًا يوضح المبررات والأسباب التي دفعت أعضاء اللجنة إلى اعتماد هذا الشكل من نمط الاقتراع دون غيره، خاصة أن قطاعًا عريضًا من الجسم الصحافي أبدى رفضه لنمط الاقتراع باللائحة المغلقة في حملة شارك فيها الصحافيون المهنيون، وطالبوا من خلالها باعتماد نمط الاقتراع الفردي المباشر”.
الاختلاف حول المجلس مرتبط باختلاف التمثيلات والتصورات والمنظورات التي ينطلق منها الصحافي والسياسي
من جانبه قال عبدالإله شبل، الصحافي بموقع “هسبريس، يظهر من خلال اللوائح المرشحة من سيمثل الصحافيين بالمجلس”.
وأضاف شبل في تدوينة على فيسبوك أن “43 صحافيّا محسوبون على جرائد حزب الاتحاد الاشتراكي (مشارك في الائتلاف الحكومي) على مستوى جهتي الدار البيضاء والرباط (تضم البلاد 12 جهة) مقابل 41 صحافيّا محسوبين على جرائد حزب الاستقلال (معارض) بنفس الجهتين، أما الصحافيين الشباب فليس لهم أي حضور”.
كما عبر بعض الصحافيين المرشحين لعضوية المجلس عن أسفهم لأشكال التضييق والممارسات “غير الأخلاقية التي لجأت إليها بعض التنظيمات المتقدمة هي الأخرى بترشيحها، معلنين عدم استسلامهم لما وصفوه بالعاصفة”، وفق بيان للصحافيين مرشحي لائحة الوفاء.
وقالت حنان رحاب، الصحافية وعضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين المغاربة، في تصريح لـه ، إن “الدستور المغربي ينص على أن الدولة المغربية تشجع التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة بكيفية مستقلة وديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به”.
وأضافت “انطلاقا من هذا الالتزام الدستوري، بدأت ورشات إحداث المجلس الوطني للصحافة، وأعد مشروع قانون هو ضمن مدونة القوانين الأخرى الخاصة بالصحافة والنشر، وحدد هدف المجلس الوطني للصحافة في تعزيز احترام أخلاقيات المهنة والارتقاء بالمهنة”.
وأفادت بأن تركيبة المجلس الوطني للصحافة تتكون من 21 عضواً، 7 أعضاء منهم ينتخبهم الصحافيون المهنيون من بينهم، و7 أعضاء ينتخبهم ناشرو الصحف من بينهم، و7 آخرين يمثلون المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وجمعية هيئات المحامين بالمغرب، واتحاد كتاب المغرب، وناشر سابق تعينه هيئة الناشرين الأكثر تمثيلية، وصحافي شرفي تعينه نقابة الصحافيين الأكثر تمثيلية.
من جهته اعتبر المصطفى عمراني، أستاذ التواصل والإعلام بجامعة “سيدي محمد بن عبدالله” بمدينة فاس، أن “من المبكر جدًا تقييم تجربة المجلس الوطني للصحافة، والحديث عن دوره في تنمية قطاع الإعلام، لكنه في حد ذاته يعتبر خطوة مهمة”.
وقال عمراني إن “الجدل الدائر حول المجلس، واختلاف وجهات النظر بشأنه يعكسان صراعًا خفيّا بين الصحافي والسياسي”. ورأى أن “الاختلاف الكبير الذي نشأ حول المجلس مرتبط باختلاف التمثيلات والتصورات والمنظورات التي ينطلق منها الصحافي والسياسي”. وأوضح أن “الاختلاف يمكن أن ينتهي إلى صراع التأويلات، وبالتالي التأثير على نوعية العلاقة بينهما لتصل إلى حالات من التأزم وسوء الفهم”.
ووُجهت انتقادات حادة إلى طريقة ترشيح أعضاء المجلس، وإقصاء شريحة واسعة من الصحافيين، باشتراط 15 عامًا من الأقدمية، وإقصاء الصحافيين المغاربة المشتغلين في مؤسسات دولية.