حملة المقاطعة الشعبية بالمغرب تعصف بمستقبل أخنوش السياسي
دفن حلم رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش في الوصول إلى استحقاقات 2021 بعد حملة المقاطعة الشعبية التي استهدفت ثلاث شركات، إحدى شركاته معنية بحملة المقاطعة.
ومثلما وقع ل حزب الأصالة والمعاصرة قبل 7 سنوات من الآن، حينما دفن حلمه برئاسة الحكومة، بعدما كان يستعد لها وجاءت رياح الربيع العربي، ربما تعصف المقاطعة الشعبية الواسعة التي انعكست بقوة على المشهد السياسي في وقت قصير للغاية، بحلم أخنوش لأن الدولة لم يسبق لها أن مالت إلى الجهة الخاسرة، فالقوة التي كان يحوزها بدأت في التراجع بشكل.
ولعل أبرز ملامح هذا التأثير هو “تراجع” حزب التجمع الوطني للأحرار واختفاء إعلامي لزعيمه، رغم أنه كان قبل الحملة يلعب دوراً كبيراً في اللعبة السياسية. بل وكان حزب أخنوش المرشح للفوز بالانتخابات المقبلة، خصوصا أنه كان مفتاح تشكيل حكومة سعدالدين العثماني.
وتطال “حملة المقاطعة” غير المسبوقة، التي انطلقت في 20 أبريل الماضي، شركة لبيع الوقود يملكها وزير الزراعة عزيز أخنوش، وأخرى للمياه المعدنية تملكها مريم بنصالح، الرئيسة السابقة للاتحاد العام لمقاولات المغرب (أكبر تجمع لرجال الأعمال)، إضافة إلى شركة فرنسية للحليب ومشتقاته، للمطالبة بخفض الأسعار.
فرملة الصعود
وكان واضحا منذ بداية حملة المقاطعة الشعبية، أن حزب التجمع الوطني للأحرار دخل دوامة من الانحدار السياسي، لأن مشروعه السياسي قام على فكرة أخنوش لا على فكرة الحزب، وبالتالي، فإن الحملة كانت لها رسائل سياسية واقتصادية، ما يعني هبوط أسهم أخنوش السياسية التي كانت تسير بإيقاع سريع للغاية.
وإذا كان هذا الحزب قد عوض حزب الأصالة والمعاصرة (أكبر حزب معارض) غداة الانتخابات التشريعية في حلبة الصراع للوصول إلى رئاسة الحكومة، فإن هذه المكانة باتت مهددة أكثر من أي وقت مضى. ونال حزب التجمع الوطني للأحرار 37 مقعداً بالبرلمان من أصل 395، ليصبح القوة الرابعة في البرلمان، والرقم الصعب في مفاوضات تشكيل الحكومة الحالية.
ويرى عثمان الزياني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الأول أن “المقاطعة الاقتصادية مست بشكل مباشر بقيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، وليس سهلاً الآن على عزيز أخنوش أن يعود إلى واجهة العمل السياسي لأن الحملة شارك فيها الملايين”.
وقال الزياني إن “أخنوش كان يمثل بديلاً لحزب الأصالة والمعاصرة لمنافسة حزب العدالة والتنمية، إلا أنه في المرحلة الراهنة لا يمكن الرهان عليه إطلاقا، وإلا سيكون في مواجهة فئات شعبية واسعة منها الطبقة الوسطى”.
وطيلة حملة المقاطعة، لم يتحدث أخنوش ولم يساير شركتا “والماس” أو “سنترال” (شركتان معنيتان بالحملة) اللتان حاولتا احتواء الخسائر ببيانات إعلامية، وبدا أنه “جمد” مشروعه السياسي، لا سيما وأن الدولة بقيت على “الحياد”، ولاشك أنه فهم جيداً الرسائل.
وقد وصلت تداعيات الحملة إلى البيت الداخلي للحزب، حيث دعا رشيد ساسي، القيادي بالتجمع الوطني للأحرار، أخنوش إلى تقديم استقالته، بعد حملة المقاطعة.
وقال ساسي، في تدوينة له على صفحته بموقع فيسبوك إنه “على أخنوش أن يتخذ القرار المناسب والشجاع والعقلاني، من أجل الدفاع أولا عن مصلحة البلاد، وعن مصلحة الحزب، علما أنه في الدول الديمقراطية، القرار الصائب في هذه الأحوال، هو في أغلب الأحوال، الاستقالة إلى غاية، حتى توضيح الأمور والمسؤولية ورجوع الثقة”.
استنساخ تجربة “البام”
وحتى اللحظة ما يزال أخنوش منكفئا على نفسه خاصة وأنه وضع على رأس اللائحة ممن استهدفتهم حملة المقاطعة الشعبية بسبب الجمع بين “المال والسياسة”. وما زاد في تعقيد الأمور، هو دخول البرلمان على خط المقاطعة، حيث كشف تقرير برلماني حول أسعار المحروقات، عن الأرباح الكبيرة لشركات المحروقات.
وقال عبدالله بوانو البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، الذي يترأس اللجنة البرلمانية الاستطلاعية حول المحروقات، إن “هناك شركات للمحروقات بالمغرب تضاعفت أرباحها ما بين 300 بالمائة و996 بالمائة منذ تحرير الأسعار عام 2015”.
وأكد بوانو، في التقرير البرلماني، أن هناك 11 شركة تستورد البترول بالمغرب و4 شركات تستحوذ على 70 بالمائة من السوق، وإذا جمعنا هوامش ربح هذه الشركات سنجد أننا أمام عشرات مليارات الدراهم من الأرباح، وهناك شركات تضاعف ربحها منذ التحرير إلى 996 في المائة. وقال أن هامش ربح هذه الشركات وصل إلى 17 مليار درهم (حوالي 1,7 مليار دولار) منذ 2015.
ويبدو تأثير تقرير المحروقات قوياً على المشروع السياسي لأخنوش كما يشرح عثمان الزياني حيث قال “التأثير سيكون شخصياً قبل أن يكون على الحزب، هذا الأخير سيستمر لكن ليس بنفس القوة التي كان عليها من قبل، وانتخاب حكيم بنشماس على رأس حزب الأصالة والمعاصرة، قد يكون رسالة موجهة إليه قبل أي حزب آخر”. وفاز حكيم بن شماش، الأحد الماضي، برئاسة حزب الأصالة والمعاصرة المغربي (أكبر حزب معارض بالبلاد)، خلفا لإلياس العماري.