شخصيات جزائرية وازنة تحث بوتفليقة: كفاية

14 شخصية سياسية وحقوقية جزائرية تطالب بوتفليقة بعدم الانصياع لرغبات من أسموهم بـ”القوى الخبيثة” بشأن ترشحه لولاية خامسة.
الأحد 2018/05/27
 دعت شخصيات سياسية وحقوقية، الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، إلى عدم القبول بمشروع الولاية الرئاسية الخامسة، وجعل الاستحقاق الرئاسي المقبل محطة لإعادة الكلمة والقرار للشعب الجزائري، وإنهاء ما يعرف بـ”الشرعية الثورية”.

وفي رسالة مفتوحة موجهة للرئيس بوتفليقة،  دعت 14 شخصية سياسية ومدنية وحقوقية رئيس الجزائر إلى رفض الدعوات التي تدفع به إلى الترشح لولاية رئاسية خامسة، في إشارة إلى الدعوات المتصاعدة في الأسابيع الأخيرة، بقيادة حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم للتجديد له في الانتخابات الرئاسية المنتظرة بعد أقل من عام من الآن.

وتضم قائمة هذه الشخصيات رئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور إضافة إلى وزراء سابقين وحقوقيين ونشطاء في المجتمع المدني وشخصيات معارضة.

وبرر هؤلاء لجوءهم إلى مخاطبة بوتفليقة عبر رسالة مفتوحة بالأوضاع الصحية التي لم تعد تسمح له باستقبال المواطنين والاستماع لانشغالاتهم في مكتبه، الأمر الذي يطرح مجددا مسألة قدرته على أداء مهامه الدستورية.

وحملت الرسالة، التي جاءت في خطاب هادئ، الرئيس الجزائري مسؤولية الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد، مشددة على أن “نتائج السياسات المنتهجة تحت وصايتكم كانت بعيدة كل البعد عن تلبية الطموحات المشروعة للجزائريين، حكمكم الطويل للبلاد أنشأ في نهاية الأمر نظاما سياسيا لا يستجيب للمعايير الحديثة لدولة القانون”.

وتعد الشخصيات 14 الموقعة على الرسالة المفتوحة، من أبرز الأسماء والوجوه التي حملت لواء المعارضة منذ الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2014، وينتمي أصحابها إلى تيارات ومدارس سياسية وأيديولوجية مختلفة، إلا أن اللافت فيها هو غياب الإسلاميين، ما يرجح الانكفاء التدريجي لإخوان حركة حمس من المعسكر المعارض، والبحث عن موقع قريب من السلطة.

وفي مسح أولي لمواقف وتصورات الشخصيات الموقعة على الرسالة، يتجلى أن أصحابها من نتاج الحراك السياسي المعارض المنبعث في 2014 تحت لواء تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، ففيهم زعيم الحزب السياسي والوزير ورئيس الحكومة السابق والأكاديمي والإعلامي والمناضل الحقوقي والناشط المستقل.

الرسالة تحمل الرئيس الجزائري مسؤولية الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد، مشددة على أن “نتائج السياسات المنتهجة تحت وصايتكم كانت بعيدة كل البعد عن تلبية الطموحات المشروعة للجزائريين”.

كان أصحابها في غاية الوضوح والجرأة غير المسبوقة في مخاطبة المسؤول الأول في البلاد، حيث ذكروا بأنه “في الوقت الذي تجتمع فيه قوى خبيثة وتتحرك لدفعكم نحو طريق العهدة الخامسة، فإننا نتوجه إليكم باحترام وبكل صراحة لننبهكم بالخطأ الجسيم الذي قد تقترفونه إن رفضتم مرة أخرى صوت الحكمة الذي يخاطب في أوقات الخيارات المصيرية كما تعلمون، الاختيار هو حتما القبول بالتنازل”.

وشدد هؤلاء على أن “اتخاذ القرار الوحيد (التخلي عن العهدة الخامسة)، هو الذي يمكن البلاد من الانفتاح على حقبة جديدة، أين توضع المصلحة العامة فوق مصلحة الأشخاص”، واستندوا على أن التاريخ هو الذي يحكم على محاسن ومساوئ الخيارات السياسية والرؤى والسلوكات التي أثرت في الجزائر خلال عهد بوتفليقة.

ويضيف هؤلاء “آن الأوان للأمة أن تستعيد دورها وتسترد أمانتها التي سلمتكم إياها قبل 20 سنة، وأن أربع عهدات كافية ومنطقية لكي يحقق الإنسان مشروعه وينجز طموحه، والآن سنّكم المتقدم وحالتكم الصحية الحرجة تدعوانكم للاعتناء بنفسكم والتخلي عن حمل العبء الثقيل والشاق لشؤون الدولة، فلا شك أن عهدة أخرى ستكون محنة لكم وللبلد”.

وتعد رسالة الـ14 شخصية للرئيس بوتفليقة، المبادرة الأولى للمعارضة، منذ انشطار الكتلة السياسية التي أسست تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي ثم لجنة المتابعة والمشاورات منذ العام 2014، قبل أن تنفجر في 2017، بسبب خلافاتها حول المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية التي جرت خلال السداسي الأول من العام الماضي أو مقاطعتها.

ويرى مراقبون سياسيون بأن الدعوة الصريحة والجريئة لرئيس البلاد، بعدم الانصياع لرغبات من أسموهم بـ”القوى الخبيثة”، والاستماع لـ”صوت الضمير”، مفردات ستحرك المياه الراكدة في الجبهة السياسية، بعد الهيمنة عليها منذ الانتخابات التشريعية والمحلية الأخيرة من طرف أحزاب السلطة، وأن دعاة العهدة الخامسة سيصطدمون بأولى جدران المقاومة.

ولم يول أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم جمال ولد عباس، أهمية لتصريحات نارية أطلقها رئيس حزب جيل جديد المعارض جيلالي سفيان الذي يوجد ضمن الموقعين على الرسالة، حول رفض مشروع الولاية الرئاسية الخامسة، إلا أن بلورة الموقف السياسي وتعزيزه بآراء شخصيات جديدة وفاعلة في الساحة، سيمهد لميلاد جبهة رفض تدفع أحزاب السلطة إلى مراجعة حساباتها، لأن مشروعها لن يكون بالسهولة التي كانت تتصورها.

وأشارت الشخصيات الموقعة على الرسالة إلى دفع المحيطين ببوتفليقة أو الضغط عليه للترشح مجددا، ما يعيد الجدل مجددا حول الحاكم الفعلي للبلاد، ودور الحلقة الضيقة بقيادة المستشار والشقيق الأصغر سعيد بوتفليقة، في إدارة دواليب السلطة بالنيابة عن شقيقه الرئيس، وتخطيطه للاستمرار فيها.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: