مغاربة يجوبون الصحراء بحثا عن أحجار نيزكية متساقطة من السماء

صيادون يجوبون الصحراء في الجنوب المغربي بحثا على قطع من الأحجار النيزكية المتساقطة من السماء، والتي تثير اهتمام العلماء.

السبت 2018/05/26
طلب الثروة السريعة يبدأ من هنا
يجوب صيادون من نوع خاص شعاب الصحراء في الجنوب المغربي آملين في العثور على قطع من الأحجار النيزكية المتساقطة من السماء، والتي تثير اهتمام العلماء وشغف الرحّل.

وقال عبدالرحمن، مسعف في الثامنة والأربعين يتردد بين الحين والآخر على الصحراء بحثا عن نيازك، “الأمر أشبه بلعبة اليانصيب”. وكذلك، صار محمد مدرّس متقاعد مقيم بمدينة زاكورة شبه الصحراوية (حوالي 700 كيلومتر عن الرباط)، من هواة صيد الأحجار النيزكية منذ أربع سنوات.

وأكد محمد (59 عاما) “قيمة هذه الأحجار تفوق الذهب”، وهو يجوب مجاهل الصحراء بسيارته بحثا عن النيازك، مستعينا بعدسة مكبرة وقطعة مغناطيس “لا تخطئ أبدا”، وفق تعبيره.

ولا تنال الحرارة المفرطة من عزيمته في التنقيب بين الأحجار في ضواحي بلدة محاميد الغزلان الصغيرة، التي كانت المحطة المغربية الأخيرة على طريق القوافل المؤدية إلى تمبكتو.

ويتوقف صياد النيازك الهاوي هذا، الذي طالما جذبته العلوم الطبيعية، عند منحدر يشبه مشاهد أفلام الويسترن الأميركية، مستبشرا “إنها آثار اصطدام ناتج عن سقوط نيزك منذ مدة طويلة، هذا مؤشر جيد”، ثم يلتقط حجرا قاتم السواد ويشهره مفتخرا “تعودت على ملامسة الأحجار منذ طفولتي”.

تثير الأحجار النيزكية شغف الصيادين في الجنوب المغربي، حيث يطمح الكثير من المغاربة للوصول إلى الثراء الفاحش بفضل بيع هذه الأحجار الثمينة المتساقطة من السماء

وتعد مناطق أرفود وطاطا وزاكورة بالجنوب المغربي قبلة للمئات من هواة هذه المغامرة، وبعض المتخصصين الأجانب، ويعود هذا الإقبال إلى خصوصيات طبيعية تسهل العثور على الأحجار النيزكية.

وأوضحت حسناء شناوي أودجهان، أستاذة بجامعة الحسن الثاني بمدينة الدار البيضاء، أن البحث عن الأحجار أسهل في المناطق الخالية من النبات، حيث لا يمكن أن تختفي بين الأشجار أو الأعشاب.

وأضافت أودجهان، العضو في الجمعية الدولية لعلوم الأحجار النيزكية، “تستند نصف المنشورات العلمية حول هذا الموضوع على الأقل على أحجار نيزكية عثر عليها بالمغرب”.

ويرى محمد أن العلماء المتخصصين “لا يملكون ما يكفي من الوقت لمغادرة مختبراتهم”، بينما يملك هو كل الوقت لممارسة هوايته في صيد الأحجار النيزكية، بفضل تقاعده المبكر.

وتكمن أهمية هذه الأحجار المتساقطة من السماء للعلماء في ما تختزنه من أسرار حول تشكل النظام الشمسي قبل أربعة مليارات و500 مليون سنة، وظروف نشأة الأرض ومكوّناتها الجيولوجية.

وتشير الإحصاءات إلى أن حجرا نيزكيا واحدا من أصل خمسة يعد ثمينا في هذا المجال. ولهذه الأسباب وغيرها، ارتفع ثمن الأحجار النيزكية وباتت تجذب الصيادين كما الهواة والوسطاء، في ظلّ فراغ قانوني في المغرب يجعل القطع النيزكية ملكا لمن يعثر عليها، بخلاف بلدان أخرى تجعل ملكيتها للدولة.

ويزخر المغرب الذي كانت المياه تغطي جزءا كبيرا منه في الحقبة الأولية (قبل 500 مليون سنة) بالمتحجرات والمعادن والأحجار النيزكية.

ووصل هذا الشغف ببعض الهواة إلى طلب إجازات من العمل والتفرّغ للبحث عن الحجر الثمين كما فعل عبدالرحمن الذي يقول “قضيت عشرين يوما في البحث لكن دون جدوى”.

وأضاف “جميع الرحّل بدأوا يبحثون عن الأحجار النيزكية منذ العقد الماضي، وكثير منهم أصبحوا أغنياء”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: