جبهة البوليساريو تدفع قضية الصحراء نحو التصعيد
عادت جبهة البوليساريو إلى التهديد بالعودة إلى السلاح وإشعال حرب إقليمية، بينما لم تتوقف الاستعراضات العسكرية في المنطقة التي دفعت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى الدعوة إلى “ضبط النفس” والجنوح إلى السلام.
وقال البشير مصطفى عن البوليساريو الانفصالية، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإسبانية، إن جبهة البوليساريو “ستحمل السلاح” إذا ما تم كسر قرار وقف إطلاق النار الصادر في العام 1991.
وأضاف أن “الشعب الصحراوي سيدافع عن نفسه، وسيرد على أي تحرك في حدود ما تستوجبه شروط الدفاع عن النفس”.
وتابع “هذه التحذيرات جاءت للرد على الادعاءات الخاطئة التي تروّج لها الحكومة المغربية بنية تبرير احتلالها المستقبلي لأراضي الصحراء الواقعة وراء الجدار العازل، في خطوة لانتهاك الحدود الفاصلة“.
ويأتي هذا التهديد الجديد، فيما لا تتوقف رمال الصحراء عن التحرك نحو التصعيد منذ تنفيذ جبهة البوليساريو مناورات عسكرية جديدة في المنطقة العازلة، حملت بين طياتها رسائل سياسية بأبعاد إقليمية ودولية.
واختارت البوليساريو منطقة “تيفاريتي”، الواقعة شمال شرق الصحراء المغربية، غير بعيدة عن مدينة السمارة، مسرحا لتلك المناورات العسكرية التي جرت الأحد الماضي.
تصعيد البوليساريو يندرج في سياق المتغيرات التي تشهدها المنطقة، وما تستدعيه من مقاربات تهدف لخلط الأوراق
واكتسى اختيار البوليساريو منطقة “تيفاريتي” لتنفيذ تلك المناورات الثانية في غضون أقل من ثلاثة أشهر، أبعادا خطيرة، وأخرى رمزية لها دلالات تاريخية، باعتبار أن المغرب سبق له في العام 1991 أن تحرك عسكريا بقصف عدة مواقع بهذه المنطقة عندما حاولت عناصر تابعة لجبهة البوليساريو اختراق حدود وقف إطلاق النار لفرض واقع جغرافي جديد.
وترافقت تلك المناورات مع خطوة استفزازية أخرى، تمثلت في عقد اجتماع لـ”المجلس الوطني الصحراوي”، في نفس المنطقة، وذلك في تحد واضح لقرار مجلس الأمن الدولي.
ودفعت تلك الاستفزازات المغرب إلى التحذير من تداعياتها على مجمل جهود السلام التي يبذلها هورست كولر، المبعوث الخاص للأمين العام إلى الصحراء، حيث دعا في بيان وزعته وزارة الخارجية، مجلس الأمن الدولي، وبعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) إلى تحمل المسؤولية.
وشدد في بيانه على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للخروقات المتكررة التي وصفها بـ”غير المقبولة”، لوقف إطلاق النار من طرف البوليساريو، مجددا في نفس الوقت حرصه “القاطع على الدفاع عن وحدته الترابية ووحدته الوطنية، على كافة تراب الصحراء المغربية”. ويرى مراقبون أن التحركات الاستفزازية التي تمارسها جبهة البوليساريو، وما صاحبها من ضجيج سياسي لمسؤولي الجبهة الانفصالية، يعكسان أبعادا أخرى مرتبطة بتصاعد الاتهامات المتبادلة بين المغرب والجزائر.
وتصف القراءات السياسية هذا النوع من الضجيج بالمقصود، وقد دأبت البوليساريو على ممارسته لترسل من خلاله رسائل لجبهتها الداخلية، وأخرى للمحيط الإقليمي، وفي سياق حدود الدور الوظيفي لهذه الجبهة الانفصالية.
وربطت بين هذا التصعيد، وسياقات عودة التوتر السياسي بين المغرب والجزائر بسبب قضية تورط حزب الله اللبناني في دعم وتسليح جبهة البوليساريو الانفصالية، وضلوع مسؤولين في السفارة الإيرانية بالجزائر في هذه القضية التي مازالت تتفاعل على أكثر من صعيد.
وعلى هذا الأساس، فإن توقيت تنظيم مناورات البوليساريو، ليس مفصولا عن سياق المأزق الجديد الذي تردت فيه الجبهة الانفصالية، بل هو استكمال لرد الجزائر على هذه الورطة الذي جاء بتنظيم مناورات عسكرية ضخمة في شمال غرب وجنوب شرق البلاد.
وأمام هذه التطورات، يتضح أن عودة البوليساريو إلى التصعيد من جديد عبر تحريك رمال الصحراء في هذا التوقيت بالذات، تندرج في سياق المتغيرات التي تشهدها المنطقة التي تداخلت تفاصيلها، وباتت تستدعي مقاربات أخرى تتجاوز السقف الاستفزازي إلى محاولة خلط الأوراق من جديد.
ويبدو أن المجتمع الدولي الذي يتابع بقلق هذه التطورات، يدرك المخاطر الكامنة وراء تحريك رمال الصحراء على هذا النحو من التصعيد، حيث سارع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى دعوة الجميع إلى “ممارسة أقصى درجات ضبط النفس”، وعدم اتخاذ أي إجراء قد يشكل تغييرا للوضع القائم في إقليم الصحراء المتنازع عليه.