اكتشاف احتياطات جديدة للغاز يمهد لقفزة اقتصادية مغربية
شركتان بريطانيتان تعثران على احتياطات تجارية شمال البلاد واتساع طموحات الرباط لتحقق فوائض مالية من صناعة الطاقة.
أكد اقتصاديون ومسؤولون مغاربة أن تسجيل عدد من شركات الطاقة العالمية اكتشافات للغاز قابلة للاستثمار تجاريا، يمكن أن يشكل حافزا لدخول المزيد من الشركات والاستثمارات ويمهد الطريق لتحقيق قفزة اقتصادية كبيرة في كافة القطاعات الأخرى.
تتزايد المؤشرات على أن المغرب اقترب من تحقيق حلم التحول إلى بلد منتج للطاقة التقليدية، في ظل توالي إعلانات الشركات العالمية عن اكتشافات عدة لحقول الغاز الطبيعي.
ويقول خبراء ومسؤولون إن نجاح الرباط في هذه الخطوة سيفتح الطريق أمام البلاد لتحقيق قفزة في كافة المجالات الاقتصادية، كما أنه سيسهم في خفض عجز الميزانية والتي بلغت في موازنة العام الماضي نحو 4 مليارات دولار، لا سيما وأنها تعتمد على استيراد 90 بالمئة من حاجتها من الطاقة من الخارج.
وتُواصل الشركات العالمية محاولات العثور على البترول والغاز بالمغرب، وتُبدي تفاؤلها بأن تُصبح بلدا نفطيا، في وقت يقدر فيه حجم الاستثمارات المتراكمة في هذا المجال بنحو 2.65 مليار دولار منذ عام 2000.
وجاءت التباشير الأولى مع إعلان مجموعة أس.دي.اكس إنيرجي البريطانية قبل فترة، عن اكتشاف الغاز الطبيعي على عمق يبلغ كيلومتر واحد، في حقل يقع في منطقة للا ميمونة في إقليم العرائش شمال البلاد.
وقبلها بأيام، أعلنت شركة ساوند إنرجي البريطانية عن اكتشافات ضخمة من الغاز في منطقة تندرارة، القريبة من مدينة فكيك شرق البلاد على مساحة تتجاوز 14.5 ألف كيلومتر مربع، وقدّرت المخزون المكتشف بنحو 20 مليار متر مكعب.
ومن الواضح أن الاهتمام الذي تثيره موارد الطاقة في المغرب تنامى كثيرا في الأعوام الأخيرة، بفضل ما قدمته التكنولوجيا للشركات العالمية من مساعدة لاكتشاف حقول جديدة على مدى العقد الماضي، بمناطق تم تجاهلها سابقا.
ولكن المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، لم يصدر أي بيانات بخصوص ما أعلنت عنه الشركتان البريطانيتان حتى الآن.
وقال الوزير الناطق باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، خلال مؤتمر صحافي عقد مؤخرا في العاصمة إن “الأمور الرسمية المرتبطة بعمليات استكشاف الغاز يعلن عنها المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن”.
وأوضح الخلفي ردا على بعض التعليقات أن “الأمور التي تعلن عنها الشركات الأجنبية، لا تمثل الرأي الرسمي للحكومة”.
وكانت أمينة بنخضرة المديرة العامة للمكتب قد كشفت في أكتوبر الماضي عن مفاوضات تجري مع أربع شركات نفطية عالمية، لم تسمها، لتنضم إلى 20 شركة أجنبية تعمل بالفعل بالبلاد.
ويتجنب المسؤولون الحكوميون التعليق على الموضوع، مخافة تكرار “كذبة تالسينت” على ما يبدو عندما أعلنت الدولة في عام 2000 عن اكتشاف احتياطيات كبيرة من النفط، ستحول المغرب إلى بلد غني، قبل أن يتبين أن الأمر يتعلق بمعلومات خاطئة.
وقال عضو في لجنة البنى الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة في البرلمان المغربي، رفض الكشف عن اسمه لأنه غير مخول له الحديث لوسائل الإعلام، إنه “من الصعب تأكيد الاكتشافات المعلن عنها من طرف الحكومة، لاعتبارات عديدة لم يحددها”.
ولفت إلى أن المغرب أصبح يسرع وتيرة استكشاف الغاز منذ عام 2014، بطرح مناقصات دولية كثيرة وتقديم تسهيلات عديدة للشركات المتخصصة في التنقيب عن النفط والغاز.
وتقول الحكومة إن حجم الاستثمارات في مجال التنقيب عن النفط والغاز، بلغ ما قدره 132 مليون دولار للشركاء في العام الماضي. وغطت عمليات البحث، مساحة إجمالية تُناهز 170 ألف كيلومتر مربع، شملت 22 رخصة برية، و77 رخصة في عرض البحر، و3 تراخيص استطلاع، و9 عقود امتياز للاستغلال.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن قيمة واردات المغرب من الوقود والمشتقات النفطية، نمت بنسبة 5.8 بالمئة خلال الربع الأول هذا العام لتبلغ 1.9 مليار دولار، مما يضع المزيد من الضغوط على موازنة البلاد.
ويؤكد أبوالعرب عبدالنبي الأستاذ بالجامعة الدولية في الرباط، أن المغرب يستورد كل ما يستهلكه من الوقود، التي تشكل أكبر حصة من قيمة الواردات وهو ما يثقل كاهل الميزانية.
وأوضح أنه لا يمكن الاستهانة بتحول المغرب إلى بلد منتج للغاز والنفط في المستقبل، لأن من شأن ذلك تحقيق فوائد جبارة وعملاقة.
وقال عبدالنبي إن “ذلك الأمر سيمكن الدولة من تحصيل إيرادات إضافية لاستغلالها في القطاعات الاجتماعية”.
وشدد أبوالعرب على أن الاكتشافات المعلنة أوليا، ستكون عاملا مضاعفا لكل المجهودات، وستزيد الدولة قوة ومصداقية في كل المشاريع التي يتم إطلاقها والتي تزداد طموحا واتساعا.
وكان المجلس الأعلى للحسابات قد دعا في يناير العام الماضي إلى إنشاء مخزون احتياطي يتلاءم مع متطلبات الوكالة الدولية للطاقة.
ويقول المجلس إن المخزون الاحتياطي من المنتجات البترولية يعاني نقصا كبيرا لا يتجاوز استهلاك شهر في بعض المنتجات، مقارنة مع المستوى القانوني الذي من المفترض أن يكون عند حدود 60 يوما من الاستهلاك بالنسبة للمنتجات المكررة، لدى الموزعين.
وأشار مسؤولون في المجلس إلى أن المخزون القانوني من الخام، يجب أن يكفي حاجة أي دولة مدة 30 يوما، إلا أن المخزون الاحتياطي للمغرب لا يغطي سوى 15 يوما.
ويعتبر قطاع النقل أول مستهلك للطاقة بنحو 40 بالمئة من إجمالي الطاقة المستهلكة بالبلاد، وأن الوقود هي أهم طاقة مستعملة من طرف الاقتصاد المغربي، بحسب وزارة الطاقة.