هل يبقى العماري في رئاسة الأصالة والمعاصرة المغربي
أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة المستقيل يستثمر اختلال توازن المشهد السياسي في تعزيز نفوذه.
الأحد 2018/05/20
لا تزال وضعية إلياس العماري داخل حزب الأصالة والمعاصرة ضبابية بعدما قدم استقالته من الأمانة العامة للحزب في أغسطس الماضي. وكان متابعون ربطوا تلك الاستقالة مع ما جاء في خطاب العرش في يوليو الماضي، الذي وجّه فيه العاهل المغربي الملك محمد السادس انتقادات حادة للسياسيين والمسؤولين مطالبا باستقالة من لا يعتبر نفسه قادرا على تحمل المسؤولية.
ويرجع تخلي إلياس العماري عن مسؤولياته في ترؤّس حزبه إلى فشله في كبح جماح حزب العدالة والتنمية الذي فاز في انتخابات 2016. وحصل الأصالة والمعاصرة، في تلك الانتخابات، على المرتبة الثانية رغم الإمكانيات اللوجيستية والمادية للحزب الذي يعد زعيمه من أكبر الخصوم الشرسين لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية.
ويقول البعض من المتابعين إن نتائج الأصالة والمعاصرة في الانتخابات التشريعية الماضية هي السبب وراء رفض عدد من المنتمين إلى الحزب عودة العماري إلى ترؤسّه (الحزب).
ولم يتمكن إلياس العماري من الإبقاء على تأثير الأصالة والمعاصرة في الساحة السياسية بعد تسلمه رئاسة الحزب بداية 2016، وهو ما اعتبره البعض سببا في تراجع حزب الأصالة والمعاصرة لصالح حزب التجمع الوطني للأحرار. ويقول مراقبون إن العماري أخطأ في تقدير وضعية حزبه السياسية وتموقع خصمه العدالة والتنمية.
فيما يرى البعض الآخر أن العماري سيرحل عن الأمانة العامة للأصالة والمعاصرة وسيتم انتخاب خلف له في مؤتمر استثنائي للحزب من المتوقع تنظيمه في خريف هذا العام.
لكن المؤشرات تقول إن القيادات المؤثرة داخل حزب الأصالة والمعاصرة ليست مستعدة لتحمل مسؤولية التعامل مع الاختلافات المتعددة ومواكبة التغييرات المتسارعة داخل الحزب وخارجه.
وكان المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة قد ألزم، في أكتوبر الماضي، العماري بتحمل مسؤولياته على رأس الحزب إلى غاية انعقاد دورته القادمة.
ومن المقرر أن يتم البت خلال دورة المجلس الوطني للأصالة والمعاصرة في استقالة العماري، في ضوء مقترحات عملية سيتم إعدادها من قبل أعضاء لجنة متكونة من سكرتارية المجلس الوطني ورئاسته وأعضاء من المكتب السياسي وعضو واحد عن كل جهة.
ولا ينظر إلى دورة المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، التي ستنعقد في 26 مايو الحالي، على أنها ستكون محطة نهائية للقطع مع مرحلة إلياس العماري بل فرصة أخرى تمنح له (العماري) لإعداد حزبه لخوض الانتخابات القادمة بما يؤهله لتحمل مسؤوليات صلب الحكومة القادمة.
تفصل حزب الأصالة والمعاصرة أيام قليلة على دورة مجلسه الوطني التي من المقرر أن يتم خلالها حسم مسألة استقالة إلياس العماري من منصب الأمين العام للحزب. لكن مصير العماري يبقى غامضا في ظل اختلاف وجهات النظر داخل الحزب بشأن قبول استقالته من عدمها.
واتساع دائرة المعارضة لإلياس العماري داخل المجلس الوطني ليست سوى خلاف تنظيمي لن يرتقي إلى درجة “إسقاطه” في هذه المرحلة، حيث أنه وإلى أن يتم التوافق على أرضية تنظيمية للمؤتمر الاستثنائي، سيبقى العماري رقما صعبا.
وسينعقد مؤتمر المجلس الوطني للأصالة والمعاصرة للبت في استقالة العماري، لأن ظروف الحزب تحتم بقاءه إلى حين ترتيب هيكلته العامة. وهناك من ينظر إلى العماري بأنه “دينامو” سياسي وتنظيمي لا يرضى بركنه في الهامش.
وتعتبر حظوظ إلياس العماري على رأس الأصالة والمعاصرة قوية حتى انتخابات 2021، خصوصا بعد إعادة انتخاب نبيل بنعبدالله على رأس التقدم والاشتراكية لولاية ثالثة إلى جانب تأكيد حزبي العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية، في وقت سابق من الشهر الحالي على التعاون ومواصلة العمل لإنجاح التجربة الحكومية الحالية.
ومن بين العوامل التي سيستغلها إلياس العماري لتقوية موقعه أمام رفاقه ومعارضيه داخل الحزب: اصطفاف حزب الاستقلال في المعارضة إلى جانب الأصالة والمعاصرة، وتشبث التقدم والاشتراكية بالتحالف مع العدالة والتنمية وتأثر رئيس حزب الأحرار بحملات المقاطعة الشعبية.
واعتاد العماري على استثمار جميع الأوضاع والظروف السياسية والاجتماعية، وبالتالي فمن الصعب الاعتقاد بأنه يمكن أن يتنازل بسهولة عن منصب يدعم وجوده السياسي ومنه رئاسته لجهة طنجة-الحسيمة.
في المقابل، ما زال مشروع الأصالة والمعاصرة في التصدي للإسلاميين مستمرا إذ يعد إلياس العماري الوجه المؤهل لهذه المهمة. وتبقى تصريحات البعض من قيادات حزب الأصالة والمعاصرة، ومن بينها فاطمة الزهراء المنصوري رئيسة المجلس الوطني والقيادي عبداللطيف وهبي، مجرد محاولات لتثبيت النفوذ وإظهار البعض من الرفض التكتيكي لأسلوب العماري في تسيير الحزب.
ويمنع بقاء العماري على رأس الحزب أي تقارب مع العدالة والتنمية حتى وإن كان تحالفا مرحليا وبراغماتيا بعيدا عن الأيديولوجيا. وكان عضو البرلمان عن حزب الأصالة والمعاصرة عبداللطيف وهبي قد ألمح إلى إمكانية التحالف مع حزب العدالة والتنمية في الكثير من المناسبات.
كما سيستفيد الأصالة والمعاصرة من تأثر حزب التجمع الوطني للأحرار بالمقاطعة الشعبية، حيث تمتلك قيادات من الأحرار منتجات تمّت مقاطعتها.
ويراهن إلياس العماري للعودة إلى المشهد قويا على تراجع رجال أعمال مغاربة عن دعمهم لحزب الأحرار، بعدما خاطر هذا الحزب بمصالح رجال أعمال دعموا رئيسه عزيز أخنوش على مستويات عديدة على أساس اكتساحه لانتخابات العام 2021.