حملة المقاطعة المغربية تنهي أسبوعها الرابع وسط دعوات بتدخل الدولة لضبط الأسعار
قال محللون مغاربة إن على الدولة إقرار آلية لمراقبة الأسعار في ظل «تحرير عشوائي» للأسعار وذلك بعد قيام مغاربة بمقاطعة ثلاث شركات كبرى لأكثر من ثلاثة أسابيع في حملة لتخفيض الأسعار وُصفت بالناجحة.
وقال المحلل الاقتصادي نجيب أقصبي وفق موقع «لكم»: «في المرحلة المقبلة يجب أن يكون هناك نظام… التحرير العشوائي بدون آلية للضغط خطأ كبير». وأضاف في تصريحات «قطاع المحروقات قطاع حيوي استراتيجي لا يجب أن يبقى محتكراً… على الحكومة أن تترك المنافسة وتحدد سقف الأسعار إذا أرادت أن تكون لخطابها مصداقية وأن يصدقها المغاربة».
وكان نشطاء مغاربة قرروا مقاطعة ثلاثة منتجات محلية في حملة غير مسبوقة استهدفت شركة سنترال للحليب، التي تبلغ حصتها من السوق 60 بالمئة وشركة سيدي علي للمياه المعدنية التي تسيطر على 60 بالمئة أيضا في سوقها وشركة إفريقيا لتوزيع المحروقات التابعة لمجموعة أكوا والمملوكة للملياردير عزيز أخنوش وهو في نفس الوقت وزير الفلاحة والصيد البحري.
وصعّد المغاربة حملتهم التي اتخذت شعار «خليه يريب» بعد تصريحات لمسؤولين حكوميين ومسؤولين تنفيذيين نعتت المقاطعين «بالخيانة» قبل أن تتراجع الحكومة وتعتذر على لسان رئيس الوزراء سعد الدين العثماني الذي طالب بوقف المقاطعة مع بدء شهر رمضان وفتح صفحة جديدة، متعهداً بأن تعمل الحكومة «على اتخاذ جميع الخطوات اللازمة للدفاع عن المستهلك».
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة خلال اجتماع لمجلس الحكومة الخميس «رئيس الحكومة أعلن عن تشكيل لجنة وزارية تحت إشرافه المباشر لدراسة أثمنة المنتجات الأكثر تداولا في السوق والتي تدخل في الاستهلاك العادي للمغاربة من أجل اقتراح حلول حتى نتمكن من تخفيف الضغط على القدرة الشرائية للأسر». وأعلنت وزارة الداخلية المغربية مطلع الأسبوع إطلاق خط هاتفي لتلقي شكاوى المواطنين والإبلاغ عن حالات الغش وزيادة الأسعار.
وعرضت لجنة برلمانية مغربية تقريراً نهائياً عن أسعار بيع الوقود يوم الثلاثاء جاء فيه إن أرباح بعض شركات بيع الوقود في المغرب وصلت إلى 996 بالمئة بعد إصدار قانون حرية الأسعار والمنافسة في 2014. وفي حين انخفض سعر النفط في العالم فقد ظل سعر البنزين مرتفعا في المغرب الذي يستورد كل حاجاته منه تقريبا. وقال عبد الله بوانو رئيس اللجنة البرلمانية في تصريحات للصحافة: «بعد التحرير ارتفعت الأسعار.. ارتفاع أسعار المحروقات انعكس على تكلفة النقل وبالتالي كان له تأثير مباشر على القدرة الشرائية». وأضاف أن اللجنة أوصت «بتحديد سقف للربح».
واعتبر أن شركة سامير التي جرت خصخصتها في 1997 وتوقفت عن العمل في 2014 «كانت مرجعا بالنسبة لنا لأنها كانت تقوم بالتكرير وكنا نعرف ثمن التكرير والتصفية والتكلفة».
ومضى يقول إن غياب مجلس المنافسة، وهو مؤسسة تهتم بأداء الأسواق ومحاربة الممارسات الاحتكارية كانت له انعكاسات وخيمة. وتابع «الشركات ربحت والمواطن بقي مفترسا بين أنياب ارتفاع الأسعار خاصة في ميدان المحروقات».
ومجلس المنافسة، الذي أنشئ في 2008، مجمد ومن دون أعضاء بسبب ما يقول مراقبون إنه ضغط «لوبيات اقتصادية قوية ترفض أي سلطة رقابية».
وقال أقصبي «حتى يعطي رئيس الحكومة مصداقية لكلامه ويستمع له المغاربة يجب أن يتخذ إجراءات عملية. على الأقل أن تعود هذه الأموال إلى خزينة الدولة»، مشيراً إلى الأرباح الطائلة لشركات الوقود بعد تحرير الأسعار والتي تقدرها لجنة تقصي الحقائق بالبرلمان المغربي بمليارات الدراهم.
وقال إن من الواضح أن حملة المقاطعة أظهرت فعاليتها ومصداقيتها «لأن الناس ضاقت بهم الحال»، مضيفا أن الحديث عن انعكاسات على الاقتصاد الوطني هو من باب «التهويل ليس إلا». وقال «المواطن المغربي لم يتوقف عن الاستهلاك بل توجه إلى علامات تجارية أخرى». وانتقد «الخلط بين السلطة والمال وصراع المصالح.. فأقوى وزير في الحكومة معني بهذه المقاطعة، إذن طبيعي ألا تتحرك الحكومة في البداية إلا بصفة متحيزة لصالح هذه الشركات».
وقال المحلل الاقتصادي المغربي رشيد أوراز «التهديد بمتابعة المقاطعين أعطى للحملة أبعاداً أكبر»، مشيراً إلى تهديدات حكومية سابقة على الاعتذار. وأضاف «بالتالي اضطروا إلى الاعتذار والتخفيف من حدة الغضب». وقال إن حالة من الترقب تسود في أوساط المواطنين وإنه «ربما يكون هناك تفعيل لمجلس المنافسة ومراقبة الأسعار وهذا سيكون هدف كبير حققته حملة المقاطعة».
وتوقع أقصبي «إذا لم تخفض هذه الشركات الأسعار… أن تستمر المقاطعة وتمتد إلى شركات ومواد أخرى، وما أكثرها».