الدول التي تنقل سفاراتها إلى القدس مهددة بخسارة علاقاتها مع العرب

وزراء الخارجية العرب يطالبون بتحقيق دولي في “مذبحة غزة”، وعباس يغيب عن قمة تركيا حول القدس.

عقدت الجامعة العربية الخميس اجتماع طارئا على مستوى وزراء الخارجية لبحث سبل التصدي للقرارات الأميركية المنحازة لإسرائيل، وآخرها نقل السفارة الأميركية إلى القدس الاثنين الماضي والذي تخللته مواجهات دامية في قطاع غزة أسفرت عن مقتل العشرات من الفلسطينيين، على أيدي القوات الإسرائيلية، وهو ما وصفته دول ومنظمات بـ”المذبحة”.

وتم خلال القمة التي دعت إليها المملكة العربية السعودية اتخاذ جملة من القرارات، أبرزها مراجعة العلاقات العربية مع أي دولة تنقل سفارتها إلى القدس.

وأكد وزير الخارجية السعودي والمندوب الدائم لدى الجامعة العربية عادل الجبير على أن نقل السفارة الأميركية إلى القدس مخالف للقوانين الدولية، مشددا على رفض بلاده لهذه الخطوة التي تعتبرها انحيازا ضد المصالح الفلسطينية.

ويعد نقل السفارة الأميركية إلى القدس محاولة لفرض الأمر الواقع بأن المدينة المقدسة بجزأيها الغربي والشرقي الذي يطالب به الفلسطينيين عاصمة لإسرائيل.

وتسعى حكومة بنيامين نتنياهو لاستثمار الخطوة الأميركية بإغراء دول للسير على خطى الولايات المتحدة ونقل سفاراتها إلى القدس، وقد نجحت في إقناع بعض البلدان التي تقيم أصلا علاقات قوية معها على غرار غواتيملا التي نقلت سفارتها الأربعاء إلى القدس.

ويرى مراقبون أن قرار مراجعة العلاقات العربية مع الدول التي تقدم على نقل سفاراتها، قد يشكل رادعا للبلدان المترددة في القيام بهذه الخطوة.

وأكد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط على إدانة الجامعة واستنكارها “لما قامت به جمهورية غواتيمالا من نقل سفارتها إلى القدس ونؤكد على أن العلاقات العربية معها، ومع غيرها من الدول التي قد تُقدم على خطوة مماثلة، ينبغي أن تخضع للتدقيق والمراجعة”.

وفيما يتعلق بالخطوة الأميركية قال أبوالغيط “نحن أمام حالة من العدوان السافر على القانون والشرعية الدوليَّيْن جسدها نقل السفارة الأميركية لدى دولة الاحتلال إلى مدينة القدس، بالتوازي مع حالة من غطرسة القوة والإمعان في العنف من جانب القوات الإسرائيلية في مواجهة المدنيين الفلسطينيين العزل الأبطال الذين انطلقت مسيراتهم السلمية من قطاع غزة”.

وتابع “إننا نُعاود التأكيد على أن القرار الأميركي باطل ومنعدم ولا أثر قانونياً له، وهو مرفوض دولياً وعربياً.. رسمياً وشعبياً.. الآن وفي المستقبل”.

واعتبر الأمين العام للجامعة العربية أن “هذا القرار غير المسؤول يُدخل المنطقة في حالة من التوتر، ويُشعر العرب جميعاً بانحياز الطرف الأميركي بصورة فجة لمواقف دولة الاحتلال”.

وطالب بفتح تحقيق دولي ذي صدقية في الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الاسرائيلي، مشيرا إلى مقتل قرابة 60 فلسطينيا على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة هذا الأسبوع.

وكانت حركة حماس قد أعلنت الأربعاء أن 50 من القتلى ينتمون إليها.

من جهته طالب وزير الخارجية المصري سامح شكري بضرورة القيام بتحقيق دولي حول استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين الفلسطينيين وأكد على بطلان القرار الأميركي، مطالبا بالعودة إلى مفاوضات السلام.

ويستبعد مراقبون أن يتم فعلا فتح تحقيق في مقتل العشرات من الفلسطينيين لجهة الانحياز الأميركي الكامل إلى إسرائيل. وسبق أن رفعت الولايات المتحدة الفيتو هذا الأسبوع ضد مشروع قرار يدين العنف الإسرائيلي، بحق الفلسطينيين.

لم يخرج الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب بشيء لافت للتصدي لخطوة نقل السفارة الأميركية إلى القدس، باستثناء التهديد بمراجعة العلاقات مع الدول التي ستسير على خطى الولايات المتحدة في هذه المسألة، ويرجح مراقبون أن تكون قمة منظمة التعاون الإسلامي التي ستعقد في تركيا بشأن القدس الجمعة على شاكلة القمة العربية وأن أقصى ما قد تذهب إليه هو “حث” الدول الغربية على الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين المستقبلية.
واقترح وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي خلال القمة أن تستدعي الدول العربية سفراءها لدى واشنطن ردا على الخطوات الأميركية.

وقال المالكي في تصريحات نقلها التلفزيون على الهواء مباشرة أثناء اجتماع لجامعة الدول العربية بالقاهرة “ليس هناك ضير في أن يتم استدعاء جماعي لسفراء الدول العربية في واشنطن إلى عواصمهم للتشاور”.

ويرى متابعون أن الإجراء العملي الوحيد الذي يحسب للقمة العربية الطارئة هو مسألة مراجعة العلاقات مع الدول التي تقدم على نقل سفاراتها إلى القدس، باستثناء ذلك فإن الدعوات الأخرى لن تجد طريقها إلى التحقق، في ظل الموقف الأميركي الداعم بشدة لإسرائيل.

وكان حسام زكي مساعد الأمين العام للجامعة العربية قد صرح الاربعاء بأن القرارات التي سيتخذها وزراء الخارجية العرب ستمثل أقصى المواقف السياسية التي يمكن أن يتخذها مجلس الجامعة العربية في دعمه للصمود الفلسطيني ورفضه للقرار الأميركي.

ويشير المراقبون إلى أن القمة الثانية التي ستعقد اليوم الجمعة في أنقرة على مستوى منظمة التعاون الإسلامي لا يرجح أن تخرج بنتائج أفضل، وأنها ستكون محاكية لما توصل إليه وزراء الخارجية العرب.

والثلاثاء الماضي، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى عقد قمة استثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي الجمعة بإسطنبول.

ومن المنتظر أن يشارك كل من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، والرئيس الإيراني حسن روحاني، في المقابل أعلنت الرئاسة الفلسطينية غياب الرئيس محمود عباس حيث سيمثله رئيس الحكومة رامي الحمدالله، فيما قالت مصر إنها سترسل وفدا يرأسه وزير الخارجية سامح شكري.

ويعتبر البعض أن الدعوة التركية لهذه القمة هي من باب المزايدة على الموقف العربي الضعيف بطبعه حيال القضية الفلسطينية، وأنها تندرج في سياق الاستعراض أمام الرأي العام المحلي والداخلي.

ويستشهد هؤلاء برفض نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم الأربعاء مشروعا تقدم به حزب الشعوب الديمقراطي الكردي المعارض بشأن إلغاء اتفاقيات التطبيع السياسي والاقتصادي والعسكري المبرم مع إسرائيل.

وتراجع الخميس منسوب التوتر في الأراضي الفلسطينية وخاصة في قطاع غزة الذي شهد يومين داميين الإثنين والثلاثاء، فيما استمرت الغارات الإسرائيلية على مواقع لحركة حماس في القطاع.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: