استياء في المغرب بسبب تعامل الحكومة مع الغلاء
وجهت المعارضة المغربية خلال الجلسة الشهرية لمساءلة الحكومة انتقادات شديدة حول كيفية تعاطيها مع حملة المقاطعة التي استهدفت منتوجات استهلاكية شهدت أسعارها ارتفاعا غير مبرر.
وقال برلمانيو حزب الاستقلال إن الحكومة لم تتفاعل أو تتجاوب بشكل تلقائي مع الرأي العام ولم تبحث عن البدائل المناسبة للتعاطي مع حملة المقاطعة، وكأنها غير معنية بمشاكل المواطنين.
واتهم عبدالسلام اللبار رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الحكومة بالعجز عن حماية المستهلك واللامبالاة بالاحتجاجات التي يخوضها عدد كبير من المغاربة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى عدم القدرة على ضبط المضاربات في الأسعار رغم بلوغها مستويات قياسية.
وكانت الحكومة المغربية هددت بمتابعة المحرضين على مقاطعة عدد من المنتوجات الاستهلاكية ومقاضاة من يعمل على ترويج أخبار زائفة مخالفة للقانون التي تصل عقوبتها إلى دفع غرامات كبيرة.
وحذر مراقبون حينئذ من أن مثل هذه التصريحات التي تنبني على التهديد والوعيد لن تزيد إلا في تعميق أزمة الحكومة وتوسيع قاعدة المقاطعة. وأطلق نشطاء منذ حوالي شهر حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة عدد من المنتوجات التي شهدت أسعارها ارتفاعا. وفي خطوة تصعيدية هدد حزب الأصالة والمعاصرة أكبر أحزاب المعارضة في البلاد، بإقالة الحكومة.
اعتذار رئيس الحكومة سعدالدين العثماني جاء متأخرا لذلك من الصعب أن ينجح في امتصاص غضب المغاربة
وتساءل النائب عن الحزب في البرلمان حسن التايقي، إذا ما كانت المعارضة ستتحمل مسؤوليتها داخل البرلمان في تخليص المغرب والمغاربة “من بؤس هذه الحكومة والعمل على إقالتها، عبر تفعيل الفصل 105 من الدستور”. واعتبر حسن التايقي أن “تفعيل المعارضة البرلمانية لصلاحيتها الدستورية كاملة في مثل هذا الظرف السياسي الدقيق، من شأنه ليس فقط التفاعل مع نبض المجتمع بل إعادة الوهج إلى البرلمان”.
ورد رئيس الحكومة سعدالدين العثماني على هذه الاتهامات بالتأكيد على “أن الحكومة تعكف على اتخاذ جميع الخطوات اللازمة للدفاع عن مصالح المواطنين، وأنها لم ولن تكون ضد المواطنين كما يروج لذلك البعض”. واستعرض العثماني الترسانة القانونية المتعلقة بحماية حقوق المستهلك.
وذكر بأن البرنامج الحكومي نص على التزام الحكومة بتفعيل آليات حماية المستهلك في مجال التموين وضبط السوق وتفعيل قانون حرية الأسعار والمنافسة وتتبع الأسعار واقتراح تدابير الحفاظ على القدرة الشرائية، عبر تكثيف عمليات مراقبة السوق بتنسيق مع مختلف أجهزة المراقبة وحماية المستهلك ووضع نظام يقظة لتتبع التموين والأسعار.
ويعتقد المحلل السياسي حفيظ الزهري أن عدم تقديم الحكومة لإجابات عن الأزمة يعرضها للانفجار من الداخل أو الإقالة الجماعية، خاصة أمام ارتفاع حدة الاحتقان الاجتماعي وسخط المواطن على الحزب المتزعم للحكومة العدالة والتنمية الذي أدار ظهره للمواطن وانحاز للشركات الكبرى.
إلا أنه أوضح في المقابل أن مسعى المعارضة صعب التحقيق على أرض الواقع إلا في صورة حدوث شرخ في التحالف الحكومي.
وبدوره، يرى الباحث عزيز أدمين أن إسقاط الحكومة أمر جد مستبعد، مستدركا أنه “يمكن أن تتطور الأمور إلى ذلك في حالة تعنت الحكومة، ولكن بوسائل الضغط الاجتماعي والحركات الاحتجاجية وليس عبر الوسائل الدستورية”.
وطالب فريق نقابة الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، الحكومة بأن تتعامل بأسلوب الحقيقة والوضوح متهما إياها بالازدواجية.
وأوضح أن الحكومة تطبق سياسة ليبرالية متوحشة منذ 2014 وفي النهاية تخاطب المغاربة على أساس أنها حكومة اجتماعية وتنصت لمطالب الشعب.
وحاول رئيس كتلة العدالة والتنمية بمجلس المستشارين عبدالإله الحلوطي إصلاح الهفوات التي وقع فيها وزراء الحزب.
وأضاف “كان يجب على الحكومة أن تهتم لمعاناة الفلاحين مع شركات الحليب، قبل أن تنطلق المقاطعة التي انخرط فيها عدد من المغاربة”.
وكان وزير المالية محمد بوسعيد وصف المقاطعين بـ”المداويخ” أي فاقدي الوعي، وهو ما أثار موجة من الغضب الشعبي الذي أجج حملة المقاطعة.
وتأسف سعدالدين العثماني عن بعض التجاوزات وبعض التعابير اللفظية للوزراء، مشيرا إلى أن الحكومة تستحضر دائما وتلتزم بالوفاء بمسؤوليتها في حماية المستهلك.
ودعا العثماني الجميع لحماية المستهلك ودعم قدرته الشرائية من جهة، والحفاظ وتحسين مصدر عيش العمال والفلاحين من جهة ثانية، ورعاية المصالح العامة للاقتصاد الوطني من جهة ثالثة.
ويرى عزيز أدمين الباحث في العلوم السياسية أن اعتذار رئيس الحكومة جاء متأخرا، لذلك لن ينجح في امتصاص غضب المغاربة.
وأضاف لـ”العرب” “الوضع يقتضي التفاعل من خلال رزمة من التدابير وفي مقدمتها الاستجابة الفورية للمطالب الاجتماعية المتعلقة بتخفيض الأسعار ومحاسبة الوزير الذي تهكم على المواطنين”.