قانون الصحافة والنشر المغربي على طاولة البحث النيابي لتدارك الأخطاء
بعد عامين من دخول قانون الصحافة والنشر في المغرب حيّز التنفيذ، تبحث الحكومة مع الفرق النيابية بنود مشروع تغيير القانون، لاستدراك الأخطاء السابقة.
الصحافة المطبوعة لم تعرف الزيادة التي شهدتها المواقع الإلكترونية
أعلن محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال المغربي، أن الوزارة وضعت خطة عملية لمواكبة الصحافة الإلكترونية من أجل دعمها، في الوقت الذي تناقش فيه مشروع تغيير قانون الصحافة والنشر لتفادي ازدواجية العقوبات التي ينصّ عليها هذا القانون مع مجموعة القانون الجنائي.
وكشف الأعرج خلال اجتماع للجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، عن تصاعد أرقام عدد المواقع الإخبارية قائلا “تم تسجيل 656 تصريحا حتى نهاية 2017″.
وتتعلق التصاريح بـ325 موقعا باللغة العربية و27 موقعا باللغة الفرنسية و168 موقعا باللغتين العربية والفرنسية، و15 موقعا باللغة العربية والأمازيغية والفرنسية، بينما العدد المتبقي فهو لمواقع متعددة اللغات.
وخصص الاجتماع للمناقشة العامة والتفصيلية لمشروع القانون القاضي بتغيير واستكمال قانون الصحافة والنشر، ويهدف أيضا إلى وضع بعض الشروط التي يجب أن تتوفر في مدير نشر الصحف الورقية والإلكترونية.
ويستثني مشروع القانون المطبوعات الدورية الإدارية أو العلمية سواء كانت ورقية أو إلكترونية، من شرط توفر مدير للنشر، وذلك “تشجيعا للفاعلين في هذا المجال للعمل دونما قيد، لأن المحتوى المقدّم علمي وأكاديمي وخاص ولا يتوفر عليه إلا أصحاب الخبرة من غير حاجتهم إلى دخول عالم الصحافة”.
وأضيف إلى شروط الحصول على صفة “مدير النشر” شرط وجود صفة صحافي مهني لمدة لا تقل عن 10 سنوات، “وذلك اعترافا بجهد السنين التي قضاها مجموعة من الصحافيين المهنيين وشهدت لهم المهنة بذلك دون أن يكونوا حاصلين على شهادة الإجازة أو دبلوم متخصّص في مجال الصحافة”.
ويهدف مشروع القانون أيضا إلى استدراك الفراغ القانوني المتعلّق بنشر أو عرض المطبوعات الأجنبية للبيع أو توزيعها أو إعادة طبعها والمتضمنة لأفعال تسيء لثوابت البلاد والصادر الأمر المؤقت بالمنع في حقها، وتدقيق البنود المحدّدة لإجراءات سحب المادة الصحافية من موقع الصحيفة الإلكترونية وتعطيل الوصول إليها، إضافة إلى فصل جرائم الحق العام المرتكبة عن طريق وسائل النشر عن الجرائم الصحافية المحضة.
واعتبر الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، أن المناقشة العامة لمشروع القانون المتعلق بالصحافة والنشر فرصة لتجاوز جملة من الأخطاء في العمل الصحافي بعد قرابة سنتين من دخول هذا القانون حيّز التنفيذ.
بدوره، ركّز فريق التجمع الدستوري، في مجلس النواب على أنه لا يمكن إنكار المكتسبات التي حققها المغرب ترسيخا لدولة الحق والقانون وتعزيزا للحريات في مجال الصحافة والإعلام وتقوية الخيار الديمقراطي. وذكر في الوقت نفسه أن إخضاع هذا القانون لتعديلات تدريجية وبصورة بطيئة وغير جوهرية “يجعلنا نتساءل عمّا يمنع الحكومة والوزارة من تقديم نص أكثر حداثة واستجابة للمعايير الدولية في احترام حرية الصحافة”.
الفرق النيابية أجمعت على ضرورة تعميق النقاش في بنود القانون لتفادي التراجع عن مكتسبات قانون الصحافة والنشر
واعتبر أن التعديلات “جيدة لكن غير كافية”، مشيرا إلى أنّ الشروط المتعلقة بصفة مدير النشر تهدف إلى تعزيز مفهوم المسؤولية التحريرية ومسؤولية النشر، وضمان شروط الكفاءة والجودة في الأداء المهني، غير أنّ إلغاء هذه الشروط بالنسبة للمطبوعات الإدارية والعلمية قد لا يكون صحيحا لأن هذه المطبوعات تحتاج بدورها إلى مسير ذي كفاءة وخبير بالمجال، كما أن مسؤولية النشر قد تحمل بعض الأخطار أو الانحرافات التي تستوجب وجود مخاطب محترف لمساءلته ومحاسبته.
أما في ما يخص المطبوعات الأجنبية، فأكد الفريق على الحاجة الكبيرة للتسلح باليقظة والحذر ممّا يدخل السوق الإعلامية المغربية من مطبوعات قد تمسّ بالأخلاق والتربية والدين، وفق تعبيره.
وأعرب عن تخوّفه من الإكثار من التأويلات والتفسيرات المبالغ فيها لتجريم أفكار أو آراء عادية، وتوسيع مفاهيم الإرهاب والعنف فتضيق بذلك مساحات الحريات العامة، داعيا إلى التعامل مع هذه المواضيع بروح نقدية وذكية تحترم ضوابط الحرية والعدالة.
ومن جهته، دعا الفريق الاشتراكي إلى التفكير بشكل جماعي في “أي صحافة نريد وأي حماية نريد للصحافي”، مؤكدا الحاجة إلى قانون يدركه الصحافي أولا قبل أن يدركه مطبّق القانون. وشدّد الفريق على ضرورة تجنّب استخدام التعاريف الفضفاضة، وتحديد مفاهيم من قبيل الإرهاب والإساءة والتشهير، وكذلك تحديد من أين يبدأ الخبر وأين ينتهي، داعيا إلى الفصل بين ما هو جنائي وما هو صحافي.
ودعا أيضا إلى توسيع النقاش حول نقل البنود المتعلقة ببعض الجرائم إلى القانون الجنائي، وإشراك وزارة العدل في هذا النقاش القانوني، وفصل مواد قانون الصحافة عن مواد القانون الجنائي، ضمانا لعدم مساس هذه المقتضيات بإيمان المغرب بحرية التعبير وبحقوق الإنسان وضرورة التعددية الإعلامية.
وأجمعت الفرق النيابية على ضرورة تعميق النقاش في بنود القانون لتفادي التراجع عن المكتسبات التي تحققت في مجال الصحافة والنشر، حيث تمّ الاتفاق على تأجيل المناقشة التفصيلية لمشروع القانون وتنظيم يوم دراسي لمناقشة هذا القانون مع المهنيين وكافة المعنيين.
يذكر أن بيان وزارة الثقافة والاتصال، أكد أن تسجيل تراخيص إنشاء مواقع الصحف الإلكترونية قد عرف منحى تصاعديّا لا سيما في السنوات الثلاث الأخيرة، حيث انتقل الرقم من 262 موقعا عام 2015، ليبلغ عددها 360 في أواخر شهر دجنبر 2016، ثم ليتضاعف إلى 656 موقعا مصرّحا به في عام 2017.
من جانب آخر، أشار المصدر ذاته إلى أن 129 جريدة إلكترونية من بين 656 تحمل اسم النطاق المغربي “ma.”، لعام 2017، مقابل 73 موقعا في عام 2016 و59 موقعا في 2015.
ويعرف استعمال النطاق الوطني “ma.” تزايدا ملحوظا بسبب توجه الناشرين إلى استعماله بعد دخول قانون الصحافة والنشر حيّز التنفيذ، إذ يمنحهم هذا الامتداد العالمي أفضلية في البحث والتصفّح.