مقاطعة مغربية تزعزع حسابات شركات كبيرة
قيمة الشركات الثلاث التي تمت مقاطعتها تراجعت إلى مستويات غير مسبوقة في بورصة الدار البيضاء.
غليان الأسعار يطرد الزبائن من محطات للوقود
أججت تهديدات الحكومة المغربية بملاحقة المحرضين على مقاطعة البعض من السلع الاستهلاكية في البلاد بسبب ارتفاع أسعارها، الأزمة المتواصلة منذ أسابيع، والتي سببت صداعا للسلطات.
ولا تزال حملة المقاطعة تكبر ككرة الثلج مع اقتراب شهر رمضان، حيث قد تتزايد الضغوط على الشركات المستهدفة وبالتالي تخسر أرباحا إضافية.
وكان صدى الحملة قد انتقل في البداية من منصات التواصل الاجتماعي ولا سيما “فيسبوك” حيث انطلقت الحملة إلى الأسواق، ثم إلى البورصة حيث انخفضت أسهم الشركات، لتصل في نهاية المطاف إلى البرلمان.
وتضررت من الحملة ثلاث شركات، إحداها أجنبية وهي شركة “سنترال دانون” الفرنسية لصناعة الحليب، إلى جانب شركتين محليتين، الأولى “أفريقيا” تعمل في مجال بيع الوقود والثانية متخصصة في صناعة المياه.
وتعتبر هذه الحملة الأكبر من نوعها في تاريخ البلاد، والتي فاجأت حتى الواقفين وراءها، والمواطنين والسياسيين على حد سواء، ومن الواضح أنها لن تنتهي قريبا. وقد تراجعت قيمة الشركات الثلاث في بورصة الدار البيضاء، حيث سجلت أقوى الانخفاضات.
وبدأت أثار الحملة تظهر في الأسواق وفي محطات البنزين في الثاني والعشرين من أبريل الماضي، بعد امتناع عدد من المواطنين عن اقتناء مواد هذه الشركات الثلاث.
وقال مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة السبت الماضي، إن “استمرار حملة المقاطعة التي تطال منتجات ثلاث شركات منذ ثلاثة أسابيع، فضلا عن تعاظمها، يعرض الاقتصاد المغربي لضرر كبير”.
ووصف وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، في كلمة أمام البرلمان الشهر الماضي، الداعين إلى مقاطعة منتجات شركات كبرى بـ“المغفلين”. وقال “يجب تشجيع المنتجات الوطنية بدل مقاطعتها خاصة أنها شركات كبيرة توفر فرص عمل للمغاربة وتدفع الضرائب”.
ويرى المقاطعون أن أسعار تلك المواد مرتفعة للغاية ويجب خفضها، بينما تقول الشركات إن هامش ربحها ضعيف، حيث طالبت إحدى الشركات بتخفيض الضرائب المفروضة عليها من أجل خفض أسعار منتجاتها.
وربطت “شركة أولماس” للمياه المعدنية التي تطالها حملة المقاطعة والمعروفة تجاريا بـ“سيدي علي” بتخفيض الضريبة على القيمة المضافة المفروضة على منتجاتها من 20 بالمئة إلى 7 بالمئة.
وفي أول تعليق على مقاطعة منتجات الحليب، قال عادل بنكيران مسؤول التواصل بشركة الحليب في تصريحات إعلامية، إن “مقاطعة السلع الوطنية خيانة للوطن”، مشيرا إلى أن “المتضرر الأكبر ليس الشركة وإنما 120 ألف مزارع يبيعون حليبهم للشركة”.
لكن سنترال دانون عادت واعتذرت للمستهلكين في أعقاب تصريحات المسؤول في الشركة. وقالت في بيان “نعتذر لكل مواطن شعر بالإساءة نتيجة تصريحات أدلى بها أحد مسؤولي الشركة بالمغرب”.
وحذر لحسن الداودي، الوزير المغربي المنتدب المكلف بالحكامة، من انسحاب شركة الحليب الفرنسية من السوق المغربية في حالة استمرت حملة المقاطعة التي تطالها.
وقال أمام البرلمان إن “إغلاق الشركة التي تنتج 50 بالمئة من الإنتاج المحلي، ستكون له آثار سيئة، خصوصا أنها تشغل ستة آلاف شخص، وكذلك 120 ألف مزارع يبيعون لها الحليب”.
ومارست أحزاب المعارضة، من بينها حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي وشبيبة حزب الاستقلال، سواء داخل البرلمان أو من خلال بيانات منفصلة، ضغوطا شديدة على الحكومة من أجل وضع حد لهذه الحملة، التي لا تزال حدود نهايتها غير واضحة المعالم.
وطالب النائب المعارض عمر بلافريج، رئيس الحكومة سعدالدين العثماني، باتخاذ إجراءات سريعة من أجل حماية حقوق المستهلكين.