ترامب يتحدى العالم بافتتاح السفارة الأميركية في القدس
نقل السفارة الأميركية إلى القدس يمثل قطيعة مع عقود من السياسة الأميركية والإجماع الدولي، إذ يعتبر وضعها إحدى أكثر المسائل الشائكة في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
افتتحت الولايات المتحدة رسميا سفارتها في مدينة القدس الاثنين، في خطوة مثيرة للجدل في حفل تضمن كلمة مصورة للرئيس الاميركي دونالد ترامب قال فيها ان واشنطن تبقى ملتزمة بالتوصل الى اتفاق سلام بين اسرائيل والفلسطينيين.
وكان اعلان ترامب في السادس من دجنبر 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل ابيب الى القدس، اثار غبطة الاسرائيليين وغضب الفلسطينيين.
وكشف النقاب عن لوحة وختم في حفل الافتتاح الرسمي في السفارة بحضور مسؤولين اميركيين بينهم ابنة ترامب ايفانكا وزوجها جاريد كوشنير.
وقال ترامب “أملنا الأكبر هو السلام”. وأضاف “الولايات المتحدة تظل ملتزمة تماما بتسهيل اتفاق سلام دائم.. ستظل الولايات المتحدة صديقا عظيما لإسرائيل وشريكا في قضية الحرية والسلام”.
ومن جهته قال سفير الولايات المتحدة لدى اسرائيل ديفيد فريدمان ان السفارة تدشن في “القدس، اسرائيل” وسط تصفيق حار من الحضور.
واندلعت مواجهات عنيفة الاثنين على حدود اسرائيل مع قطاع غزة ادت الى مقتل 41 فلسطينيا على الاقل، واصابة المئات من الفلسطينيين برصاص الجيش الاسرائيلي قبل ساعات على تدشين السفارة الذي يثير استنكارا دوليا وغضبا فلسطينيا.
وشاركت ابنة ترامب ايفانكا مع زوجها جاريد كوشنر وكلاهما مستشاران للرئيس إلى جانب مئات الشخصيات من البلدين في مراسم التدشين والتي تأتي على خلفية قلق عميق حول استقرار الوضع الإقليمي.
ويشكل نقل السفارة وهو أحد وعود الحملة الانتخابية لترامب قطيعة مع عقود من السياسة الأميركية والإجماع الدولي إذ يعتبر وضع القدس إحدى أكثر المسائل الشائكة في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
تم تدشين السفارة الأميركية في احتفال الاثنين 14 مايو يتزامن مع الذكرى السبعين “لقيام دولة إسرائيل”، كما يتزامن افتتاح السفارة قبل يوم من الذكرى السبعين للنكبة، عندما تهجر أو نزح أكثر من 760 ألف فلسطيني في حرب 1948.
وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو “ستبقى القدس عاصمة لإسرائيل مهما كان اتفاق السلام الذي تتصورونه”. إلا أن المبادرة الأميركية الأحادية الجانب تثير غضب الفلسطينيين إذ تشكل تكريسا للموقف المنحاز بشكل واضح برأيهم للجانب الإسرائيلي والذي يتبناه ترامب منذ توليه منصبه في 2017، وتجاهلا لمطالبهم حول القدس.
واحتلت اسرائيل الشطر الشرقي من القدس عام 1967 ثم أعلنت العام 1980 القدس برمتها “عاصمة أبدية” في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. ويرغب الفلسطينيون في جعل القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة.
وكان إعلان ترامب في 6 ديسمبر 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل ابيب إلى القدس، أثار غبطة الإسرائيليين وغضب الفلسطينيين.
ولا تزال الأسرة الدولية تعتبر القدس الشرقية أرضا محتلة وانه من غير المفترض اقامة سفارات في المدينة طالما لم يتم البت في وضعها عبر التفاوض بين الجانبين المعنيين.
ونددت 128 دولة من أصل 193 في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار الأميركي ومن بينها دول حليفة للولايات المتحدة على غرار فرنسا وبريطانيا.، في تصويت أثار غضب واشنطن وتهديدا بالرد من قبل سفيرتها لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي.
إلا ان الاستنكار الذي اثارته المبادرة الأميركية من جانب واحد هدأ على ما يبدو وشوارع القدس مليئة بالأعلام الأميركية والإسرائيلية بينما شوهدت لافتات كتب عليها “ترامب أعِد لاسرائيل عظمتها” و”ترامب صديق لصهيون”.
ويأتي تدشين السفارة الذي سيتم في مبنى القنصلية بانتظار تشييد مقر جديد في فترة حساسة جدا. فالفلسطينيون يعتبرون ان الموعد الذي يتزامن قبل يوم على ذكرى النكبة يشكل “استفزازا”.
يحاذي مبنى السفارة حي جبل المكبر بالقدس الشرقية المحتلة الذي يسكنه عدد من منفذي الهجمات المسلحة، بما فيها هجوم نفذ عام 2015 أسفر عن مقتل إسرائيليين، ومواطن اسرائيلي يحمل الجنسية الاميركية.
وتشهد غزة منذ 30 مارس مسيرات العودة التي يشارك فيها آلاف الفلسطينيين الذين يتجمعون على الحدود والتي شهدت مقتل 54 فلسطينيا بأيدي الجيش الإسرائيلي.
وتتهم اسرائيل حركة حماس التي تسيطر على القطاع، باستخدام هذه المسيرات ذريعة للتسبب باعمال عنف. كما يقول الجيش الإسرائيلي إنه لا يستخدم الرصاص الحي إلا كحل أخير.
وتهدف “مسيرة العودة” أيضا إلى التنديد بالحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من عشر سنوات.
ولم يحدث القرار الأميركي بنقل السفارة حتى الآن الأثر الذي كان ترجوه اسرائيل اذ لم تعلن سوى دولتان هما غواتيمالا وباراغواي إنهما ستقومان بالأمر نفسه.