محمد السادس يحذر في رسالة إلى الرئيس الفلسطيني محمود
عباس من تداعيات خطيرة لقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس على آفاق عملية السلام
محمود معروف:
بعث الملك محمد السادس رسالة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس على إثر تفعيل قرار الإدارة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، وبعد مسيرة شعبية شهدتها العاصمة المغربية الرباط الأحد تنديدا بالقرار الأمريكي.
وقال الملك محمد السادس في رسالته «إننا نتابع بقلق وانشغال بالغين تفعيل قرار الإدارة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها». وأضاف «بصفتي رئيسا للجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي كنت قد أكدت لدونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ولأنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، الأهمية القصوى التي تحتلها مدينة القدس، ليس فقط بالنسبة لأطراف النزاع، وإنما لدى أتباع الديانات السماوية الثلاث، وأن المساس بالوضع القانوني والتاريخي المتعارف عليه للقدس، ينطوي على خطر الزج بالقضية الفلسطينية في متاهات الصراعات الدينية».
وقال «لقد تابعنا باهتمام كبير الإجماع الدولي الرافض لقرار الإدارة الأمريكية، لما له من تداعيات خطيرة على آفاق عملية السلام، واعتبرنا هذا الإجماع بمثابة رسالة دعم قوية لحقوق الشعب الفلسطيني، ولقضيته العادلة، وعلى رأسها مدينة القدس الشريف». وجدد رفضه لهذا العمل الأحادي الجانب، الذي يتنافى مع ما دأبت الأسرة الدولية في التأكيد عليه، من خلال قرارات مجلس الأمن ذات الصلة من وجوب الإحجام عن كل ما يمس بالوضع السياسي القائم لمدينة القدس، على اعتبار أن موضوع المدينة المقدسة يقع في صلب قضايا الوضع النهائي. معتبرا أن هذه الخطوة تتعارض مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، التي تؤكد عدم جواز تغيير الوضع القانوني والتاريخي للمدينة المقدسة.
وأضاف الملك محمد السادس «نهوضا منا بأمانة رئاسة لجنة القدس، لم ندخر وسعا في كل اتصالاتنا مع قادة ومسؤولي القوى الدولية الفاعلة في مسارات القضية الفلسطينية العادلة، من أجل التأكيد على ما تمثله هذه الخطوة من تعارض واضح مع مختلف قرارات الشرعية الدولية، التي دعت دوما إلى الحفاظ على الوضع القانوني للمدينة المقدسة، وعلى مكانتها كنموذج للتعايش والتساكن بين أتباع مختلف الديانات السماوية»، مؤكدا «التزامنا القوي بمواصلة العمل مع الإدارة الأمريكية، من أجل اعتماد موقف متوازن، كفيل باستعادة مناخ الثقة، وإحياء عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي».
واكد الملك أنه «لن ندخر أي جهد في تعبئة المجتمع الدولي، والقوى الفاعلة فيه، من أجل نصرة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس قرارات الشرعية الدولية، وفي إطار حل الدولتين، بما يكفل إقامة سلام عادل ودائم وشامل بمنطقة الشرق الأوسط، ويضمن لكل شعوب المنطقة العيش في أمن واستقرار ووئام».
وأعرب للرئيس عباس عن وقوف بلاده وتضامنها القوي والثابت مع الشعب الفلسطيني في الدفاع عن قضيته العادلة، لا سيما ما يتعلق بمدينة القدس، مسرى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ومهد سيدنا المسيح عليه السلام.
وخرج الآلاف من المغاربة القادمين من مختلف المدن أول أمس الأحد، إلى مدينة الرباط دعما للقدس ورفضا لنقل السفارة الأمريكية إليها في مسيرة دعت إليها فعاليات سياسية ومدنية داعمة لفلسطين، انطلقت من باب الأحد في اتجاه مقر البرلمان على مستوى شارع محمد الخامس، تحت شعار «من أجل القدس عاصمة أبدية لفلسطين.. ودعما لمسيرة العودة الكبرى»، حيث ارتفعت حناجر المحتجين تنديدا بالسياسة الأمريكية والإسرائيلية التي تنهجها في القدس.
وطالبت مسيرة فلسطين السلطات العمومية بالكشف عن نتائج التحقيقات مع معهد «ألفا الإسرائيلي» لتدريب حراس الشخصيات الذي أحالت النيابة العامة مديره على مستشفى الأمراض العقلية في مدينة برشيد، داعية إلى إصدار قانون تجريم التطبيع باعتباره الحد الأدنى من الموقف اللازم والمطلوب حيال هذا الكيان الصهيوني.
وكانت المديرية العامة للأمن الوطني أكدت أن البحث في قضية عبد القادر إبراهيمي مؤسس معهد ألفا «الإسرائيلي» ما زال مستمرا، موضحة أن البحث في هذه المرحلة لا يزال مشمولا بالسرية التي يقتضيها قانون المسطرة الجنائية، وأن نتائجه ستحال على النيابة العامة المختصة فور الانتهاء من جميع إجراءات البحث.
وقال عبد القادر العلمي منسق مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين الذي كان يتلو البيان الختامي لمسيرة الرباط «إننا من مسيرة الرباط اليوم نطالب بكل شدة أن تتحمل السلطات العمومية كامل المسؤولية في كشف وإطلاع الشعب المغربي عن حقيقة ملف معهد «ألفا الإسرائيلي» بعد استكمال كل التحقيقات الأمنية الجارية».
واعتبر العلمي أن ذلك ضمانا للطمأنينة وردعا لكل محاولات الصهاينة العبث بالأمن الوطني للمغرب وصناعة بؤر عميلة تشتغل تحت إمرة الأذرع الصهيونية «التخريبية» التي قال إنها «لا تخفي نتائج عملها في عدد من أقطار وشعوب الأمة حيث الخراب والدمار في الأرض والعمران والإنسان». وقال «إننا اليوم وباسم كل قوى الشعب المغربي نجدد الرفض القاطع لكل أشكال التطبيع مع الكيان الغاصب المحتل، ونجدد المطالبة الملحة بإصدار قانون تجريم التطبيع بما هو حد أدنى من الموقف اللازم والمطلوب حيال هذا الكيان الصهيوني الإرهابي».
وأوضح منسق المجموعة أن التطبيع لم يعد مجرد ظاهرة دنيئة خيانية تطعن قضية فلسطين في ظهرها، مشيرا إلى أن الظاهرة التطبيعية أصبحت تشكل تهديدا مباشرا لأمن واستقرار ووحدة النسيج المجتمعي المغربي ووحدة ترابه، مضيفا أن هذا ما وقف عليه كل المغاربة في الآونة الأخيرة مع ما سمي «بمعهد ألفا الإسرائيلي لتدريب الحراس» في مدينتي خنيفرة ومكناس.
وكانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قد باشرت أبحاثا وتحريات معمقة تحت إشراف النيابة العامة المختصة، للكشف عن أهداف وأنشطة «معهد متخصص في تدريب الحراس الخاصين والحماية المقربة»، ورصد ارتباطاته المحتملة بجهات داخلية أو خارجية.