جمعية حقوقية مغربية تراسل مؤسسات رسمية لفتح تحقيق حول مزاعم تعذيب معتقلي الحراك

مازالت التصريحات التي أدلى بها بعض معتقلي حراك الريف في المغرب، بشأن ادعاءات تعذيب وسوء معاملة قالوا أنهم تعرضوا لها في مخافر الشرطة وأثناء فترة اعتقالهم، مثار شد وجذب بين منظمات حقوقية دولية ومحلية وبين المؤسسات الرسمية في البلاد. رسالة أخيرة وجهتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي أكبر جمعية حقوقية في المغرب، إلى خمس مؤسسات رسمية ضمنها ثلاث وزارات، دعت فيها إلى ضرورة فتح تحقيق عاجل في شأن «كل الخروقات التي صرح بها المعتقلون أمام المحكمة، والتي تشكل أفعالا يجرمها القانون الدولي لحقوق الإنسان كما القانون الجنائي المغربي».

لكن «الرسالة توجهت إلى العنوان الخطأ» يقول محمد الصبار، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو مؤسسة رسمية، مؤكدا أن المجلس لا يمكنه الحديث إلا بعد انتهاء المحاكمة حيث سيصدر تقريرا في هذا الباب « نحن نتابع المحاكمة كملاحظين ولا يحق لنا الكلام إلا بعد أن يصدر القضاء حكمه» يضيف الصبار في تصريحه مشيرا إلى أن المجلس أوكل للجنة متابعة المحاكمة وأن المجلس تابع موضوع الحراك منذ وفاة محسن فكري (بائع السمك الذي مات مطحونا في حاوية كبس النفايات) إلى غاية آخر جلسة في جلسات الاستماع للمعتقلين وتستمر متابعته للموضوع إلى أن يقول القضاء كلمته .
المضمون نفسه كان قد أدلى به سابقا، مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان بعد التصريحات القوية التي أدلى بها ناصر الزفزافي، قائد حراك الريف، كشف فيها أمام المحكمة تعرضه لـ»تعذيب ممنهج «، حيث قال أن الأمر بين يدي القضاء، وقد خصت الجمعية وزارته كذلك برسالتها الأخيرة إلى جانب كل من وزير العدل ووزير الداخلية ورئيس النيابة العامة ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمندوب العام لإدارة السجون.
كون الملف معروضاً بين يدي القضاء، أمر لا يبرر في نظر أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عدم فتح تحقيق، مؤكدا  أنه «لا يمكن في أي حال من الأحوال الادعاء بأن الملف معروض أمام القضاء، وأنه لا ينبغي التدخل في هذه المرحلة، والحال أن المغرب صادق على اتفاقية مناهضة التعذيب وعلى البروتوكول الملحق بها وهو ما يوجب أن يتخذ من التدابير ما يمكن من التأكد من صحة هذا المزاعم «، موضحا أنه لا يمكن متابعة أي شخص أو عرضه على القضاء أو إخضاعه للمحاكمة دون الفصل في ما ادعاه عن تعرضه للتعذيب.
ويقول أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تعتبر ما تم التصريح به من طرف معتقلي حراك الريف، سواء في الحسيمة أو في الدار البيضاء، خاصة ما جاء على لسان الزفزافي، والمتعلقة بظروف اعتقالهم وما صاحبه من تفتيش وعبث بالحاجيات وإهانة للآباء والأمهات والزوجات وترهيب للأسر والأطفال وكذا الاعتداء والعنف الذي تعرض له المعتقلون أثناء فترة الاعتقال والاستنطاق بلغت حد العبث بمناطق حساسة في أجسادهم و تهديد أقاربهم بالاغتصاب في حالة عدم انتزاع اعترافات، (يعتبر) أنها أمور تستدعي فتح تحقيق عاجل ورتيب جميع الآثار القانونية ضمانا لسيادة القانون و تفعيلا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب .
وجاء في رسالة الجمعية، أنها خلصت لاستمرار «الممارسات التي تنهل من عقلية زمن الانتهاكات الأليمة التي شهدها المغرب سنوات الجمر و الرصاص، والذي من المفروض أن تكون صفحته قد طويت نهائيا «، بعدما وقفت لجان تقصي الحقائق التي أوفدتها الجمعيات الحقوقية على العديد من الشهادات التي تصرح بتعرض معتقلي حراك الريف وحراك جرادة للضرب والترهيب والتنكيل، كما سبق أن صرح محامي معتقلي إخوربا في بني ملال بتعرضهم للصعق الكهربائي، تقول رسالة الجمعية، موردة استمرار الاحتفاظ بناصر الزفزافي في زنزانة انفرادية منذ حوالي أحد عشر شهراً وتعرض عائلات المعتقلين لتفتيش مهين أثناء زيارة أبنائهم وخاصة النساء، معتبرة أن الأمر يدخل في حكم المعاملات الحاطة من الكرامة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: