حزب «التقدم والاشتراكية» المغربي يعقد مؤتمره الوطني وسط مطالبات بفك الارتباط مع «العدالة والتنمية»
يعقد حزب التقدم والاشتراكية لعقد مؤتمره الوطني العاشر الذي ستحتضنه أيام 11 و12 و13 مايو الجاري، وذلك من خلال ضبط برنامج اللقاءات التحضيرية الداخلية المقرر تنظيمها على صعيد الفروع الإقليمية للحزب في مختلف جهات البلاد، كما دعا المكتب السياسي كافة هيئات الحزب ومنظماته وقطاعاته ولعموم المناضلات والمناضلين للرفع من مستوى التعبئة والتجند القوي لإنجاح محطة هذا المؤتمر، ورفع التحديات المطروحة على الحزب تنظيميا وسياسيا.
وعن الرهانات المطروحة أمام هذا المؤتمر، أكد الأمين العام للحزب نبيل بنعبد الله أن الرهان التنظيمي المرتبط بإعادة التفكير في الهياكل التنفيذية والتقريرية للحزب، حاضر بقوة، حيث سيكون مطروحا على المؤتمرين تشخيص وتحليل قدرات الحزب التنظيمية والهيكلية ومدى انعكاس ذلك على الميدان النضالي وسط الجماهير.
وقال بنعبد الله في حوار صحافي «إن ما يميز المؤتمر الوطني العاشر لحزب التقدم والاشتراكية، عن سابقيه، هو أنه يعقد في ظرفية سياسية خاصة، تطرح على هذا المؤتمر رهانين أساسيين: الأول تنظيمي مرتبط بإعادة التفكير في الهياكل التنفيذية والتقريرية للحزب، وفي قدراته التنظيمية وقدرته على المبادرة، وكذا على مدى تجدره وسط مختلف الفئات الاجتماعية، والرهان الثاني هو رهان سياسي، على اعتبار أن المؤتمر هو مناسبة لطرح انشغالاتنا التي نتقاسمها مع عدد من الفئات المجتمعية، وهي الانشغالات نفسها الموجودة وسط صناع الرأي، وفي وسط رجال الأعمال، والمثقفين والصحافيين».
وقال حميد المُعْطَى، عضو اللجنة المركزية للحزب وعضو اللجنة الوطنية للمراقبة السياسية والتحكيم: إن «المؤتمر العاشر لحزب التقدم والاشتراكية يعتبر محطة أساسية لتقييم أداء الحزب في الفترة السابقة إيجابا وسلبا وتقويم الاعوجاجات والانزلاقات في الممارسة سواء في المواقف السياسية من خلال مشروع الأطروحة السياسية أو فعالية أداء التنظيمات بمختلف مستوياتها من الفروع المحلية والإقليمية والجهوية والقطاعات السوسيو مهنية إلى اللجنة المركزية والمكتب السياسي من خلال إعادة النظر في بعض بنود القوانين المنظمة وتجديد القيادات الحزبية».
وأضاف أن «شعار (نَفس ديمقراطي جديد) للمؤتمر العاشر، شعار مناسب للمرحلة التي يجتازها المغرب الذي يعيش اختناقاً وانحساراً في مساره وانتقاله الديمقراطي، وجاء هذا الشعار منسجما ومستجيبا لانتظارات الشعب وما عبر عنه المسؤولون من أعلى سلطة في البلاد من التفكير الجماعي في نموذج تنموي جديد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، من توسيع الحريات الفردية والجماعية والتوازن بين المؤسسات وإعادة النظر في توزيع الثروات المادية واللامادية من أجل ضمان الاستقرار السياسي والنماء الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والثراء الثقافي، بما يعنيه هذا النموذج من الكف عن المضايقات والتدجينات والضغوطات والتدخلات وأساليب التحكم الترهيبية والترغيبية التي من شأنها إرجاع المغرب إلى الماضي غير المأسوف عليه».
وفي الوقت الذي يتم فيه التحضير للمؤتمر، طالبت أصوات من داخل حزب «التقدم والاشتراكية» اليساري، بوضع حد للتحالف مع حزب «العدالة والتنمية» الاسلامي. ووقّع بعض قيادات التقدم والاشتراكية على بيان موجه إلى المؤتمرين، ينادون فيه بضرورة فك التحالف مع «العدالة والتنمية»، موجهين انتقاداتهم إلى التجربة الحكومية لهذا الحزب في عهد عبد الإله بن كيران، ورئيس الحكومة الحالي سعد الدين العثماني، حيث اعتبر الموقعون على البيان أنها تكرس التنكر لتجربة «حكومة التناوب»، وأنها شهدت مجموعة من الانكسارات داخل أحزاب اليسار.
وانتقد الموقعون على البيان، مجموعة من الإجراءات الحكومية، التي أجهزت ـ حسب رأيهم ـ على القدرة الشرائية والمعيشية للمواطن المغربي، وذكروا بأن حزب «التقدم والاشتراكية» وافق على الانخراط في هذه التجربة بمنطق انتهازي.
ويعتبر حزب التقدم والاشتراكية حليفا «للعدالة والتنمية»، في حكومة عبد الاله بن كيران الأولى، وحكومة سعد الدين العثماني الثانية، حيث يتقاسمان مجموعة من المواقف على المستويين الحزبي والحكومي.
ويرفض نبيل عبد الله، أمين عام «التقدم والاشتراكية»، التعامل بمنطق الربح والخسارة في علاقة حزبه بـ«العدالة والتنمية»، وقال في حوار صحافي: «أرفض منطق الربح والخسارة، لأننا لسنا في ساحة البورصة، وأعتقد أن هناك المبدأ، وهناك المشروع المجتمعي، الذي نتوخاه، وهناك القيم التي نحملها وندافع عنها، وعلى هذا الأساس فحزب التقدم والاشتراكية هو حامل لمشروع سياسي منذ أزيد من سبعين سنة، ولذلك نحن نريد مشروعا قائما على ديمقراطية حقيقية، أي على ملكية برلمانية، ديمقراطية، اجتماعية، يحظى فيها ملك البلاد بدور الحكم، كما هو منصوص عليه في الدستور الحالي، والموجه لأهم قرارات الدولة، واختيارات الدولة، وبالطبع إمارة المؤمنين ورئاسة الدولة، والقيادة العليا للقوات المسلحة الملكية، وبهذه الصفة له أدوار طلائعية أساسية».
وتابع قوله: «إلى جانب ذلك، يتعين أن تكون هناك حكومة قوية منبثقة عن صناديق الاقتراع، حكومة تتكون من أحزاب سياسية، لها استقلالية في اتخاذ قراراتها، ولها القدرة على طرح البدائل، والدفاع عنها أمام المواطنات والمواطنين، وبالتالي ضمان حياة سياسية، تتميز بحضور المجالس المنتخبة بشكل قوي على كافة الأصعدة، بداية من السلطة التشريعية المجسدة في البرلمان بغرفتيه، ثم مختلف المجالس المنتخبة، التي يتعين أن تتمتع بصلاحيات قوية، فضلا عن مؤسسات دستورية تقوم بواجبها على جميع المستويات».
وأضاف القيادي الحزبي: «نحن كحزب سياسي تقدمي لنا مشروع، ونرى كيف يمكن أن نصل إلى تحقيق هذا المشروع، أي كيف نصل إلى هذا المجتمع الذي نعيش فيه هذه الديمقراطية ونعيش فيه نماء اقتصاديا، ونعيش فيه عدالة اجتماعية، من أجل ذلك كنا نبحث دائما في حياتنا عن حلفاء. وجدنا أساسا حلفاءنا في الحركة الوطنية على مر التاريخ.. لكن، وفي مرحلة تاريخية معينة، وتحديدا في نهاية العقد الماضي أي نهاية سنة 2008 وبداية 2010 وجدنا فراغا حقيقيا، تمثل في عدم قدرة أحزاب الحركة الوطنية بتعبيراتها المختلفة، والمجسدة آنذاك في الكتلة الديمقراطية، على مواصلة التناغم، بل وجدنا عجزاً على مستوى إمكانية مواجهة ما كان يحدث آنذاك على الساحة السياسية، فبحثنا مع من يمكن أن نشتغل، ووجدنا حينها، تلاقيا موضوعيا مع حزب العدالة والتنمية».
وأكد بنعبد الله، أنه سواء خلال تجربة الخمس سنوات الماضية مع حكومة عبد الاله بن كيران، أو حاليا مع حكومة سعد الدين العثماني، لم يسجل على حزب «التقدم والاشتراكية» أن صادق على قرار يتسم بنزعة ماضوية أو نكوصية، أو مناقضة لمبادئ وقيم المساواة، أو تمس بالديمقراطية وبالحريات، وفق تعبيره.