القضاء المغربي يقرر محاكمة الصحافي بوعشرين بشكل سري… ودفاعه يتشبث بعلانية الجلسات
دخلت محاكمة الصحافي توفيق بوعشرين ، مؤسس جريدة «أخبار اليوم» المغربية المستقلة، مرحلة أكثر تعقيداً بعد أن قررت محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء أن تصير الجلسات سرية إبتداء من أمس الاثنين . و أثار هذا القرار غضب هيئة دفاعه التي رأت في القرار «انتهاكا « لحقوق بوعشرين وضربا لشروط المحاكمة العادلة .
«لقد قررت المحكمة أخيراً أن تكون جلسة الأسبوع المقبل سرية غير مفتوحة للعموم، ودون حضور المراقبين الدوليين، فيما العرف الدولي هو أن تكون المحاكمات في القضايا الجنائية محاكمات علنية لضمان الشفافية» يقول المحامي البريطاني ، رودني ديكسون، المستشار القانوني الدولي لبوعشرين، في بلاغ له حول المحاكمة اعتبر فيه القرار بأنه قرار «خطير»، داعياً محكمة الاستئناف إلى «التراجع عنه فوراً، لكي لا نصبح أمام محاكمة سرية أو ذات صبغة سياسية» .
و أضاف في ذاته البلاغ أن «السلطات المغربية تستمر في انتهاك حقوق السيد بوعشرين، في تناقض صارخ مع الأعراف والمواثيق الدولية حول شروط المحاكمة العادلة ، و تعامله كأنه مجرم ولا تحترم قاعدة أن البراءة هي الأصل «، داعياً المحكمة و السلطات لاحترام الحقوق الأساسية لبوعشرين ، ملوحا أنه في المقبل من الأيام ستتم مباشرة الإجراءات الضرورية أمام هيئة الأمم المتحدة والهيئات الدولية المعنية ، لضمان حقوق بوعشرين في حالة ما تم الاستمرار في معاملته كمجرم مدان، يقول ديكسون.
وكانت محكمة الاستئناف يوم الخميس المنصرم قد تلت قرارها أثناء الجلسة بدخول الجلسات طور السرية، كما قررت بعد سماع الدفعات الشكلية التي قدمها الدفاع أن تضم هذه الدفعات للجوهر للنظر فيها في ما بعد، أي عند النطق بالحكم، حسب النقيب محمد زيان ، عضو هيئة دفاع بوعشرين . و هو الأمر الذي فاجأ الدفاع لأن «مسطرة المتابعة مبنية على دفعات شكلية» قال الدفاع فيها بعدم قانونية عملية التفتيش وعدم قانونية مسطرة الحجز وعدم قانونية البحث والاعتقال، يقول زيان مضيفا « لم نتوقع ألا يتم البث في الدفعات الشكلية مسبقا، أي في بداية أطوار المحاكمة ، لكن نحن ننحني للقضاء ،و يمكن أن يساعدنا هذا في النقض أو الاستئناف» . وقال زيان لـ«القدس العربي « أن «مسألة السرية تخرق مبدأ مصيري بالنسبة لحقوق الدفاع وهي علنية الجلسات التي تحمي المتهم «، مضيفاً: «هذا ليس فيلما برنوغرافيا و إنما جلسة يجب أن يقدم فيها المطالب بالحق المدني أو الضحية حججها، لأنه إذا كان التراضي في هذه الممارسات الجنسية ، فهذه معطيات حياة شخصية وتصبح تتعلق بخيانة زوجية والزوجة هي من بيدها الحكم «. واعتبر زيان أن العلانية من شأنها أن تبطل ادعاء المشتكيات بتعرضهن للاعتداء قائلا أن «المتهم تعرض لحملة تشهير لتصويره كمغتصب و متاجر في البشر، في حين أن الأمر يتعلق برغبة في توسيخ سمعة صحفي له قلم مؤثر في الرأي العام» ، مؤكداً أن علانية الجلسات هي ما سيحفظ للمتهم حقه للتحقق من الادعاءات التي صرحت بها الضحايا المفترضات .
ونفى عبد الصمد الإدريسي ، عضو هيئة دفاع بوعشرين، أن يكون قد عقد اجتماعا مع إحدى الضحايا المفترضات لبوعشرين من أجل حثها على التراجع ونفي ما سبق وصرحت به ، و أنه تكلف بصياغة وثيقة بذلك ..وذلك على عكس ما نشره موقع إلكتروني.
وجاء في بلاغ للإدريسي توصلت «أخبارنا الجالية « بنسخة منه « إذ أنفي هذا الخبر وما ورد في المقال جملة وتفصيلا ، أؤكد أنه خبر كاذب ..»، مضيفا أنه يدافع عن بوعشرين في إطار القانون وأخلاق وأعراف مهنة المحاماة وبما يمليه الضمير المهني وبسلوك جميع المساطر المسموح بها قانونا، معتبرا أن ما ورد في المقال هو « أخبار كاذبة تدخل في إطار الضغط عن الدفاع وثنيه عن ممارسة مهامه وكأن أصحابها يريدون محاكمة بدون دفاع ..».
ويوجد توفيق بوعشرين رهن الاعتقال بناء على أمر بالإيداع في السجن، بعد أن وجهت له تهم ثقيلة تتعلق بـ «الاغتصاب» و «التحرش الجنسي» و «المتاجرة في البشر».. وهي المحاكمة التي زلزلت الرأي العام المغربي ما إن كان الغرض منها فعلا إسكات قلم مزعج عرف بكتاباته المنتقدة لمراكز نفوذ قوية في السلطة، خاصة بعد خروج بعض الضحايا المفترضات لبوعشرين بتصريحات قوية ينفين فيها تعرضهن لأي اعتداء من طرف بوعشرين وبأنه تم إقحامهن عنوة في الملف، مثل ما صرحت به عفاف برناني التي حكمت عليها المحكمة مؤخرا بستة أشهر سجنا غير نافذ بعدما قدمت شكاية تتهم فيها ضابط شرطة بالتزوير، وهو الحكم الذي اعتبره دفاعها ودفاع بوعشرين بأنه يندرج ضمن الضغط على المصرحات.