استمرار حملة «المقاطعة الشعبية» المغربية لمنتجات إستهلاكية
وبرلمانيون يسائلون الحكومة حول جمود مجلس المنافسة وتحديد الجمعة المقبل يوماً للاحتجاج
تتواصل في المغرب حملة مقاطعة بعض المنتجات الاستهلاكية، التي انطلقت الدعوة إليها من شبكات التواصل الاجتماعي، ومعها تبدو الانعكاسات الملموسة لتلك الحملة بادية على أرض الواقع.
ومن المقرر، اليوم الاثنين، أن يوجه الفريق الاشتراكي في مجلس النواب المغربي سؤالاً إلى الحكومة بشأن عدم تفعيل «مجلس المنافسة» الذي توكل إليه مهمة مراقبة أسعار السوق وضمان التنافسية الشريفة والمتوازنة ومحاربة المضاربات والاحتكار.
وأدت حملة المقاطعة إلى تراجع أسهم ثلاث علامات تجارية عاملة في مجال الصناعات الغذائية والمحروقات بالمغرب.
ففي بورصة الدار البيضاء تراجعت أسهم الشركة العاملة في الغاز بنسبة 3.15 في المائة في ظرف أسبوع، إذ فقد السهم ما يناهز 104 دراهم (11.13 دولار أمريكي)، منتقلا من 3300 درهم (353.15 دولار) في بداية الأسبوع الجاري إلى 3196 درهم (342.02 دولار) في نهايته.
وفقدت أسهم شركة لمنتجات الحليب ومشتقاته 38 درهما من قيمتها في ظرف خمسة أيام، إذ انخفض سعرها من 668 درهما (71.49 دولار) إلى 630 درهما (67.42 دولار)، مسجلا تراجعا بنسبة 5.69 في المائة.
وتسبب هذا التراجع في انخفاض الأداء الأسبوعي لقطاع الصناعات الغذائية بنسبة 0.91 في المائة.
وقد شمل الانخفاض مجموعة من القطاعات الحيوية، من بينها قطاع العقار الذي سجل تراجعا ب 5.18 في المائة، ليستقر الأداء السنوي لهذا القطاع في ناقص 27.85 في المائة.
ومن جهة أخرى، تعالت دعوات المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي لإدراج شركة منتجة للحليب في حملة المقاطعة بسبب تصريحات لمديرها استفز فيها المُقاطِعين. وتداول عشرات الفيسبوكيين دعوات لمقاطعة الحليب المعني، معتبرين أن مالك الشركة استفز المُقاطِعين بتصريحات له اعتبر أن «المقاطعة لا معنى لها».
وكان مسؤول في شركة أخرى لإنتاج الحليب قد وصف المقاطعين بـ»خونة الوطن»، قبل أن ينشر فيديو يتراجع فيه عن تصريحه ويقدم اعتذاره للمغاربة.
ومع قرب شهر رمضان، شهد العديد من المواد الغذائية ارتفاعا في أثمانه، ولاسيما القطاني التي تستعمل في إعداد الشربة اليومية المعروفة بالحريرة.
كما صارت أسعار مختلف أنواع الأسماك تشهد ارتفاعاً كبيراً مع قرب شهر الصيام، حيث يكثر الإقبال على فواكه البحر وغيرها. وعبروا مواطنين في مدينة الحسيمة عن استغرابهم من الأمر، خاصة وأن مدينتهم مشهورة بكونها خزانا لثروة سمكية مهمة.
وفي غياب رد رسمي للسلطات المعنية، فإن المضاربات وكثرة الوسطاء أعادت مشكلة رفع أثمان الأسماك لدائرة الضوء بعد فاجعة محسن فكري الذي كان ضحية جشع المضاربين في أسعار الأسماك وصمت السلطات.
ودفع هذا الارتفاع غير المبرر نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي الى الدعوة لمقاطعة الأسماك، «لإعطاء درس جديد للمضاربين والسماسرة بعد نجاح حملة المقاطعة الحالية» على حد قولهم.
لكن الحكومة تنفي أية زيادة في أثمان المواد الاستهلاكية الأساسية، فقد تحدث وزير الداخلية عن وجود عرض وافر ومتنوع يستجيب لجميع الحاجيات، لاسيما من المواد والمنتجات الأكثر استهلاكا خلال شهر رمضان. وقال إن أثمان المواد الأساسية تبقى في غالبيتها مستقرة وفي مستوياتها المعتادة، ما عدا بالنسبة لبعض المواد التي تعرف أثمانها تغيرا نسبيا مرتبطا أساسا بعوامل ظرفية أو موسمية. وأعلن عن قرب إحداث رقم هاتفي أخضر من أجل تلقي الشكايات والتظلمات المحتملة للمواطنين وللتجار بخصوص التموين والأسعار والجود، مشيرا إلى أن الشكايات التي سترد على الجهة الحكومية المختصة ستتحول مباشرة إلى مسؤولي المحافظة المعنية، ليقوموا بالتحرك العاجل للتحري في الموضوع.
على صعيد آخر، تشكلت في المغرب لجنة لدعم الحراك الشعبي، وأعلنت عن عزمها تنظيم يوم احتجاجي، يوم الجمعة المقبل، في جميع مناطق المغرب، تحت شعار «منخرطون في الحراك الشعبي لتحقيق مطالبه العادلة وإطلاق سراح المعتقلين». ودعت اللجنة، في بلاغ لها «كافة التنظيمات المحلية لمكونات اللجنة الوطنية لهيكلة لجان محلية لدعم الحراك الشعبي بالمغرب، في أفق تنظيم ندوة في الثاني من يونيو المقبل، من أجل «تسليط الضوء على وضعية الحقوق والحريات بالبلاد، وتحضير كتاب أبيض يرصد كل الخروقات والتجاوزات المتعلقة بواقع المملكة». وقال العلمي لحروني، عضو اللجنة الوطنية لدعم الحراكات الشعبية، إن «التنظيمات اليسارية والديمقراطية المشاركة في المبادرة قررت مواصلة برنامجها عبر وقفات احتجاجية في مختلف مدن المغرب، حيث يُتَوَقَّعُ أن تُنَظَّمَ الوقفات بكل من تمارة والرباط والبيضاء وورززات، وغيرها من المدن؛ وذلك من أجل صون الحراك والدفاع عنه أمام القمع الذي طال مناضليه، والمحاكمات الجاهزة التي يحاكمون بها.» وأضاف لحروني، في تصريح لصحيفة «هسبريس» الإلكترونية، أن «الحراكات الاجتماعية بالمغرب كانت سلمية، وانتهت باعتقالات تعسفية في صفوف أعضائها، في تجسيد لتغول السلطة التي قضت على احتجاجات أميضر والريف وجرادة وأوطاط الحاج وفم الحصن»، موجها التحية إلى «المعتقلين في السجون على صمودهم، وإلى العائلات على وحدة صفهم». وأكد المتحدث أن «الوقفات دعت إليها التنظيمات التقدمية الديمقراطية، ولن تعرف مشاركة أطراف أخرى»، في إشارة إلى «جماعة العدل والإحسان» الإسلامية المحظورة، مبرزاً أن التنسيق جرى بين تنظيمات فيدرالية اليسار الديمقراطي والنهج الديمقراطي، و»أطاك» المغرب، والجمعية المغربية لحقوق الانسان، والاتحاد المغربي للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل.