من يقف وراء إغفال احتياجات النساء والفتيات المهاجرات
ظاهرة العنف الجنسي أصبحت شائعة بمراكز إيواء المهاجرين، والنساء والفتيات أكثر عرضة للخطر بشكل خاص.
تعتبر قضية الهجرة وحركة انتقال البشر الهامة، نقطة تحول كبيرة تعيد تشكيل المشهد العالمي، وأورد صندوق الأمم المتحدة الأسباب التي تجعل الهجرة مصدر قلق خطير للنساء والفتيات، مشيرا إلى أن النساء والفتيات يمثلن ما يقرب من نصف المهاجرين، وتزداد هجرة المرأة بمفردها أو كربة لأسرتها.
وتكون بعض هذه الانتقالات مدفوعة بالصراع، وتم ترحيل عدد كبير من الأشخاص قسرا من منازلهم. ويُقدر بأن ما يقرب من نصف عدد كل اللاجئين هم من النساء. كما تشكل النساء والفتيات نسبة كبيرة من المهاجرين نتيجة لأسباب اقتصادية حيث يمثلن الغالبية العظمى من جميع العاملين المنزليين المهاجريين.
يقدر عدد المهاجرين حول العالم بمليار شخص، أي واحد من بين كل سبعة أشخاص، وبينما يُسرع صانعو السياسات لفهم الكيفية التي تؤثر بها هذه الانتقالات الجماعية على المجتمعات والاقتصاديات والأمن والاستدامة، فإن احتياجات النساء والفتيات يتم إغفالها، بحسب تقرير حديث لصندوق الأمم المتحدة للسكان.
كما أن هناك زيادة في عدد النساء اللواتي يهاجرن بمفردهن أو كربات لأسرهن، ويمثل هذا الاتجاه فرصة مهمة لاستقلالهن الاقتصادي ولتمكينهن. إلا أن المهاجرات يواجهن مخاطر كبرى، من بينها الاستغلال الجنسي والاتجار والعنف. وأكدت تقارير حديثة أن جميع المهاجرين عرضة للانتهاك والاستغلال، إلا أن المهاجرات النساء يكن عرضة للخطر بشكل خاص. وتمثل النساء والفتيات 71 بالمئة من جميع ضحايا الاتجار بالبشر، وفقا لتقرير صادر في 2016 عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
ووفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن ظاهرة العنف الجنسي شائعة بمراكز إيواء المهاجرين. ووقالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في تقرير لها مؤخرا، إنها تلقت معلومات عن أكثر من 600 من ضحايا العنف الجنسي في مخيمات اللاجئين. وحثت المفوضية الحكومة اليونانية على الحد من الاكتظاظ، وتحسين الظروف المعيشية في مخيمات ومراكز إيواء اللاجئين.
وأفاد مجلس اللاجئين الإيطالي، في بيان أن “الاضطهاد والعنف القائمين على التمييز الجنسي يشكلان انتهاكا خطيرا غالبا ما يؤثر على النساء، وهناك سيدات كن عرضة للعنف بسبب المعتقدات والثقافات المنتشرة في بلادهن الأصلية، حيث سقطن ضحايا للزواج الإجباري والعنف المحلي والاغتصاب وتشويه الأعضاء التناسلية، وعلى الرغم من التحسن الملموس في القانون وإجراءاته إلا أن المشكلة لا تزال قائمة ويتم التعامل معها بأدوات غير مناسبة”.
وأشار صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أن النساء والفتيات يواجهن أوجه ضعف إضافية عندما يدفعهن الصراع أو الكوارث الطبيعية إلى النزوح. وتعني الفوضى وانهيار نظم الحماية أن يُقدم مرتكبو الانتهاكات على الإساءة بينما يفلتون من العقاب، كما يزيد النقص في أماكن الإيواء والتكدس الشديد في المخيمات وافتقار المراحيض العامة للإضاءة الكافية من خطر العنف القائم على النوع، بما في ذلك العنف الجنسي.
جميع المهاجرين عرضة للانتهاك والاستغلال إلا أن النساء المهاجرات يكن عرضة للخطر والإضدهاد بشكل خاص
وأضاف أن الأسر التي تمر بصعوبات شديدة تتبنى آليات للتأقلم تهدد رفاهية النساء والفتيات أيضا. فعلى سبيل المثال توصلت دراسة أجريت بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أن زواج الأطفال يحدث بمعدلات مقلقة بين بعض الفئات المستضعفة من اللاجئين السوريين.
وعندما تحدث الانتهاكات، تفتقر النساء والفتيات المهاجرات إلى الموارد وأنظمة الدعم والمعرفة لالتماس المساعدة. كما تواجه النساء المهاجرات تمييزا مضاعفا – كنساء وكمهاجرات، حيث تشكل العنصرية والخوف والكراهية تجاه الأجانب مصدرا للقلق الخطير أينما تحدث الهجرة على نطاق واسع، وتتزايد المشاعر المعادية للمهاجرين في الكثير من البلدان. وكثيرا ما تظهر في وسائل الإعلام صور سلبية للمهاجرين واللاجئين، فيما يندر أن يذكر الإعلام المكاسب التي يجلبها المهاجرون كمساهماتهم الاقتصادية. ويمكن أن تلقى النساء والفتيات معاناة مضاعفة من هذه التوجهات، فلا يقتصر الأمر على تعرضهن للتمييز المبني على وضعهن كمهاجرات، بل يمتد للتمييز ضدهن بناء على نوعهن الاجتماعي.
وأفاد أن هذا الأمر يمكن أن يأخذ شكل التمييز وإساءة المعاملة – بما في ذلك التحرش الجنسي – في مكان العمل، وأثناء البحث عن المسكن، وأثناء استخدام وسائل النقل العامة وأثناء الحصول على التعليم والخدمات الصحية.
ولفت الصندوق إلى أن النساء لا يتوقفن عن الحمل أثناء انتقالهن، ومن المرجح أن تكون العديد من المهاجرات حوامل بالفعل أو سيصبحن حوامل، وقد تفتقد النساء أثناء السفر أو في خضم فوضى النزوح الحصول على الرعاية الخاصة بالصحة الإنجابية، بما في ذلك تنظيم الأسرة وخدمات ما قبل الولادة ورعاية الولادة الآمنة.
وقد يؤدي النقص في هذه الخدمات إلى الموت، ففي واقع الأمر يعد ذلك واحدا من الأسباب الرئيسية المؤدية للوفاة والمرض والإعاقة بين النساء والفتيات النازحات ممن هن في سن الإنجاب.
ومع هذا، فالهجرة قد تكون هي أفضل خيار بالنسبة لامرأة حامل تعيش في ظل إحدى الأزمات، خاصة إذا كان انعدام الأمن أو انهيار النظام الصحي يشكل تهديدا لحياتها في بلدها، بحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان.
ونبه صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أن النساء والفتيات المهاجرات أكثر عرضة للمشكلات الصحية – سواء أثناء الانتقال أو في جهات مقصدهن. وحتى بعد أن تصل المهاجرات إلى جهات مقصدهن، فإنهن يواصلن مواجهة العقبات أمام حصولهن على الرعاية الصحية، خاصة خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، وقد تواجه المهاجرات المولودات في الخارج مخاطر أعلى بكثير بالتعرض لإصابات ووفيات الأمهات مقارنة بالنساء المولودات في موطنهن كما يواجهن ارتفاع مخاطر الإصابة بعدوى نقص المناعة والتعرض للصدمات النفسية والعنف.
وأشار إلى أن المطاف ينتهي بغالبية المهاجرين الدوليين إلى السكن بالمدن حيث قد يواجهون عقبات تحول دون حصولهم على رعاية الصحة الجنسية والإنجابية، بما في ذلك ارتفاع التكلفة والتكدس وصعوبة الانتقال والمسكن غير الآمن.