أويحيى يفشل في بيع خطاب الحكومة للرأي العام
استمرار الغموض بشأن مشروع الولاية الخامسة لبوتفليقة، والأطباء الجزائريون يتهمون رئيس الحكومة بتأليب الرأي العام ضدهم.
أويحيى يذكي الأزمة الاجتماعية
عجز أحمد أويحيى رئيس الحكومة عن تمرير رسائل السلطة إلى الجزائريين، خاصة في ظل حالة الغليان الاجتماعي والغموض السياسي الذي يخيم على البلاد في السنوات الأخيرة.
وظهر أويحيى خلال ندوة صحافية السبت، رهين التجاذبات الحادة بين أركان السلطة، حيث اكتفى بـ”الترحيب باستمرار الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في السلطة”، في اشارة إلى تصاعد دعوات الترشيح لولاية رئاسية خامسة، ولم يتبن موقفا حاسما كما فعل خصمه في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، جمال ولد عباس المبادر بالعهدة الخامسة.
وتكرس حالة التردد وضع أويحيى الهش في معادلة السلطة، وتبقي الاستفهامات مطروحة حول موقفه من الاستحقاق الرئاسي، وما يترتب عليه من تبعات، رغم إفلاته في التعديل الحكومي الأخير من التنحية.
ورغم نفيه لوجود أي خلاف بين الحكومة ومؤسسة الرئاسة، وتأكيده على ثقة الرئيس بوتفليقة في شخصه، من خلال إبقائه على رأس الحكومة في التعديل الوزاري الأخير، إلا أن أويحيى لم يقدم تبريرات عن خلفيات تواريه عن الأنظار في الأحداث الأخيرة، ولا عن الغياب الواضح للتنسيق بين مواقف وتصريحات وزراء حكومته في عدد من الملفات والقضايا.
رئيس الحكومة الجزائرية يتغاضى عن تقصير السلطة في مجال الصحة ويحمل الأطباء المضربين مسؤولية تردي الوضع الصحي
ولفت إلى أن بعض الدوائر السياسية والإعلامية عملت على الضغط عليه وبث الشائعات، رغم أنها تدرك أن مسألة تعيين أو تنحية رئيس الحكومة هي من صلاحيات رئيس الجمهورية وحده، في إشارة إلى حزب جبهة التحرير.
ودافع أويحيى بشدة عن حكومته للرد على اتهامات أطلقتها المعارضة السياسية، حول “غيابها عن الميدان وعدم تفاعلها مع الحراك الاجتماعي المتنامي في البلاد، وحتى عن الحادث المأساوي للطائرة العسكرية المنكوبة، حيث شدد على تعاطي وزارة الدفاع الوطني مع الحادث ومع الرأي العام” ومع أسر الضحايا.
ولم تسلم الحكومة من انتقادات الطبقة السياسية خاصة بعد غيابها عن حادث الطائرة المأساوي، أو عن تبعات أحداث العنف الرياضي وضحايا التقلبات الجوية الأخيرة، حيث أفضت مباراة كرة قدم بمدينة قسنطينة إلى سقوط ضحايا والعشرات من الجرحى، كما أدت التقلبات الجوية إلى وفاة أربعة أشخاص وتسجيل خسائر جسيمة.
ولقيت تصريحات أويحيى المتعلقة بقطاع الصحة استهجانا واسعا لدى الأطباء الذين اتهموه بمغالطة الرأي العام.
واتهم القيادي في التنسيقية المستقلة للأطباء المقيمين محمد طايلب، رئيس الحكومة بممارسة التحريض الضمني عليهم، وتقديم معلومات مغلوطة للرأي العام حول الوضع الحقيقي لقطاع الصحة في البلاد، بالعمل على تجاوز الحقائق الميدانية، وفشل الحكومة في النهوض بالقطاع ومعالجة مشاكله المادية والبشرية.
وأكد أن “أحمد أويحيى ما زال متمسكا بمواقفه الحزبية والرسمية، وجدد رفضه للمطالب الاجتماعية والمهنية الشرعية المرفوعة منذ عدة أشهر، مع تبرئة حكومته من الوضع الذي آل إليه القطاع في السنوات الأخيرة”.
وكان أويحيى في ندوة صحفية قد حمّل الحركة الاحتجاجية والإضرابات التي يشنها منذ عدة أشهر الأطباء المقيمون مسؤولية الوضع الذي يعيشه قطاع الصحة، ودافع عما أسماه مصالح الدولة وحقوق المواطنين في العلاج والخدمات الصحية في مختلف ربوع البلاد.
ولفت إلى أن المشاورات والحوار مستمران بين الحكومة وفئة الأطباء، من أجل التوصل إلى أرضية توافق بين الطرفين، وأن وزارة الصحة لم تغلق أبواب الحوار، بهدف إنهاء حالة الانسداد والعودة إلى الوضع الطبيعي.
وأضاف “الخدمة العسكرية واجب وطني لجميع أبناء الشعب بمن فيهم الأطباء، والحكومة قدمت ضمانات للمعنيين، بخصم فترة الخدمة العسكرية من فترة الخدمة المدنية، ولو تم التنازل عنها لشلت الخدمات الصحية في مناطق الجنوب والصحراء”.
وهو التصريح الذي رد عليه قيادي تنسيقية الأطباء المقيمين، بالقول “شلل الخدمات الصحية في الجنوب والمناطق الصحراوية سببه الافتقاد إلى الإمكانيات والمرافق والتجهيزات وليس (الافتقاد إلى) العنصر البشري، لأن الطواقم الطبية متوفرة”.
واعتبر أن سكان الجنوب ليسوا جزائريين من الدرجة الثانية، حتى يستفيدوا من الخدمات الصحية والعلاجية، بواسطة الخدمة المدنية، ومن حقهم كغيرهم من الجزائريين الاستفادة من المرافق والإمكانيات المادية والبشرية كما هو الشأن في باقي ربوع البلاد.
وأضاف “رئيس الوزراء ما زال يمارس الخطاب الشعبوي، لأن الأطباء المقيمين لم يطلبوا الإعفاء من الخدمة العسكرية كما روج له في الندوة الصحفية، بل طالبوا بمراعاة بعض الحالات الاستثنائية، كما هو الشأن بالنسبة للفئات الاجتماعية والمهنية الأخرى”. وشدد على أن المعنيين ينتظرون تكفلا حكوميا بالمشاكل والانشغالات المرفوعة، وليس تصريحات صحفية متحاملة، تنطوي على رسائل تحريضية للرأي العام على الأطباء المقيمين.