المغرب يضع بعثة المينورسو أمام مسؤولياتها تجاه تجاوزات البوليساريو
البعثة الأممية إلى الصحراء المغربية مطالبة بالرد على التساؤلات حول مدى حيادها ومصداقيتها في التعاطي مع تحركات البوليساريو.
ضرورة الالتزام بالمصداقية
يستعد مجلس الأمن الدولي لإصدار تقريره حول الصحراء المغربية نهاية الشهر الجاري، إذ يدرس المجلس حاليا كل المسالك التي اتخذها الملف خاصة بعد التطورات الأخيرة التي تنذر بتصعيد عسكري محتمل.
وقدم كولين ستيوارت، رئيس البعثة الأممية إلى الصحراء (مينورسو)، تقريرا إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تضمّن معاينة البعثة لتوغل جبهة البوليساريو الانفصالية في المنطقة العازلة. كما تناول التقرير ما أسفرت عنه لقاءات ستيوارت مع مسؤولين مغاربة بالإضافة إلى نتائج زيارته الأخيرة لمخيمات تندوف.
ويأتي تقرير رئيس بعثة مينورسو بالتزامن مع توتر صامت مع المغرب بعدما قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الأسبوع الماضي، أن بعثة مينورسو “لم تلحظ أي تحرك لعناصر عسكرية في المنطقة الشمالية- الشرقية”. وأكد دوجاريك أن “مينورسو تتابع مراقبة الوضع عن كثب”.
ويرى مراقبون أن البعثة الأممية إلى الصحراء المغربية مطالبة بالرد على التساؤلات حول مدى حيادها ومصداقيتها والتزامها بالمعايير المهنية، في التعاطي مع تحركات بوليساريو التي كشفتها الرباط بالأدلة القاطعة.
ويقول متابعون لملف الصحراء بأن المينورسو تشكل عبئا على المغرب ويتوجب رحيلها عن الأراضي المغربية، مادامت لا تلتزم بمهامها المرسومة لها من قبل الأمم المتحدة.
وكان ستيوارت، عند حلوله بتندوف، قد كتب في سجل التعازي اثر وفاة ممثل البوليساريو في الأمم المتحدة أحمد البخاري واصفا إياه بـ”السفير”. وهو أمر لم تستسغه الرباط باعتبار أن هذه الصفة تنطبق فقط على ممثلي الدول الشرعية، وليس جبهة انفصالية لا تتوفر على عناصر الدولة.
وبلغ التوتر بين الرباط والمينورسو أوجه عندما رفعت البعثة الأممية تقريرا إلى الأمم المتحدة تؤكد من خلاله أنها “لم تلحظ أي تحركات لعناصر عسكرية تابعة للبوليساريو”.
وردا على ذلك جاء “إعلان العيون”، الذي أصدرته أحزاب وأعيان وشيوخ الأقاليم الصحراوية هذا الأسبوع، منبها الأمم المتحدة إلى ضرورة عدم التساهل مع هذه التصرفات الاستفزازية والتعامل معها بما تفرضه مسؤولية صيانة الأمن والاستقرار.
وكان غوتيريس قد عيّن الدبلوماسي الكندي كولين ستيوارت، في مايو الماضي، على رأس البعثة الأممية المكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار في الصحراء بعدما تصاعد الخلاف بين الرباط والرئيسة السابقة لبعثة المينورسو كيم بولدوك. وكان لبولدوك محاولات عديدة تهدف لتغيير قواعد وأعراف التزام البعثة بمظاهر السيادة المغربية.
وأعلنت المملكة المغربية تقليص بعثة المينورسو المتواجدة بجنوب البلاد، في العام 2016، بترحيل 84 من العناصر المدنية التابعة لها. وجاء هذا القرار بعد رصد المغرب “تورط عناصر من بعثة المينورسو في العديد من الممارسات التي تخرج عن إطار مهمتهم الأممية”.
تحليل الخرائط التي التقطها القمر الاصطناعي المغربي يؤكد دخول عناصر مسلحة ومركبات تابعة للبوليساريو إلى الشريط العازل، إضافة إلى إنشاء خنادق ومنشآت في تجاوز واضح لاتفاق وقف إطلاق النار
وأكدت وزارة الخارجية المغربية على امتلاكها لمعطيات تؤكد بأن هذه العناصر كانت وراء العديد من التقارير وحشد البعض من الأطراف في الأمم المتحدة ضد المغرب.
وانتهت الأزمة بين الطرفين عمليا في أبريل 2017، بعدما سمح المغرب لآخر دفعة من الموظفين المطرودين بالعودة إلى مدينة العيون في الجنوب.
وورد في النقطة 52 من مسودة التقرير الذي قدمه الأمين العام لمجلس الأمن، مؤخرا، أن المغرب أكد على أن ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء تقتصر أساسا على وقف إطلاق النار والرصد ودعم عملية إزالة الألغام ومساعدة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إجراءات بناء الثقة بعد انقطاعها في العام 2014. كما تؤكد المسودة على أن المغرب لم يوافق على أي أنشطة خارج نطاق مراقبة حقوق الإنسان أو التفاعل مع السكان المحليين لإعداد التقارير السياسية.
ويعتبر ترتيب المسؤوليات من طرف مجلس الأمن حول ما جرى في المنطقة العازلة من مطالب الرباط، إضافة إلى تشديده على ضرورة التزام بعثة المينورسو بقدر كاف من الحياد والمهنية في أداء مهامهاوالتحلي بروح المسؤولية ومراقبة اختراق اتفاق إطلاق النار وعدم المساس بالوضع الجغرافي والديمغرافي للمنطقة.
وفي هذا السياق، قال سعدالدين العثماني رئيس الحكومة المغربية خلال افتتاحه الاجتماع الأسبوعي للمجلس الحكومي الخميس إن “المغرب سيبقى صارما في الدفاع عن حقوقه وعن سيادته في المنطقة العازلة التي يجب أن تبقى منطقة عازلة حقيقة”.
وورد في قرار مجلس الأمن رقم 2351، الصادر في العام 2017، بأن الأزمة في المنطقة العازلة في الكركـرات تـثير مسـائل أساسـية تتعلق بوقف إطلاق النار والاتفاقات ذات الصلة. كما تضمن القرار الأممي التعبير عن القلق إزاء حالات انتهاك الاتفاقات.
وتواترت استفزازات البوليساريو في الفترة الأخيرة في المنطقة العازلة في تيفاريتي وبئر الحلو والكركرات، مما دفع القوات المسلحة الملكية إلى رفع درجة استنفارها دفاعا عن الأمن القومي المغربي.
ويؤكد تحليل الخرائط التي التقطها القمر الاصطناعي المغربي دخول عناصر مسلحة ومركبات ومعدات تابعة لجبهة بوليساريو إلى الشريط العازل، إضافة إلى إنشاء خنادق جديدة ومنشآت وتعزيزات بشرية في تجاوز واضح لاتفاق وقف إطلاق النار